راهن الكثير على تغير معادلة الوجود الشيعي في العراق، وتحويله من الاقطاب المتعددة إلى القطب الواحد، مهما كانت الاقطاب مرجعية، أو سياسية، أو اجتماعية. على مستوى القطب السياسي، فقد مارس الدور الاقليمي والدولي، على تحويل العراق إلى متحكم واحد في الوضع السياسي الراهن، وعد العدة له، ابتداءا من تزوير الانتخابات، ووضع له برنامج، وجعلوا من المكون الشيعي شخصية واحدة، وهكذا البيت السني، والمكون الكردي، لغاية واحدة هي السيطرة على القرار العراقي، سياسيا، واقتصاديا، واجتماعيا، ومن خلال الشخصيات الثلاث، يمرر المشروع الأمريكي الخليجي، بعلم أو دون علم، ومن خلالهم، يتم اقصاء الأطراف التي هي مناهضة للاحتلال الأمريكي. نعم الخطوة الأولى كانت تزوير الانتخابات، ومن ثم التحالف الثلاثي في البرلمان وتشكيل الحكومة والسيطرة على كل المؤسسات والوزارات، والخطوة الاخيرة، هي انهاء كل متبنيات الاحزاب التي اَريد اقصائها، والتي احدها هي الحشد الشعبي، وفصائل المقاومة، واخراج قوات الاحتلال الأمريكي. اما القطب الثاني ( المرجعية)، ويمتاز الشيعة بأن لهم مرجعيات متعددة وموحدة رغم اختلاف منهجها ومدارسها، وهذا التعدد والتوحد هو ما يميز البيت الشيعي، فالاصل في فقها وعلومها ثابت، ولكن هنا أيضا بدأ الدور الاقليمي والدولي، باللعب في المحاولة في تغيير فكرة الرجوع إلى المرجعية المعروفة، والاستعانة بدور آخر غير المرجعية واعطاء مساحة إعلامية كانت واضحة وجلية، لشخصية دينية ليست لها علاقة بالاجتهاد أو المرجعية، واصبحت تمارس دور المرجعية بحذافيرها ووصلت إلى درجة الافتاء، بل وحتى أصبحت تعطي شرعية بالقتل، وراح ضحيت هذا الأمر سقوط عدد من الشيعة بدون غطاء شرعي، وهذه سابقة خطيرة جدا، وأصبح القاتل والمقتول في النار على رأي المتمرجع. وفي المقابل أصدرت فتاوى من مراجع، لتحجيم هذا الدور اللامرجعي الذي حدث مؤخرا، وكان بيان السيد كاظم الحائري (دام ضله) واضح جدا، من كان يقصد وماذا كان يقصد. اما القطب الأخير ( الاجتماعي)، والذي بات واضحا في سيطرة جهة معينة في الشارع على افواه الناس، ولا يسلم من النقد الا اذا كان مؤيدا لها، وربما تعرض بعضهم إلى الضرب، لمجرد انه انتقد جهة أو شخصية معينة، وبدأت العشائر تنزل البيانات الرنانة والمؤيدة لتلك الجهة اما خوفا أو طمعا في المناصب التي سوف يجنيها من تلك الجهة بعد سيطرتها على زمام الأمور. كل ما تحدثنا عنه كان مرتب، وبتسلسل، وبحسب الادوار، وبدأت الأمور تتدرج تصاعديا للوصول الى الهدف المنشود، وهو السيطرة على القرار العراقي سياسيا، واقتصاديا، واجتماعيا، وجعل العراق بيد جهة واحدة، تسيطر على كل الدولة، وتقصي بقية الجهات السياسية، ليأتي في الآخر الدور الأمريكي للخلاص من تلك الجهة، لتبقى أمريكا هي سيدت العراق كما حصل في أول دخول لها إلى العراق في سنة 2003. وهنا جاءت صفعة القرن، عندما تم كشف المخطط، وتصدت لها الجهات التي أرادوا اقصائها من المشهد السياسي، وقلبوا المعادلة من خسارة مرتقبة، إلى انتصار واضح، وحدث العكس تماما، وتحول المشهد السياسي بالكامل إلى الجهات التي حاولوا اجتثاثها بالكامل. ومن كل الأحداث، باتت الأهداف والنوايا واضحة، وعلى الاطار أن يُحسن وضعه، ويرتب اوراقه بالشكل الصحيح، ويرد الجميل إلى الذين ساندوه وتكاتفوا معه، لانها المرحلة الأخيرة، أو الحكومة الشيعية الاخيرة، وان لا يفعلوا مثل ما فعل غيرهم، لان من عامل الناس بالمكر قابلوه بالغدر. فلا تتهاونوا ابدا في اصلاح المجتمع، وتوفير احتياجاته، والخلاص من الفساد والفاسدين، والا ستتحول الأمور مرة أخرى إلى صفقة القرن، لان هناك من يراقب وينتظر سقوطكم مرة أخرى، فأياكم والرجوع إلى المربع الأول، ولا يأخذكم الغرور بالانتصار، ونشوة الفوز.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha