المقالات

ديمقراطية لإقصاء الآخرين


مالك العظماوي ||

 

حرية التعبير عن الرأي مكفولة للجميع وبنص دستوري عراقي، وكل شخص له أن يعبر عن رأيه وتطلعاته وله أيضاً أن يعمل على تطبيق ما يراه ملائماً وفق آرائه وتطلعاته. ويختلف الأفراد في التعبير عن آرائهم، وكثرت التأويلات ووجهات النظر عن حدود التعبير عن هذا الرأي أو ذاك. لكن تبقى القاعدة الأساس لحرية التعبير هي أن تقف متى ما آصطدمت بحقوق الآخرين.

لكن الحرية هذه تأخذ منحىً آخراً في البلدان حديثة العهد بالحرية والديمقراطية، فيتصور بعض الناس إن حريته تسمح له بمصادرة حقوق الآخرين والإعتداء على حرياتهم بحجة التعبير عن الرأي وممارسة النهج الديمقراطي!

وما يحدث الآن لدينا في العراق، نجد أن من يريد ممارسة حقوقه الديمقراطية يرى لنفسه الحق في كل شيء، ولا شيئاً للآخرين.

وللحظة كتابة هذه السطور، نرى على الجميع إحترام خيارات الآخرين، وصناديق الاقتراع الخاصة والإستبيان العام هو من يحدد إستحقاق كل فئة، بل إستحقاق كل فرد. لا أن تأتي شريحة معينة وتفرض رأيها على الجميع وتصادر حرياتهم بدعوى الحرية والديمقراطية التي يريد أن تحقق أهواءها ورغباتها من خلالها، وليس لأحد الحق أن يعترض! وهذه لعمري هي الديكتاتورية بعينها لكنّها غُلفت بزي الديمقراطية. فعندما يخرج الشباب مطالبين بالتغيير، فهذا هو فخر للبلد وللحكومة التي تقوده، ونشعر بالزهو بأن لدينا ثروة شبابية تعي ما يدور حولها، وترغب بتغيير السياسة التي تقود بلدهم نحو الأفضل.

لكن الغريب في الأمر، هو أن ترى هذه الشريحة أو تلك نفسها بأنها فوق الشبهات والقانون، وتستسيغ لنفسها ما تنتقد الآخرين عليه. فمثلاً نراهم رفعوا شعار (لا، للأحزاب السياسية) وهذه الديكتاتورية بعينها، وهذا ليس دفاعاً عن الأحزاب الفاسدة، وإنما دفاع عن الحرية والديمقراطية التي فسحت لهم وللآخرين حرية التعبير. فهم يقولون نحن حراك شعبي! وعندما إقترب موعد الإنتخابات نجدهم يشكلون أحزاباً وكتلاً يلتف حولها مؤيدوهم!

فأنت تقف بالضد من الأحزاب والتيارات قاطبة، وتقوم بتأسيس حزب أو حركة! ثم لماذا ترى نفسك بأنك تمثل الشعب وتلك الأحزاب لا تمثل إلا نفسها؟ ولماذا يحق لك أن تشكل حزباً وتمنع الآخرين من تشكيلاتهم؟

والسؤال الذي يطرح نفسه والذي يجب على الجميع الإجابة عليه، هو: من الذي يحدد لك الحق أن تلغي وجود الآخرين؟ وتغلق مقرات أحزابهم وهناك أحزاب عريقة في العراق قاومت الديكتاتورية أيام العهد المباد كالحزب الشيوعي العراقي وحزب الدعوة الإسلامية. والجواب على هذا التساؤل الذي يلزم الجميع هو صناديق الإقتراع، فكما ترى نفسك بأن لديك جمهوراً، فهذه الأحزاب أيضاً ترى لنفسها ما تراه لنفسك.

وهدد بعضهم عندما حصل على مقاعد كثيرة في البرلمان، لكنها ليست الأغلبية، بأن ستكون الحكومة مغلقة له ولأتباعه ولا رأي ولا مقال للآخرين، وهذا ما عنيناه عند كتابتنا لهذه السطور، لعل أن يتفهم من يريدون الدخول في معترك السياسة عن دراية وفهم.

 

ـــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك