رسول حسن نجم ||
عندما قسمت الدول الكبرى الشرق الى دويلات ومنها الدول العربية في الاتفاقية المعروفة بسايكس بيكو ، كان هدفها ان لاتقوم دولة كبرى على أساس قومي او ديني ، لأسباب كثيرة ، من ضمنها ان مثل هكذا دولة اذا قامت ستكون قوية ومتماسكة الى درجة معتد بها ، مما يشكل خطرا على مصالح الدول الكبرى المبنية على سياسة فرّق تسُد وعلى السرقة والاستحواذ بالقوة على خيرات تلك الدول ، من خلال اطار سياسي ودبلوماسي وهمي ، يضفي الطابع السيادي على الدول المشكّلة ، واختارت لها عوائل عميلة تأتمر بأمرها وتنتهي بنهيها ، وزجرها اذا مااقتضى الامر ذلك بصورة سرية (خلف الكواليس).
وتكشفت هذه الدونية ورفعت الكواليس الى العلن لتلك العوائل الحاكمة اكثر فأكثر عند مجيء ترامب للسلطة الذي كشف بصراحة متناهية عن نظرة الولايات المتحدة الى هذه الدول حينما وصف الدولة الوهابية ( التي أرادوها ان تكون قائدة لباقي القطيع) بالبقرة الحلوب وانها لن تصمد اسبوعين اذا مارفع الحماية الامريكية عنها ، في صمت اعلامي عربي لهذه الإهانات الرسمية ، والتي تعبر عن واقع ماوصل اليه الحكام العرب من ذل وخزي وهوان ، لاسيما تطبيعهم العلني وبلا ادنى خجل أو حياء مع الكيان الصهيوني ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله ( توشك أن تتداعى عليكم الامم تداعي الأكَلة على قصعتها).
في اتفاقية سايكس بيكو لم يكن الاكراد بمنأى عنها ، حيث لم يُعطوهم دولتهم القومية الكردية التي كانوا ومازالوا يحلمون بها ، بل وزعوهم على الدول الأربع ايران ، تركيا ، سوريا ، والعراق لسببين الاول لكي تقوم هذه الدول مقامهم اذا ماحاولوا الانفصال في اي دولة من هذه الدول الأربع للاتحاد مع باقي الاكراد في المنطقة ، أما السبب الثاني فهو لجعلهم عوامل ضغط على هذه الدول اذا مااقتضت الضرورة ذلك ، وهذا مانشهده اليوم في الضغط على الجمهورية الإسلامية الايرانية لإثارة المشاكل فيها.
لعبت العلاقات الكردية مع اسرائيل وأمريكا منذ عقود دورا مهما في انفصال أكراد العراق باقليم شبه مستقل عام ١٩٩١ مستغلين الإنتفاضة الشعبانية في جنوب العراق ، والاقليم ضمن المخطط الامريكي الاسرائيلي للمنطقة ، وما الاستفتاء الكردي الأخير في الانفصال عن العراق الا نتيجة متسرعة وغير محسوبة بتلقيهم ضوء أخضر اسرائيلي جوبه بضوء احمر أمريكي لحلم الدولة الكردية الذي كان وسيبقى يراود القادة الكرد ، والذي لم ولن يحقق للشعب الكردي سوى الدمار والاذى.
ومن الجدير بالإشارة ، كان أشد الناصحين والمحذرين لأكراد العراق عند إستفتائهم على الإنفصال هو سماحة آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني دام ظله الوارف بقوله (...سيؤدي بما يستتبعه من ردود أفعال داخلية وخارجية الى عواقب غير محمودة تمس بالدرجة الاساس حياة اعزائنا المواطنين الكرد... كما انه يفسح المجال لتدخل العديد من الأطراف الإقليمية والدولية في الشأن العراقي ، لتنفيذ اجنداتها ومصالحها ، على حساب مصلحة شعبنا ووطننا ، اننا من موقع المحبة والحرص... ندعوا الأخوة في الاقليم الى الرجوع إلى المسار الدستوري... ).
ـــــــ
https://telegram.me/buratha