مازن الولائي ||
ككل الشباب رؤوف يحرص على تلفونه الذي صار يمثل خزانه أسراره والخصوصيات التي لا يسمح للقريب من قلبه وروحه أن يمسكه يفتش به! وهذا أصبح عند الكل اناث وذكور رجال ونساء، لم يكن قد وضع لتلفونه النقال رمز وكان حرصه طبيعي على الموبايل في البيت وممكن لحظات يتركه على ميز الطعام أو الكنبة وهكذا، حتى لاحظ والده المعلم في مدرسة الرياحين المتوسطة ورؤوف في السادس الإعدادي من الطلبة الأذكياء والمواظبين على دروسهم، بعد فترة لفت نظر الأب حرص رؤوف على هاتفه وكثرت ساعات مسكه للهاتف وما يكاد تمر ساعة أو اقل إلا وينظر لهاتفه، والأب عينه على زوجته يؤشر لها بعينه يقول لها بصمت مال ولدنا تغيرت حاله فجأة وأصبح الموبابل لا يفارقه! هي الأخرى انشغل فكرها وصارت تخاف على مستواه العلمي! حتى قالت له في اليوم الثاني رؤوف ممكن اعرف آخر علامات دروسك بني؟! تعجب وقال لماذا امي؟! قالت أنا هكذا منذ أن كنت صغيرا إلا تذكر! شعرت بأنه احرج وهي اكتفت باحراجه وكأن ما تريد معرفته حصلت عليه.. فقالت لأبيه ما حصل معها، احزن هذا الفعل الأب وصار يفتش عن حل لمعرفة ما يجري لولده قبل فوات الأوان فاتفق مع شيخ تجتمع عنده أهل القرية في ليالي الجمعة ليسمعوا الوعظ والإرشاد همسا له قبل يوم عن مشكلات التلفونات التي صارت تغزوا شبابنا كلا الجنسين..
وفعلا حضر جمع كبير نساء ورجال وعائلة رؤوف امه وأبيه وأخته وهو، وبدأ الشيخ بالآية الكريمة ( يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ) غافر ١٩ .
اخواني هذه الآية خطرة جدا جدا وانذار كبير لنا، حيث ذهبت تلك الآية إلى أمور بالظاهر غير محسوسة ولا يمكن ملاحظتها من قبل البقية فهي حالة جدا خفية يشعر معها الإنسان بطمأنينة عدم الانكشاف! لكن الله الجبار المطلع يقول له لكنني على علم بتلك الهمسات اللطيفة والغير مرئية عند من يظن ذلك.. مهما كانت تلك العين التي تحاول الميل لشيء لا يحق لها ولو بطرف خفي أو تلك الهمسات التي يعج القلب بها وهو خلف جلد واضلاع وثياب! ومع ذلك يقول لنا الخالق وهذه أيضا أعلمها.. حالنا حال من وثق بهاتفه الذي فيه رمز وقد يكون على بصمة وجهه أو إصبعه وهكذا فهو يتصرف كأن لا احد بقادر على الإطلاع عليه، مع أن الفرص كثيرة لتهكيره ورؤية ما فيه! وهذا فرض تعالى معي الى يقين أن هناك من يعرف رمز كل هواتفنا وقد كل يوم أو لحظة يفتحها ليرى ما نخطه ونكتبه من مصائب وويلات نجامل ونمزح وقد نرتكب ذنوب وفضائح وقد نرسل صورا وفديوهات! وقد نرى ما لا يحق لنا رؤياه! وهذا المطلع كل ما نكتب تنزل عنده نسخة منا في ذاكرة هاتفه أو حاسبته الدقيقة بالشكل الغير قابل للنكران ولا المجاملة ( هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) الجاثية ٢٩.
اطرق الكثير وبدأت الحسرات تعصف في أذهان بعض الحاضرين، ومنهم رؤوف مسك هاتفه بقوة كناية عن التأسف وشعر الأب أن رسالة الشيخ وصلت حمد الله الذي هو سبب استقامتنا وتوجهنا نحوه اللهم لا تنسنا ذكرك..
وفي اليوم التالي وجد الأب الهاتف على ميز الطعام قد نسيه رؤوف وقد ألغى منه الرمز وقد وضع صورة وعليها الآية ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ) الطلاق ٢.
انضموا إلى قناتي التي لن تأخذكم إلى غير المسار المحترم، والنشر الهادف، وتنوع في المعارف والاطلالة المستمرة على محمور المقاو.مة وقضايا العقيدة التي كلفنا بأن نسعى كلنا إلى تحقيقها مع مشروع دولة الفقيه..
ـــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha