كوثر العزاوي ||
لقد حارت الأقلام الحرة الغيورة حقّا! أيّ الظواهر الأسوء التي تغزو المجتمع اليوم حتى تتناولها أقلام الكتّاب والباحثين لتضعها تحت مجهر النقد والأنتقاد، عسى أن تخرج بما يُسعف المجتمع بعد التردّي الحاصل! وفي كل يوم بِدعة أو ظاهرة سلوكية تطرحها سوق التفاهة بضاعة كاسدة! حتى أصبحت نظامًا اجتماعيًا تسيطر عليه طبقة من الأشخاص التافهين تقابلهم مكافأة الوضاعة والسفالة بكثرة الإعجاب والتداول والإعادة في مصانع الهبوط الاخلاقي بإشراف وتنفيذ أولئك صنّاع التفاهة، تحت عنوان الفنّ تارة، وإعداد شريحة الفاشلين والمنفصمين شخصيًا تارة أخرى،!
وبذلك ترى الضخ المرئي والمسموع
لمحترفي النزق السلوكي يكتسحون عالَم التواصل الاجتماعي!! فلا النقد بات نافعًا ولا الإنتقاد علاجًا ناجعًا ولا الاستنكار ولا الثورة ولاحتى التصريح بفضحهم وإهانتهم يجدي نفعًا أو يُسهِم في ردعهم! لأن مثل هذه الشريحة بمسمّى إنسان، بدأت تتحوّل تدريجيًّا من أناس طائشين تافهين إلى موظفين أَجيرين "مرتزقة" عند غيرهم من قتلة الإنسانية ومَاحِقي الفضيلة في عالم البشر، إذ ليس لهم دور إيجابيّ هادف،أولئك كالأنعام بل اضلّ..ولعلّ البهيمة أنفع منهم وهي تؤدي دورها وفق ماقرّر لها الخالق"عزوجل" بعد أن أُلهِمَت معرفة الحدود الخاصة بها!! أما أولئك أشباه البشر، فقد تَنزّلوا إلى مستوى الأنعام وقد كرّمهم الله حتى إن أحدهم ليستطيع الارتقاء إلى مستوى الملائكة لو أراد هو ذلك، لكنه تسافل باختياره حتى هبط إلى دَرك البهيمية بما يتناسب ورغباته وأهوائه، عندما أصبح خادمًا ذليلًا مرابطًا في مصنع التفاهة والحماقة،
ولايُجيد سواها، كما أراد له ذلك الاستكبار وانطلَت عليه الحيلة، ليتولى ترويج ونشر منتجات التفاهة وسُخْفِ المواهب الهابطة، والأنكى، أنه يظنّ قد حقق النجاح وأثبت قيمة ذاته وهي تقوده إلى البروز والشهرة والاضواء، وجحافل المتابعين والمشجعين الإمّعات تدفع به بضغطة إعجاب وتعليق نحو الزهو والغفلة لتضاعف له النشوة حدّ الثمالة، ويحسب أنه أصبح من المشاهير بذلك الكمّ من الإنحطاط والإنحراف والوضاعة وضياع الهوية!!
{أُولَٰئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَىٰ فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ} البقرة١٦
ولعلنا لانبالغ، لو سلّمنا أنّ عالَم التفاهة ومن يقفون وراءه بالدعم والتأييد وضخ الإعلام الأتفه، وسرعة النشر والتداول، إنما هو رهان يهدف الى تهديم حِصن القيم وبعثرة المعتقَدات وتخريبها والتشويش على الثقافات وإفساد نقاوة الأعراف الأصيلة، ثم الوصول الى جعل الحياة فوضى بلا ضوابط ولا موانع بهدف الحيلولة دون تطبيق قوانين السماء والتعتيم على التعاليم الدينية، والدفع بالمجتمع إلى الطاعة والانقياد الأعمى خلف بارق الأضواء والتزيين وتيسير الوصول إلى المال والشهرة لإقناع الجيل بفكرةٍ هي بلا شك من وَحي الشيطان:
{أن لاشيء في الحياة يستحق الجهد والتفكير والبحث والدراسة كي تصل أيها الشباب ونحن في ظل التكنلوجيا الحديثة!! فأنت أيها الإنسان حرّ وتستطيع أن تكون مشهورًا غنيًا بأقصر الطرق وأيسر الوسائل، وبالتالي ليس هناك مايدعو لإضاعة متعة الاستمتاع بالحياة}!!
هكذا فعلت الحرب الناعمة وخدعة الديمقراطية باستخدامها أخطر وأخبث الاسلحة عبر غسل العقول لتغرس بذرة الانحلال بديلًا، كي تُفهِم المجتمع أنّ المسألة مسألة حريات شخصية حتى وإن كانت منتجات التفاهة تفقدك الذوق العام وتدفع بك إلى الحضيض فلا الاهل ولا العشيرة ولا الدين ولا القيم ولا الشرف كل تقييماتها ورؤيتها لايشكل مانعًا أو رادعًا من ضمير!!
وثمّة عامل مساعد أعطى هذه الحرب ثمارها في غياب القانون وعدم تقنين نوافذ البرامج الحديثة التي كسحت ريحها الصفراء منظومة القيم، وعطّلت جمال وبساطة الفطرة للمجتمع المسلم!!
ومابعد الحق الا الضلال والتدنّي والتسافل.
"اللهم عجل لوليك الفرج"
١٣ربيع الأول١٤٤٤هج
١١-١٠-٢٠٢٢م
ــــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha