كوثر العزاوي ||
وبعض الأماني مؤجلة، وهي في الواقع مخبأة في خزانة الغيب، مدّخرة لصاحبها تأتي على هيئة ملاك يأخذ بيدك حيث حلم يكاد يطويه الزمن، وعلى حين غرة بعد مخاض عسير مشفوع بصبر جميل ورضًا وتسليم، تمتد يدٌ بيضاء كأنها اللجين البراق يزيدها العقيق توهّجًا لتنعش الحلم الذي عاش معي منذ سنين عجاف، إذ طال زمن الشوق حتى بَسطَتْ يدُ ملاكي آخذة بيدي لنمشي الهوينا في طريق ياحسين {نجف - كربلاء} مع قافلة العشق صوب كعبتهِ والقباب،إذ طال أمدُ هذه الأمنية بغياب الشفيق، و"طريق ياحسين" ذو النفحات الملكوتية، لاشك أنها تقتضي رحلةَ وفاءٍ تجوب أفقٍ تتجلى فيه البصيرة ونقيّ الروح ليتحوّل المسير إلى زادٍ وعذبٍ فرات، يروي جدب الأرواح، كي تتّسع المساحة لأبعاد متعددة، يهيم معها العقل سارحًا في لطف الله، مداعبًا الوجدان فيربض عند كل محطةِ تأمّل!! ليكتشف إنّ مَثَلَ ماتحقّق لا محالة خاضع لمبدأ التعويض الذي يسري حتى في معاملة الحقّ للمعصومين"عليهم السلام" وكيف أن الربّ الرؤوف قد عَوّض الحسين "عليه السلام"بقتله:
{أن جَعلَ الشفاء في تربته، والإجابة تحت قبته، والأئمة من نسله}فالاعتقاد بمبدأ التعويض بعد مرّ الصبر والعطاء، إنما يخّففُ على العبد معاناة فقدانِ بعض النعم، والحرمان من هِباتها، وهي تأتي متناسبة مع شدة البلاء وعِظَمِ المصاب، كما أنها وسيلة لكي يحيا العبد حقيقة العشق الملكوتي، فإذا عشِقَ العاشق مرادَهُ الحقيقي
استغنى عن الوسيلة وذاب في الحقيقة كُلِها، فإن حصل العوض عاجلًا، فالشكر حاصل بيقين، وإن كان آجلًا فالصبر موفور حتى حين!
أمّا الرؤوف الرحيم في عالم العرش، فكُل شيءٍ عندهُ بمقدار، ولهُ عناية بالمؤمنين في مقابل عنايتهِ بالوجود، فكلّ المخلوقات من مجرّات وذرّات وأفلاك في كفة، والمؤمن في كفة أخرى،
فعن الإمام العسكري"عليه السلام": {ما من بليّة إلّا ولله فيها نعمة تحيط بها}
لذا لزم على المؤمن الصبر والرضا،
فالتعويض لاريب أنّهُ حاصل ، عاجلًا أو آجلًا، وما عند الله خير وأبقى.
١٧-صفر ١٤٤٤هج
١٤-٩-٢٠٢٢م