تبارك الراضي ||
tabarak.radi1201e@copolicy.uobaghdad.edu.iq
إعتاد رؤساء الوزراء الذين تعاقبوا على الحكم في الفترة الأخيرة على إحالة فشلهم بإلقاء اللوم على التركة التي خلفها من سبقهم، صارفين نظر الناس عن تكالبهم على المنصب واستماتتهم من أجل تجديد الولاية لثانية وثالثة ورابعة لو كان بالإمكان. وإذا كانت هذه التركة عائقًا حقيقيًا ألا يفترض بقادة العراق تخفيض سقف طموحاتهم المتوقعة من محمد شياع السوداني؟! سيما وأن الرجل يحمل على عاتقه فضلًا عن تركات أقرانه السابقين، تحديات المرحلة ومخاطرها ومسؤولية الفرصة الأخيرة؟!.
على كل حال، أنا أدرك تمامًا مخاطر تحدي الولايات المتحدة الأميركية بالنسبة لأي رئيس وزراء. في الوقت ذاته، هذا لا يعفي السوداني أو غيره من تنفيذ أهم قرار بالنسبة لي وللمقاومة العراقية، خروج القوات الأجنبية من العراق هو القضية الأولى، مهما بلغ حجم التحدي المتعلق بكسب القواعد الشعبية، فقرار كهذا لا يتعلق فقط باغتيال قائد المقاومة ورمزها، ولا برجل له منصب حكومي، إنه متعلق بالسيادة العراقية، وعلى السوداني أن يعلم أن قرارًا كهذا ضروري لقلب الطاولة على منافسيه الذين يعزون صعوده لِلحظة حاجة أمريكية.
أفرز سعي الولايات المتحدة للسيطرة على القوى التعديلية في النظام الدولي لتبني استراتيجيات مختلفة، وبعيدًا عن حجم ووزن القوى التعديلية وإذا ما تحدثنا على صعيد الهيمنة الإقليمية، بالرغم من أهمية الشرق الأوسط في التفكير الاستراتيجي للولايات المتحدة، فأن الأخيرة لا تزال تهيمن عليه وقادرة على ضبط توازناته، في حين ما يتطلب توجيه الجهود نحوه هو تنامي النفوذ الصيني في المحيطين الهادئ والهندي، لمنع الصين من أن تصبح قوة مهيمنة في إقليمها، وقد لجأت الولايات المتحدة لتوازن التهديد هنا، وهو موضوع لسنا بصدد الحديث عنه ما دمنا نتحدث عن العراق. إن المسألة الأمنية التي أرهقت القوة العسكرية الأمريكية دفعت الولايات المتحدة لتقليص التواجد العسكري في الشرق الأوسط، لا سيما وأنه لا توجد قوة إقليمية قادرة على موازنة أو تحدي الهيمنة الأمريكية في هذه المنطقة، ولذا لجأت للتوازن من الخارج عبر تمكين الحلفاء للتعاطي مع ملفات المنطقة وحماية المصالح الأمريكية التي صارت محصورة (نحن هنا لما نحن من أجله وليس لما نحن ضده).
أنا هنا أدعو محمد شياع السوداني للاستثمار في هذه اللحظة التأريخية من عمر النظام الدولي، ومقايضة الملفات، فإذا نجح السوداني بحسن إدارة العلاقة مع واشنطن فقد قطع شوطًا طويلًا في استقرار النظام السياسي في العراق.
هذا الملف المهم والمؤثر ينبغي أن يحسن السوداني إختيار مستشاريه فيه.
ــــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha