علي عنبر السعدي ||
ست أمم وشعوب لاتحصى– في العراق وعليه .
فوضى المصطلح ومحنة المفردة ،حين يساء استخدامها ،تساهم بإرباك العقل وتشوش الجانب المعرفي ،بما له من انعكاسات سلبية ،تتراكم لتقطع شوطاً في تجزئة المجتمع وايقاع المزيد من الكراهية .
لقد درج كتاب مواقع التواصل وضيوف الفضائيات ،على استحضار كلمتي (الشعب ) والأمة) لوصف المتظاهرين أو الفئات التي يميلون اليها .
الشعب كمفردة سياسية ،تعني الأكثرية من السكان ،ولايتم استخدامها في الدول الديمقراطية ،الا بعد فوز حزب أو قوى سياسية ،بأصوات الأكثرية التي تؤهله لاستلام السلطة ديمقراطياً ،فيما تحتفظ المعارضة بأسماء أحزابها ، الى أن تصبح أكثرية .
أما في الأنظمة الشمولية ،فيحتكر الحاكم (الشامل ) حق استخدام مصطلح الشعب بشكل حصري ، الا لمن سمح له تحت وصايته – كالقضاة والاعلاميين وكبار الموظفين - .
أما الأمة ،فهي المكونات السكانية داخل دولة ، وهذا ينطبق على الأمم السياسية المتحققة فعلاً ، ولايشترط في الأمة أن تكون من قومية أو طائفة أو ديانة واحدة ، أمة متجانسة ومتساوية في الحقوق والواجبات وتستند الى دستور أساس وقوانين سارية .
أما الأمم الايديولوجية ،وشعاراتها السياسية ،فهي امم افتراضية تستخدم مجازاً ،كالقول بالأمة العربية التي استخدمها البعث والقوميون ،أو الامّة الكوردية ،وسواها ، وهذه (الأمم ) تقفز من الواقع المجتمعي ،الى الصيغة السياسية .
لكن في العراق ، انُتهك المصطلحان معاً ،فالشعب مازال يستخدم بعقلية الحاكم الأوحد والانظمة الشمولية ،ولم يتطور الى واقعه الديمقراطي الذي يعني (الأكثرية ) وبالتالي يكون ذا محتوى سياسي فعلي ، ولايصادر حسب الرغبات .
أما الامّة ،فبالإضافة الى الامم الافتراضية الثلاث : العربية – الاسلامية – الكوردية (*) أحتوى المصطلح الذي درج استخدامه ،أمماً أخرى : أمّة تشرين – أمّة الصدرين – أمّة الحشد .
مؤيدو كل من هذه (( الأمم )) يعتقدون ان اطلاق هذا المصطلح عليها ،هو نوع من التشريف وزيادة في الأهمية والتعبير عن التقدير ، من دون ادراك ان شيوع مثل هذا الاستخدام ،يساهم في بعثرة حقيقة الأمّة العراقية ، وهي الامة الوحيدة المتحققة ،التي تحمل جدوى استخدام مصطلح الأمة ،لأنها تحوي كل شروطها ،أما الاستخدام الأقرب الى الصواب ،فهو (مجتمع ) بدل أمّة ، بافتراض ان هذه التسميات ،تحمل توجهات سياسية ومشاعر شخصية محددة تجاه من يؤيدونهم ،فيقال مثلاً (مجتمع الحشد) أو ( المجتمع الصدري ) وهكذا .
(*) على هذا المعيار ،كان ينبغي ان تضاف الامتان التركمانية ،والكلدو اشورية .
المفارقة في وقت يطلق على بلد يحوي مئات اللغات والاثنيات والمعتقدات ،وعدد ملياري من السكان (الأمّة الهندية) ،يجزء العراق الى امم وشعوب .
ــــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha