المحامي الخادم عبد الحسين الظالمي ||
ليس الكرم وحده والا الاعداد الغفيرة التي تميز زيارة الاربعين كل عام وخصوصا ان الزيارة في تزايد سنوي ولم تتوقف حتى في احراج الاوقات
التي عاش فيها العالم حبس الانفاس على اثر جائحة كورونا فقد ازدحم الزوار في ظاهرة غريبة
وتحدي يصعب تصورة في الوقت الذي كان يخاف المرء من امه وابيه وصاحبته وبنيه ، ازدحم الزوار في مرقد الحسين واخيه ابا الفضل وكان الكل يتوقع ان ذلك سوف يؤدي الى كارثه كبرى بعد مرور خمسة ايام من نهاية الزيارة ولكن شىء لم يحدث ومضت الامور عاديه امام ذهول خبراء الصحة اذ لم يتغير الموقف الوبائي للجا ئحة في العراق انذاك ، وقد فات الكل ان هناك انفاس سماوية هي التي تعطر وتعقم الانفاس .
قد تتميز الزيارة بالكرم والسخاء والعطاء الذي يبذله العراقيون خدمتا للحسين وقد تتميز كذلك في تزايد الاعداد سنويا بحيث اصبحت الزيارة
خارج القياسات العاديه كل ذلك يمكن تصورة
ولكن الشىء الذي لم يتم التركيز علية
هو ان هكذا تجمعات غفيرة من البشر وفي حالة من الصعوبة والمشقة خصوصا مع ارتفاع درجات حرارة الجو اذ بلغت ٥٠ درجه في منتصف النهار
كل هذا الزخم وكل هذا الجهد وطول المسافة فلم تسجل حالة تشنج واحدة يعتد بها بين الزوار انفسهم او بين الزائر
والخدام والاجهزة الساندة الاخرى طيلة فترة المسير الذي يمتد الى اكثر من عشرة ايام ومع ان المنطق يقول ان في هكذا اوضاع تزداد حالات الشد والعصبية نتيجة الانهاك والتعب ونقص النوم رغم ذلك تبقى سمة التسامح والتراحم هي الطاغية على المشهد من اول نقطة من المسير الى اخر نقطة وهي الضريح الطاهر والسوال من الذي انزل السكينة والاطمئنان على نفوس هذه الملاين ، كيف يمكن تصور اجتماع ملاين من البشر مع اختلاف الامزجة
بدون ادنى عملية احتكاك رغم وجود المحرضين على ذلك والذي بائت مساعيهم بالفشل والخذلان من الذي وحد القلوب وانزل الرحمة على نفوس هذه الملاين ؟ هل حقا هي انفاس
سبط الرسول ام انفاس اسماوية تغشي اجواء المسير ؟ سالت احد المختصين في الامن في احد القواطع كم عدد الحالات المسجله لديكم في قاطعكم من تشاجر او عراك بين هذه الملاين التي مرت من هنا ؟ كان جوابه مذهلا اذ قال اذا اقول لك لم تسجل لدينا اي حادثة على الاطلاق
سوى كم حادثة فقدان اشخاص لذويهم فقط !
سبحان الله كيف يعقل ذلك من البشر وهو في
اشد حالات الارهاق والتعب والتي غالبا ما يصاحبها شد عصبي وتغير في المزاج
كيف يمكن تصور انسان يخدم اربع وعشرين ساعه بدون ان يصدر منه اي ملل او تضجر
او نفرزه ؟ كم اتمنى ان تستمر زيارة الاربعين
٣٦٥ يوم ولا نحتاج لشىء فكل ما نحتاجه في هذه الحياة هذا السكون والاطمنان
والتسامح والعطاء في سبيل ارضاء الاخر ! هذا العطاء والبذل الذي فاق التصور فكل عطاء يسبقه حساب او يتبعه حساب او ندم او ربما تفكير لماذا ؟ الا في هذه القضية تتمنى لو تملك الدنيا لتنفقها ماهو السر ؟.
عند كل واحد منا قصة يرويها عن هذه الزيارة
تعجز الالف المجلدات عن تدوينها قصص ومعاجز ربما يعجز عقل المؤمن من اداركها ناهيك عن المغرض الذي يجحد ذلك تكابرا .
القضية اكبر بكثير من حدودها المادية من حيث العدد والتفاصيل والحدود وكل مايجري فيها .
مايراد من هذه الشعيرة اكبر مما تتصوره عقولنا القاصرة لان الدماء التي سفكت من اجلها لايمكن ان تحد بالحدود المادية ولايمكن ان يكون العطاء لا بمستوى (ان كان هذا يرضيك فخذ حتى ترضى ) فاعطاء العاشق والمعشوق لاحدود له
وبذلك يصمت الكلام ويجف القلم فكل ذلك اقل من يدرك (حتى ترضى ).
ــــــــــــ
https://telegram.me/buratha