سلمى الزيدي ..
الكثير من الناس يتصور ان معركة الطف في كربلاء المقدسة، بين الإمام الحسين وأهل بيته وثلة من أصحابهِ ومن الجهة الأخرى جيش الطاغية يزيد و اتباعه، هي معركة حدثت من أجل الصراع على السلطة والحكم والنفوذ.
ابداً لم تكن كذلك..
ومن خلال ١٤٠٠ عام تقريباً وكل البحوث المستفيضة، لم تستطيع أن تدرك الهدف والأهداف الحقيقة لأنها اكبر من تصورات وعقول البشر.
لماذا نقول اكبر من تصورات وعقول البشر؟ لأنها كانت بإرادة وتخطيط الآهي متقن، وكأنها مسرحية تمت كتابة السيناريو لها في السماء، وقام بإخراجها (رسول الله) ونفذها على أرض الواقع الإمام (الحسين عليه السلام)، حيث رسم ملحمة متكاملة وأَكمل أهدافها وغاياتها بالتضحية والشهادة.
حين قال الإمام الحسين(ع) ((اني لم اخرج اشرا ولا بطرا ولا ظالماً ولا مفسداً إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي رسول الله، آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر وأَسير بسيرة جدي رسول الله)).
وهنا أشار الحسين(ع) الى امرين مهمين جداً ربما أهميتها اكثر من غيرها، وهما الإصلاح والسير بسيرة رسول الله، وهي الغاية والهدف المنشود بعدما انحرفت الامة عن سيرة رسول الله، وتغلغل الفساد في جميع مفاصل المجتمع، كان إلزاما على الإمام الحسين(ع) ان ينفذ امر السماء، وينفذ ما كتب له بالسيناريو وهو التصدي للفساد والمفسدين، وإِعادة قطار الإسلام إلى السكة الصحيحة بعد أَن عجز الجميع وتخاذل عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،
فكشف عن رأسهِ وجرد سيفه وبين أهداف ثورته، أَلا وهي الإصلاح بما فسد من أمور المسلمين.
ويعتبر الإمام الحسين بعد هذه الثورة هو المجدد لدين جده، وديمومة بقاء الدين صافياً نقياً كما اراده الله ورسوله، والتخلص من كل الشوائب والبدع التي علقت بالمجتمع من ظلم الظالمين ومن عبث الفاسدين.
ان الرسالة التي حملها الإمام الحسين(ع) لا تقل اهمية عن رسالةِ الأنبياء والرسل، حيث أن كل الأنبياء والرسل بعثوا بتكليف من السماء وان الإمام الحسين كانت ثورته بأمر من السماء، لتثبيت وديمومة خاتمة الاديان ليستمر الدين الإسلامي حتى قيام الساعة، بعد ما قال الله في محكم كتابه المبين..
((ان الدين عند الله الإسلام))
وبعد ما انحرف المسلمين وابتعدوا عن دين الله وهم اخر الأمم وآخر الاديان، امر الله رسوله ان يعد ولده الحسين لهذه المهمة، لتصحيح مسار الامة بعده.
اذاً الحسين إن صح التعبير هو تصحيح لجميع الاديان السماوية، ولم يتخاذل بتنفيذ امر السماء حتى قال قوله المشهور..
((إن كان دين محمد لا يستقم إلا بقتلي فيا سيوف خذيني))
فاستجاب ونفذ امر السماء بعزيمة وإصرار كما نفذه جده (اسماعيل) عندما أمره ابوه ان يذبحه، وكان دمه ثورة تتجدد على مدى العصور والأزمنة ضد الظلم والظالمين، بحيث الغي كثيرا من المعتقدات التي تقول بانتصار الأغلبية، وان الموت هو النهاية، وان خسران المعركة هو الهزيمة، وانه الوحيد هو غريب ليس له رأي، فأثبت العكس وانتصر رغم قلة عدده وناصريه، ومات ليخلد مدى الدهر..
وخسر المعركة عسكرياً لينتصر معنوياً، وقارع الجيوش المدججة بالأسلحة بقلة العدة والعدد
حتى أصبح نبراساً يستضاء به، ودرساً للإنسانية وعنواناً للتحرر وثورة ضد الظلم والظالمين.
ولم يكن الحسين حكراً على دين او قومية او مذهب، بل هو شعاع للإنسانية اضاء العالم بأسره.
ومثلما الإمام الحسين(ع) اكمل مسيرة جده رسول الله، فقد اكمل ثورة الحسين اخته ورفيقة دربه وبطلت الإعلام، تلك الاعلامية الذي رافقته في مسيرته من المدينة حتى استشهاده، فأشعلت سراج الثورة من جديد بثورة اعلامية غير مسبوقة! وفضحت نوايا بني امية الخبيثة، وأوضحت أهداف ثورة الإمام الحسين النبيلة.
فضحت بزيد وأعوانه وحولت الهزيمة العسكرية الي نصر ساحق، وهيجت الشارع وأشعلت النار في قلوب المحبين، حتى أسقطت عروش دولتهم فكانت متممة للثورة الإلآهية، هكذا أصبحت هذه المسرحية تعرض لمده ١٤٠٠ عام وتستمر الي يوم القيامة، نستذكر فيها كل القيم والمبادئ وينهل منها كل احرار الأرض.
فالسلام على الحسين
وعلى علي بن الحسين
وعلى اولاد الحسين
وعلى أصحاب الحسين
السلام على سيدة الإعلام وسليلة البيت المحمدي
ام المصائب زينب الكبرى بنت أمير المؤمنين..
ـــــــــــــ
https://telegram.me/buratha