كوثر العزاوي ||
على الرغم من أنّ المرأة مظهر من مظاهر الجمال الإلهي، هي أيضا تستطيع كالرجل أن تنال جميع الكمالات الأخرى، وهذا لايعني أنها لا بد أن تخوض جميع ميادين الحياة كالحرب، والأعمال الشاقة مع قدرتها على ذلك، بل أنّ الله تعالى جعلها مكمِّلة للرجل، ولعلّ أسمى مصداق تألّق على سارية التاريخ ليثبت حقيقة المرأة الكاملة بعد الإنموذج الأكمل، هي السيدة عقيلة الطالبيين الحوراء زينب بعد أمها المعصومة سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء "عليهما السلام"، فلقد عاشت السيّدة زينب، قبل فاجعة الطف الأليمة ـ حوالي ستًا وخمسين سنة ، وكانت حياتها مليئة بالحوادث والوقائع والمستجدّات ، وكان لها دور مهم في جميع تلك الحوادث كأنسانة تمثّل الحكمة والمعرفة، وراويةٌ للحديث ومفسّرة للقرآن، كما امتازت بقوة الشخصيّة لتكون سيّدة موقف في أكثر من محطة من عمرها المبارك، وصاحبة كلمة وتأثير كما هي زعيمة دور رياديّ قياديّ لنساء أهل زمانها سيما المؤمنات منهن!
السيّدة زينب الكبرى، حقًا لايمكن لنا الإحاطة بحياتها كأمرأة قضت معظم حياتها في الستر والحجاب على قمة الفضيلة في زمن لم يطّلع على حياتها العائلية إلاّ أهلها وذووها
قال يحيى المازني: «كنت في جوار أمير المؤمنين"عليه السلام" في المدينة مدّة مديدة، وبالقرب من البيت الذي تسكنه"زينب" عليها السلام" فوالله ما رأيتُ لها شخصًا، ولا سمعتُ لها صوتًا، وكانت إذا أرادت الخروج لزيارة جدّها رسول الله"صلى الله عليه وآله" تخرج ليلاً، والحسن عن يمينها والحسين عن شمالها وأمير المؤمنين"عليه السلام" أمامها، فإذا قربت من القبر الشريف سبقها أمير المؤمنين"عليه السلام" فأخمد ضوء القناديل، فسأله الحسن "عليه السلام" مرّة عن ذلك، فقال "عليه السلام": أخشى أن ينظر أحد إلى شخص أُختك زينب»!
وحسبنا ماجاء في حقّها على ألسنة جهابذة العلم وأساطين المعرفة،
-وماقال ابن الأثير: «كانت زينب امرأة عاقلة لبيبة جزلة».
ـ قال السيّد محسن الأمين"قدس سره": «كانت زينب"عليها السلام" من فضليات النساء، وفضلها أشهر من أن يُذكر، وأبين من أن يسطَّر، ليُعلَم جلالة شأنها وعلوّ مكانها وقوّة حجّتها ورجاحة عقلها وثبات جَنانها وفصاحة لسانها وبلاغة مقالها حتّى كأنّها تفرغ عن لسان أبيها أمير المؤمنين"عليه السلام" في خطبها بالكوفة والشام، واحتجاجها على يزيد وابن زياد»!
ـ وقال السيّد الخوئي"قدس سره": «إنّها شريكة أخيها الحسين"عليه السلام" في الذبِّ عن الإسلام والجهاد في سبيل الله، والدفاع عن شريعة جدّها سيّد المرسلين، فتراها في الفصاحة كأنّها تفرغ عن لسان أبيها، وتراها في الثبات تُنبِئ عن ثبات أبيها، لا تخضع عند الجبابرة، ولا تخشى غير الله "سبحانه"، تقول حقًّا وصدقًا، لا تحرّكها العواصف، ولا تزيلها القواصف، فحقًّا هي أُخت الحسين"عليه السلام" وشريكته في سبيل عقيدته وجهاده».
هي زينب وحسب! ربيبة بيت النبوّة ووليدة عليّ وفاطمة "سلام الله عليهما".
ــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha