عباس زينل ||
نحن مدينون لك بالشكر الجزيل الكثير؛ لأنك رافقتنا طول المسير، في الليل والنهار، في الطرقات في المواكب في البيوت، كنت الأمان والاطمئنان، ومجرد رؤيتك وأنت ترفرف كنا نشعر بأننا في أمان تام، حتى الأجانب إذ رأيتهم وهم يحملونك على الأكتاف، وعندما سألتهم عن الأسباب؛ كأنهم يقولون علمونا في أوطاننا لو أردتم الأمان في العراق؛ فعليكم براية الحشد الأحرار، هذه الراية تحميكم من شر الاشرار ومخططات الاعراب، فعلًا فمجرد حملها يبعث رسالة للآخرين، بأن حامل هذه الراية تحت ظلها وحمايتها.
في الحقيقة لم يذكر التأريخ بأن المظلومين والمضطهدين من الشيعة في العراق؛ تعلقوا بعلم العراق كمثل هذا التعلق بعلم الحشد، مع جل إحترامي وتبجيلي لعلم العراق؛ فالحكومات على مر التأريخ لم تدعنا يومًا نتعلق بالعلم، ولاسيما العلم ذو النجوم الثلاث، فكانوا يقتلوننا وهم حامليها كرتبة على أكتافهم، او يبعثوننا إلى الموت؛ ونحن حاملين العلم بغضًا وكراهية، ولم يذكر بأننا حاربنا من أجله يومًا، فحتى وعندما كنا نقتل في الجبهات المغصوبة ظلمًا، ويأتون بجثتنا لأهالينا ويغطون جنائزنا بالأعلام؛ فكانت مجرد إعلام حكومية للتأثير على الرأي العالمي العام، ولكي تتغنى قنواتهم بشهادتي وذكرهم لجنازتي مجرد رقمًا، إلا أنه يشهد ربي لم أكن أريد الموت يومًا تحت وصايتهم وأوامرهم، ولم أفتخر بذلك العلم يومًا.
جاء الحشد وعالج المعاناة هذه وضمد تلك الجراحات، فعندما ترك الجيش العراقي في الموصل علمه كما تركه في الكويت وقبله في إيران؛ كان ذلك الهروب واقعي لان الجيش آنذاك لم يكن يملك العقيدة القتالية، كان جيشا متأسسا تحت وقع الخوف والقوة، فجاء الحشد وأسند ظهر الجيش، وجعله يفتخر بالدفاع عن أرضه ودينه وعرضه، جعله يؤمن بأن الدفاع مقدس فعلًا، كان هذا الإيمان طبيعيًا؛ عندما رأوا الحشد يقاتل بتلك العقيدة والروح والشجاعة والإيمان، يقاتل طوعًا وبفتوى ديني جهادي كفائي، لم يكن هناك احد يستلم مبلغًا مقابل دفاعه، ولم يكونوا يملكوا الآليات العسكرية والطائرات والأسلحة والعتاد، كانوا يملكون سلاحًا واحدًا، وهو سلاح العقيدة، فلذا المظلومين والمضطهدين وبطبيعة بيئتهم وتكوينهم؛ كانوا أقرب لهذه القوة العقائدية، وكان تعلقهم الواقعي والمنطقي بالقوة هذه ورايتها البيضاء ناتج عن هذا السبب.
وستبقى هذه الراية خفاقة في يمين الغيارى، ولن تسقط إلى ان يأتي اليوم الذي تسلم فيه بيد الحجة المنتظر، صاحب الراية قائد وإمام زماننا أرواحنا لتراب مقدمه فداء.