رسول حسن نجم ||
عندما سُجن السيد الخميني قدس سره في سجون ايران ، وفي احدى المرات زاره أحد المقربين من الشاه ناصحا إياه بترك السياسة كونها تعتمد على الكذب والدجل والنفاق وغيرها من الصفات المتقاطعة مع أخلاقيات الدين الإسلامي! فبيّن له السيد بأن هذه سياستكم أنتم! وليست سياسة المسلم الذي يتخذ من الإسلام وأخلاقياته فكرا ومنهجا.
في الدول المتبنية للمنهج الديمقراطي تتنافس الأحزاب فيما بينها في تقديم الخدمات لشعوبهم على أرض الواقع ، وأيِّهم يستطيع تقديم أفضل خدمة هو الذي يفوز بثقتهم ويمنحوه أصواتهم ويكون هو أقرب إليهم من غيره ، ولذلك نرى تقلص العشرات من الأحزاب في هذه الدول ليبرز فيها حزبين كبيرين أو ثلاثة وتحتدم المنافسة بينها قبل يوم الاقتراع ، وعند ظهور النتائج يهدأ الجميع ليشكل الحزب الفائز الحكومة التي تعكف على تنفيذ برنامجها الذي وعدت به شعبها ، ويشكل الباقين المعارضة التي تقف بالمرصاد لأي هفوة أو زلة من الحكومة لتصحيحها وسط إرتياح شعبي كبير وبسلاسة عالية.
في العراق الجريح استُخدِمت الديمقراطية أبشع إستخدام وبدل أن تتقلص الأحزاب الى حزبين أوثلاثة كبيرة يستطيع واحد أو إثنين منها على تشكيل الحكومة ، نراها تمددت الى العشرات وتشتت الاصوات فيما بينها في ظل عدم وجود الوعي للناخبين وعدم وجود الثقة لأغلبية العراقيين بحزب معين يمنحوه إياها وذلك بسبب إن العراقيين لم يروا تطبيق لبرنامج أي حزب على أرض الواقع في تقديم أبسط متطلبات العيش الكريم من فرصة عمل أو سكن أو تعليم رصين أو مستشفى بدل هذه المسالخ ، فلاتوفير للكهرباء او الماء الصالح للشرب.
بدأت المشاكل بالتراكم وبدأت الثقة بالأحزاب تتراجع أكثر فأكثر تحت ضغوط خارجية وداخلية ، حتى أفرزت لنا إنتخابات تشرين ولادة مشوهة لبرلمان مشلول تم إخضاعه لعمليات تجميل كبرى بعد أن أُريقت حوله دماء دفع الشعب ضريبتها . اليوم وبعد تشكيل إئتلاف ادارة الدولة ينظر العراقيون بحذر شديد عما سيؤول اليه الأمر ونرجوا أن يكون إلى خير ، لكن المخاوف تأتي من المفاجآت الشخصية لبعض السياسيين وآخرها إستقالة الحلبوسي التي لايمكننا أن نضعها في باب التضحية بالمنصب من أجل العراق لما عرفناه من أغلب المتصدين للشأن السياسي من أنهم لايتنازلون عن شيء لصالح العراق بل يتنازلون للحصول على مغنم شخصي أكبر بغض النظر عن المصلحة العامة ، لأن السياسة كما يراها البعض هي حرب المصالح الفئوية المبنية على الكذب والدجل والنفاق التي ترَفّع عنها السيد روح الله قدس سره فوصلت ايران بعد أربعين سنة الى مصاف الدول العظمى النووية ، ووصلنا نحن بعد عشرين سنة الى دولة لاتملك حتى السيادة على أرضها ومقدراتها ، بل لم يجرُؤ رئيس وزراءها أن ينطق بكلمة حق في تحميل القوات الامريكية المحتلة دم الشهيدة زينب أو الشهيد المهندس في محفل دولي أُممي ، مكتفيا بنشر إنجازه الكبير في التنمية الإقتصادية برز (الوجبة) الحجري كما يسميها العراقيون الذي لاندري من أين جاءوا به فلاطعم ولارائحة ، وحمص (مطرور لايصير مرگ لافلافل لاقيمة) والى الله المشتكى.