زكي الساعدي ||
في ذكرى تشرين ٢٠٢٢
كان الارهاب في أخر انفاسهُ حينما فجرَ أحدهم جسدهُ النتن على طريق الحافلة التي كانت تنقل أبطال الجيش العراقي في طريق العودة إلى بغداد محملين بنشوة النصر ورغبة لقاء أهاليهم وفي عيونهم الوالدة الحنونه التي إنتظرت خمسين يوم من الفراق والزوجة التي لم يمضي عليها السنة والتي تحمل ببصيص الأمل الذي يتحرك باحشائها و ينوي الخروج من البحر اللجي الضيق واذا بهذه الحافلة تصبح محرقة للشباب وقتلت أحلامهم بفرحة لقاء أهاليهم.
كان أحدهم زوجها العشريني الشاب الذي لم يجد عملًا في بلدنا النفطي ولهذا لم يوقفه شيئا بأن يذهب ليدافع عن وحدة العراق من براثن الارهاب .
في أحدٍ الليالي جاء لزوجته طيفاً وبدى عليه ملامح الحزن وكأنه يعلم بحالِ والدهِ المكسور وأمهُ الثكلى التي لم تجفْ دموعها حتى بانَ الماء الأبيض فيها وكأنها يعلم أن معاملة إستحقاق عائلته كلفتهم الكثير وأذلت زوجتهُ .
جاء في المنام بأجمل هيئة ببدلتهِ العسكرية والعطر نفسهُ ونبراتهُ تحمل شوقا للحبيبة التي لم يراها عندما ولدت ولا يعرف ماذا وضعت أولد أم بنت لان رحيلهُ كان سريعا ..
تكلمهُ الحبيبه أين تركتني أيها الخالد لم يبقى في البيت الا عطرُ فوق ملابس أشمها من حين لأخر وتبللها دموعي أين أنت كم أحتاجك وفي قلبي لهيب لم تطفئه المقل الذابلة .
أين انت إبنتك تحمل ملامح وجهكْ الذي لن انساهُ ابداً وأراكَ في فراشي وأتذكرك كلما وضعت القهوة َفي فنجاني .. اينَ انت لقد حطمت كياني وأمسيت ضعيفة بغيابك وضيعت عنواني ..
يقول لست وحدي أيتها الحبيبة فقد رحلت مع قافلة كبيرة من الشباب الذين فرحين بما آتاهم الله من فضله .
وجدت أيضا أخوة خرجوا للاصلاح فاتتهم رصاصات أزهقت أرواحهم ..
كان أحدهم صبيا وآخر شاب بان على وجههِ بانه لم يرى من الحياة شيئاً ومن ملابسه بدى انه طالباً ..
لا أعلم ما السبب الذي على آثرهِ فارق أمه وإخوته وأصدقائه كان أحد الذين طالبوا بوطن في تشرين …
ورأيت عائلة بأكملها حرقت بلا سبب كانو يتبضعون للاحتفال بالعيد..
واخرين قاتلو لأجل الوطن وياترى ماذا حل بالوطن ؟
قلت له الوطن هو الوطن كما تركته آيها الشهيد تتكالب عليه المحن وقوافل الشهداء تمضي وقاتليهم أحرار وذوي الشهداء مستضعفين وابنائهم مشردين وكأن ثمن الشهادة الروح والأهل..
هنا اغرورقت عيناهُ فضمَ زوجته و ضلوعها تهتز من البكاء حتى وضعتْ للحلمَ نهاية .
هنا ذكرت قصة الزوجة على مسؤول.
قال لي وهو يتبجح بدماء الشهداء : أتمنى أن أرى تمثالاً لكلّ شهيد …
قلت له : وأنا أتمنى أن ارى شارعاً نظيفاً يمشي عليه ابن الشهيد ونظاماً صحياً متقدّماً يعالجه ونظاماً أمنياً رصيناً يحميه واقتصاداً قوياً للعيش بكرامiة.
وقانوناً يكفل له الحياة والحريّة..
فان كان اكرام الميّت دفنه فإكرام الحيّ منحه حياةً يستحقها ..
ــــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha