عباس زينل ||
بكل بساطة الشعب أكثر شعب لا يعرف مصلحته أين، شعب لم يفهم ويقدر ماذا يعني أن تكون رئيسًا للوزراء بعد سقوط النظام الصدامي مباشرة؛ وتواجه الارهاب الوهابي الذي قرر إبادة الشيعة ، وتدير قيادة شعب خرج من سلطة نظام بعثي قاسٍ وظالم ومتجبر ومتعجرف.
شعب لم يفهم ما معنى أن تكون حزبًا شيعيًا وترأس الحكومة؛ والعالم كله ضدك سواء في الداخل أو في الخارج، دول تدعم وتمول الارهاب ويتفننون بطرق إبادتك، لم يفهموا أن تكون رئيسًا وجميع دول الجوار العربية منها؛ يبيحون قتلك في منابرهم وبفتاوى وخطب دينية، لم يفهموا ماذا يعني في ذلك الوقت ممثلي السنة في الحكم وهم ارهابين رسميًا، وكانوا يدعون ذلك بل يتفاخرون بارهابهم، وكانوا يرونه طريقة لإرجاع الحكم السني، مع أن المناصب كانت متوزعة للجميع حسب الانتخابات.
شعب لا يريد رئيس وزراء يكون قويًا يملك رؤية بناء الدولة المؤسساتية الحقيقية، ولا يريد ان يرى بنى تحتية متطورة على غرار الدول المتقدمة، كأن يبني لك مجمعات سكنية ضخمة، وملاعب دولية أحسن من ملاعب الخليج، شعب لم يفهم ما معنى الكل واجه المالكي، الشيعة قبل السنة والأكراد؛ مجرد لأنه أراد تقوية الجيش وبقية القوات الأمنية وتسليحهم وتدريبهم أقوى ما يمكن، شعب لم يفهم ماذا يعني ان يرسلون لك تنظيمًا ارهابيا متطرفًا داعشيا، لكي يسقطون حكومتك ويرفعون راياتهم في كربلاء والنجف، لم يفهموا ماذا يعني ان يذبحون من اهلك وناسك 1700 شخص كالنعاج، ثم يتهمونك بأنك انت السبب في ذلك، لم يفهموا ماذا يعني ان تواجه جميع هذه وتصمد.
شعب لم يفهم ماذا يعني ان تنتصر على داعش، وتخرج بقوة جديدة تحفظ لك هيبتك ووحدتك وسيادتك بعنوان الحشد الشعبي، ثم بعد أقل من سنة يخرجون ضدك بمظاهرات عارمة بعنوان "نريد وطن"، شعب لا يريد منك الذهاب إلى الصين، لإبرام إتفاقيات عملاقة تغير الواقع العراقي بشكل كبير، ولا يريد منك عقد إتفاقية مع الشركات الألمانية من أجل الكهرباء، والذي لطالما تباكوا وخرجوا مظاهرات من أجلها.
إنه شعب بكل بساطة يريد حاكم، يجتمع مع الأطراف؛ على انه لا يميز بينهم وقريب من الكل، ثم يواعدهم بتوزيع قطع أراضية لهم، بأكبر خدعة تاريخية سميت بمشروع "داري"، شعب يريد حاكما يقول لهم سوف أوفر لكم الكهرباء في الصيف القادم، وذلك بالربط مع السعودية وبسعة 500 ميكاواط، والتي لا تلبي احتياج منطقة سكنية صغيرة.
شعب يقاد بالعقل الجمعي، ويكتفي بالسخرية بتفاعله مع القضايا المهمة، يتركون اللب ويتمسكون بالقشرة، لم يفهموا ماذا يعني أنهم وبعد قرون طويلة من الظلم والاستبداد، على أيدي الأنظمة القمعية وبكل مسمياتها، يشاركون الحكم مع المكونات الاخرى، ويمارسون طقوسهم بكل حرية وديمقراطية، الشعب ترك جميع هذه الأمور وتمسك بقول بأن السياسيين يسرقون، أعطوني نظام في العالم لا يضم سراق، السارق يسرق حتى لو كان في نظام او جيش أعظم خلق الله، تركوا محمدًا النبي عندما أمرهم بالبقاء في جبل احد، ونزلوا يبحثون عن غنائم وبمرأى النبي، لسنا في موقع التبرير للنظام سرقته وفساده، ولكن بالتالي هذه القضايا ثانوية مقارنة بالوضع العالمي والإقليمي، والوضع الشيعي داخل العراق، ولاسيما المحاربة الآن لم على الخارج فقط، ولا على الأحزاب السنية والكردية كما في بداية النظام الجديد، بل خلقوا من داخل المجتمع الشيعي ند وظيفته محاربة الأحزاب الشيعية، حتى وإن إدعوا العمل النيابي الرقابي، فعملهم يقتصر بمتابعة الأحزاب الشيعية، وبالأخص الأحزاب القريبة من إيران على حد قولهم.
إذن لو كان الشعب واعيًا بما يحصل في الساحة العالمية والإقليمية، ويقارن الوضع الشيعي في العراق والمنطقة بما يحصل في تلك الساحات؛ لكان يفهم بأن الموضوع اكبر من قصة سياسي عراقي يسرق، لأننا وبسبب هذا التخبط والتشتيت نملك نظاما متهالكًا، لا يستقوي على على محاربة السراق، لان الشعب في وادي وبناء نظام قوي في وادي آخر، لو تلاحظون هذا النظام لم يحظ بدعم شعبي قط، بسبب أدلجة الشعب على محاربته لكون هناك سراق، وكما أنهم لحد الآن لا يميزون بين النظام والحكومة، فالحكومات تأتي وتذهب اما الدولة فقد جاءت وحفظت بدماء، وحتى المرجعية في النجف لم تدعوا يومًا لإسقاط النظام، مع أنها بفتوى واحدة تقضي عليه، بل دائمًا ومن خلال خطب الجمعة وفتاويها تدعى إلى محاربة الفساد والفاسدين، في قمة تشرين وبخروج وضغط الملايين على النظام؛ فالمرجعية لم تدعو ابدا لإسقاط النظام المرجعية متمسكة بالمنظومة الشيعية، ولكنها تنصحهم بمحاربة الفساد، والشعب يحب التشتت ويعيشه الان مع الحكومة الحالية.
https://telegram.me/buratha