مالك العظماوي ||
ونحن نطوي صفحة الزيارة الأربعينة لهذا العام الذي وِفق فيها من وِفق، وزاغ عنها من زاغ، ونعلن إصرارنا على الإستعداد للزيارة القادمة إذا كتبنا الله تعالى من الباقين في هذه الدنيا، وإن توفانا فهو أرأف بنا من أنفسنا.
ولكن، المعذرة والإعتذار من الله عزّ وجلّ أولا، ثم من الإمام صاحب العصر والزمان ثانياً، ثم من إخوتنا الزوار الإيرانيين الأكارم ثالثاً. فلا تشكرونا على واجبنا من إكرام الضيف، وواجب الضيافة، فوالله كل ما قدمناه هو شيء يسير أمام تضحية أبي الشهداء عليه السلام، وليس بمنةٍ على أحد، بل الله يمن علينا إذ جعل مرقد إبن بنت نبيه صلى الله عليه وآله وسلم بين ظهرانينا، بل نحن نشكركم على مشاركتكم وتحملكم عناء السفر وما لاقيتم من النصب والتعب خلال مسيرتكم بإتجاه كربلاء الشهادة والإباء. ونعتذر لكم من كل عمل أو تصرف لسفيهٍ من سفهائنا، فالأرض لا تخلو من السفاء قط. فوالله نعلم أنكم لم يأتِ بكم إلى هنا، إلا نار الشوق لزيارة الحبيب وابن الحبيب، ومواساةً للطيبة ابنة الأطياب بطلة كربلاء، نعم إنها نار العشق المتقدة في القلوب، ولوعة الفراق الذي طال الإنتظار معه، ليطل علينا صاحب الغرّة الحميدة، المنقذ الوحيد، الذي سيأخذ لنا بثأر جده (روحي وأرواح العالمين لتراب مقدمه الفداء).
فلا تؤاخذونا - أيها الإخوة الإيرانيون - بما يفعل السفهاء منا، فلا الباذل منا ماله ووقته وحياته في الحسين وآل الحسين بذي منةٍ عليكم، ولا المتجني على نفسه وعلى القضية الحسينية وعلينا نحن العراقيين بضاركم شيئاً. فبالله أقسم صادقاً، لو علم هؤلاء السفاء أن الإساءة إلى زائري الحسين عليه السلام، هي بمثابة حرب على الله ورسوله وذريته، لدفنوا أنفسهم أحياء. فنحن نخاطبهم عليهم السلام بقولنا: "إني حرب لمن حاربكم، وسلم لمن سالمكم" وهؤلاء أيضاً يرددون معنا، لكنهم أغواهم الشيطان، وآتبعوا هوى النفس الأمارة بالسوء، وآنتصروا لأسيادهم الذين أمروهم بالإساءة لكم. فإننا والله بُرَآءُ منهم ومما صنعوا ومما يفعلون، وآعلموا فنحن وإياكم مشتركون بالأذى من هؤلاء، ويسيؤون لنا كما أساؤا لكم، وينعتوننا بأقذع الألفاظ وأسوأ الصفات والألقاب، ويخونوننا في أعراضنا وأوطاننا، ويتهموننا بالعمالة، والذيلية التبعية لكم، ونحن صابرون محتسبون كل هذا الأذى عند الله سبحانه، وعند أمامنا الحسين الشهيد عليه السلام.
لذا، فنحن نقدم لله ولكم الإعتذار عما بدر من هؤلاء الذين يدّعون أنهم أتباع أهل البيت، وأهل البيت منهم براء، ويدعون الوطنية وهم لا يفقهون شيئاً عنها، ويعتقدون أن الحدود هي ميزان المواطنة الصالحة وبوصلة الوطنيين، ولم يعلموا، بل أنهم نسوا بأن محمداً صلى الله عليه وآله وسلم، قال: "لا فرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى" وقال موجهاً كلامه لسلمان المحمدي: "سلمان منا أهل البيت". ولم يدر بخلدهم، إننا مع كل تابع لآل بيت النبي صلى الله عليه وآله أينما كان، وفي أي وطن حلّ، وكنا وسنبقى إلى الأبد حاملين شعار: "حرب لمن حاربكم وسلم لمن سالمكم" إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فإنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
ـــــــــــــ
https://telegram.me/buratha