عباس زينل ||
أعظم مغالطة زرعوها في عقل الشباب العراقي؛ بأنهم سيتخلصون من الأحزاب من خلال احتجاجات تشرين، هذه الفكرة تطرف كبير بصبغة الحرية والديمقراطية، فلو أن قادة ومن هم في واجهة تشرين، يملكون الفكر الواعي الكافي لإدارة وقيادة البلد؛ لما تسلحوا بهذه الفكرة الخاطئة ولما حاولوا إيصالها للشباب المغرر بهم.
فلو تحدثنا عن الأحزاب وبغض النظر عن سلبياتهم وإيجابياتهم، فلسنا بصدد هذه النقطة، فإن المجتمع العراقي مجتمع متنوع ذو طوائف وأديان مختلفة وعديدة، ليست كل قومية تريد ممثلين لهم في الحكومة وفقط؛ بل الطوائف الصغيرة من الأقليات أصبحت تريد ممثلين لهم، وهذا في المفهوم الديمقراطي حق شرعي كفله الدستور العراقي.
اذن لا أفهم أنت كيف بمجرد تذمرك من الفساد في البلد؛ يجعلك تطالب بإقصاء ومحو جميع هذه الأحزاب، متناسيا بذلك الملايين من الشعب الذين قصدوا صناديق الاقتراع؛ لاختيار ممثلين لهم من المرشحين في عملية أسموها بالعرس الانتخابي، حيث هؤلاء المرشحين المختارين من قبل الشعب نفسه هم عناصر هذه الأحزاب.
في الفقرات أعلاها تحدثنا عن تمثيل هذه الأحزاب للشعب بطريقة رسمية وشرعية، هذا ولم نعرج على موضوع مهم أكثر أهمية من التمثيل الرسمي والشرعي نفسه، آلا وهو تجذر هذه الأحزاب وتثبيت نفسها بقوة، الامر الذي يجعلني لا أفهم لما لا تعترف الأحزاب نفسها بقوة بعض، وكيف نريد من المواطن البسيط فهم هذه النقطة، لنأتي بمثال عن الواقع السياسي والاوضاع الأخيرة، لا اعلم كيف لتيار كبير مثل التيار الصدري، والذي كان عنصرًا رئيسيًا في جميع الحكومات السابقة والحالية، والذي يعلم جيدًا بقوة وتعمق وتجذر قوى الإطار؛ يطالب او يستخدم ورقة الشارع لإقصاء الإطار، هذا الامر من المحال ولو كان سهل
المنال؛ لنجحت إمريكا والخليج في ذلك عندما استخدموا الشارع بعنوان تشرين، حيث العراق في تأريخه لم يشهد إحتجاجات قوية ضد السلطة الحاكمة، بقوة تشرين ولم ينجحوا في إبعاد وإقصاء هذه الأحزاب، اذن كيف ينجح التيار في ذلك وهو شريك أساسي وحليف دائم كان لهذه الأحزاب.
التغيير في العراق يتطلب أن تكون ناجحًا وتتعمق في الأحزاب، وتنخر جسدهم وتبدأ في التغيير من داخلهم، وتقوم بزرع العناصر الناجحة وتغيير الأفكار الكلاسيكية القديمة، والقوانين الروتينية المملة والمعول بها سابقًا، وفكرة تكوين حزب جديد ومحاربتهم أيضًا فكرة فاشلة، وأول من فشل بها مع كثر إدعائهم بأنهم سوف ينجحون ويجابهون هذه الأحزاب؛ هو حزب امتداد الناتج من احتجاجات تشرين، حيث أول تجربة لهم في البرلمان، صوتوا لرئيس البرلمان السابق في الحكومة السابقة، في الحكومة التي إدعوا فيها بأنها قمعتهم؛ ورئيس برلمانها هو نفسه الذي صوتوا عليه من أجل التجديد.
الأحزاب أصبحوا من واقعنا ومفروض علينا في كل الأحوال، ولا أبالغ إن قلت بأن الشعب العراقي بنسبة كبيرة متحزب، وهذا المصطلح ليس بالمعيب لا زالت هناك انتخابات، ولا زال الشعب يختار ممثليهم من الأحزاب في هذه الانتخابات.
https://telegram.me/buratha