إيمان عبد الرحمن الدشتي ||
هل نحن فعلا منتظرون؟!
تلهينا الحياة في معترك متطلباتها، وتشغل أفكارنا في كل حين، فلا يكاد ينتهي يومنا إلا وجلّ اهتمامنا امورنا المعاشية وما يستتبعه من اهتمامات بذلك اليوم وما بعده، ماذا سنعد من طعام، ومتى سنأكل؟ متى سننام، ومتى استيقاضنا؟ كم جنينا اليوم من أرباح، وكم ستكون في نهاية الشهر؟ نبالغ في ترتيب المنزل، نضيع أوقاتا طويلة بمسامرة الأصدقاء وفي مجالس البطالين، و...، وتأخذ كل هذه الأمور وغيرها من اهتمامنا أكثر مما تستحق، فلا نشغل أفكارنا بالأمر الأسمى، ننسى ان على عاتقنا مهمة كبرى وهي التهيؤ لنصرة إمامنا الموعود أرواحنا لتراب مقدمه الفداء.
ربما تلهج ألسنتنا ب(اللهم عجل لوليك الفرج) ولكن قلوبنا لاهية بامر آخر، ندّعي ان لنا عزيزا غائبا ثم لا نناجيه (أين استقرت بك النوى؟!) نزعم اننا مشتاقون إليه ثم لا نسأله (متى ترانا ونراك؟) نقول أننا منتظرون؛ ولا نعمل بما يقربنا من ظهوره، فأي إنتظار هذا؟!
لو سافر أحد متعلقينا لابقينا تفكيرنا مشغولا به، كيف هو الأن؟ هل انهى مهمته؟ متى سيعود؟ ...، ولكن! هل سألنا أنفسنا اين قلوبنا من بضعة بضعة المختار صلوات الله وسلامه عليهم؟ هل هو بخير؟ هل أكل أو شرب؟ هل هو في مكان آمن؟ كيف حاله مع أحوال الطقس المتقلبة؟ يا ترى هل آلمنا قلبه الشريف اليوم بذنب؟ كم تأذى بسبب حادث ألمَّ بمؤمن، أو إعتداء نال مستضعف؟ هل صحته على ما يرام ونحن نعلم أنه لازال يبكي دما بدل الدموع على جده سيد الشهداء عليه السلام؟
نستوحش أن غاب عنا أحبابنا، ولا نستشعر وحدة إمامنا لمئات السنين! فكيف لمحب أن ينسى حبيبه، وكيف لوالهٍ أن يُستطاب منامه ببعد من يحب؟!
إن مررنا بضائقة ندبناه، وإن كانت لنا حاجة قصدناه نتوسل إليه قضاءها، فلماذا في الرخاء لا نذكره وفي الشدة نتعلق باذيال عطفه؟!
ألم ينبئنا سلام الله عليه: (إنا غير مهملين لمراعاتكم، ولا ناسين لذكركم، ولو لا ذلك لنزل بكم اللأواء واصطلمكم الأعداء)؟ بحار الأنوار ج١٣ ص١٧٧، ألم يقل روحي فداه: (إنّا نحيط علما بأنبائكم، ولا يعزب عنّا شيء من أخباركم)؟ بحار الأنوار ج١٣ ص١٧٤، فلم لا نترك أمورنا لصاحب أمرنا؟.
كم خاطبنا جده صريع كربلاء عليه السلام: (يا ليتنا كنا معكم) وتمنينا زمانه الذي لم نُخلق به، فلم لا نقول لحفيده أننا معك يا إمام زماننا وقرة عيوننا وأننا رهن إشارتك؟!
نرى الحياة تزداد منغصاتها بسبب أئمة الكفر واشياع الضلالة يوما بعد آخر، نرى الدين قد تغير والقيم قد بُدلت وصار المعروف منكرا والمنكر معروفا، نرى الفاسد يدعي الإصلاح ويكافأ والمصلح يُحارَب ويستبدل، ولا منجد من هذا الحال إلا بقية الله أرواحنا فداه، فلم لا نلجأ إلى الله ونتضرع إليه لتعجيل فرج إمامنا؟
ألم يقل هو بأبي وأمي: (لو أن أشياعنا وفقهم الله لطاعته على إجتماع من القلوب في الوفاء بالعهد عليهم لما تأخر عنهم اليُمن بلقائنا ولتعجلت لهم السعادة بمشاهدتنا) بحار الأنوار ج٥٣ ص١٧٧، فلم لا نكون له عونا لتعجيل ظهوره الشريف، فأي سعادة نرجوها أفضل من لقائه؟!، بل أي عدل يرتجى غير عدله؟
من نعم الله علينا أننا نعيش في عصر الظهور الشريف الذي تمنوه ملايين المنتظرين الذين سبقونا ولم يدركوه، وقد اقترب أوان ظهوره عجل الله فرجه الشريف كما رووا أئمتنا صلوات الله وسلامه عليهم، فلم لا نستعد لذلك ونتسلح بالثقافة المهدوية، وننهل من ينابيعها الصافية، ونحيي بذلك بصائرنا؟ وننجوا في مواطن التمحيص والغربلة، فإن ادركنا أيامه فيا لسعادتنا، وإن حال بيننا وبينه الموت فنكون كمن كان في فسطاطه عليه السلام.
كفانا غفلة، وكفانا بعدا عن إمامنا المنتظر عجل الله فرجه، ولنخرج من شرنقة إتكالنا إلى فضاء التمهيد، ولا نركن أنفسنا عن اللحاق بشيعته وانصاره فيستبدل الله بنا غيرنا وذلك هو الخسران المبين.
ــــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha