نعيم الهاشمي الخفاجي ||
الأخلاق الحسنة تعكس طبيعة اي شعب للشعوب الاخرى، عندما يذهب اي مواطن في سياحة إلى اي بلد، يحتك مع الموظفين في المطار، اذا وجدت الضباط والمسؤولين جيدين، فيكون لدى السائح اول تصور إيجابي عن شعب الدولة التي ذهب لزيارتها، التعامل مع السائقين والمواطنين يعطي الصورة الكاملة عن الشعب، لذلك الأخلاق دائما تكون أعظم شيء تعتز به الأمم، ومن خلال الأخلاق الفاضلة تتميز الأمم فيما بينهم، لذلك الأخلاق تعكس ثقافة الأمم والمجتمعات بالسلب والإيجاب.
الأمم المحترمة تحترم من خلال أخلاقها وتعامل أنظمتها مع شعوبها وإشاعة روح الإخاء والمحبة، والأمم القذرة تمتاز في الأخلاق السيئة والظلم والسرقة والرشوة والابتزاز، شعوب أوروبا أنصفت واحترمت مواطنيها، وتم تنشئة مجتمعات يغلب على أكثر مواطنيها الاحترام والتكلم بأدب مع اي شخص بالشارع وفي الدوائر والمطارات والأسواق، كل ما تعلو أخلاق الأمة تعلو سمعتها، وتتجه إليها الأنظار من بقية الأمم الاخرى، وكل ما تنحط أخلاق الأمة تفقد قيمها وتصبح أضحوكة للأمم الأخرى.
المجتمعات المتحضرة عملت على تحسين ودعم العامل الأخلاقي في المجتمعات، عندما تسود الأخلاق الحسنة، وتسود كلمة الصدق، وتنتشر بين أفراد المجتمع الأمانة ويسود العدل، يعيش الناس بكرامة وتحفظ الحقوق وتسود المحبة والسلام بين أفراد المجتمع الواحد، وأصبح المجتمع يبغض ويمقت ويعاقب أصحاب النفوس المريضة، وتصبح الرذيلة حالة غريبة بالمجتمع، بظل تفشي الفضيلة بالمجتمع، لذلك عندما تسود الأخلاق السيئة يكثر الكذب، والغش والابتزاز، ويفسد المجتمع، عندما لا توجد قوانين صارمة تحاسب المسيء تنتشر وتسود لغة الغاب بالمجتمع ويعم الظلم، ورد حديث عن رسول الله محمد ص، سيأتي على الناس سنوات خداعة، يصدق فيها الكاذب، ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن، ويخون فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة، قيل، ومن الرويبضة يا رسول الله، قال، الرجل التافه يتكلم في أمر العامة، رواه أحمد بمسنده.
الامام علي بن أبي طالب ع تحدث عن الأخلاق في خطب وأحاديث كثيرة، منها، إنّ الله جعل مكارم الأخلاق ومحاسنها وصلاً بيننا وبينه.
حديث آخر للإمام علي ع، كل إناء يضيق بما جعل فيه إلّا وعاء العلم فإنّه يتّسع.
حديث آخر إلى الامام علي ع، المال يستر رذيلة الأغنياء، والفقر يغطي فضيلة الفقراء.
بعد هذا السرد، وقعت حادثة مع عائلة من محافظة صلاح الدين، هذه العائلة للأسف ضحية الابتزاز، الحادثة ذكرت أن شخص تقدم لخطوبة امرأة وبعد الموافقة لإتمام عقد الزواج، المنطق والعقل تقول إن هذا الشخص قد أصبح أحد أفراد العائلة، لكن هذا الشخص عمل عمل مخزي ومؤلم، ومهما كانت موقف هذا الشخص سيئة فهي بلا شك تبقى الحالات الفردية وليست عامة حتى نكون منصفين، هناك حملة اعلامية تستهدف المجتمع العراقي، الغاية من الحملة الاعلامية، تشويه وإسقاط الأخلاق لكنهم لا يستطيعون، بالمقابل يفترض يوجد مجتمع يعاقب كل شخص يرتكب أعمال قبيحة مثل السرقة أو الاغتصاب، ويجب ان يتم نبذ المسيء من الأهل والأعمام والأقارب حتى تكون العقوبة رادعة، بعد نصب الكاميرات في أوروبا، تم القبض على لصوص من مختلف الجنسيات لعرب ومسلمين يقيمون هنا في بلادنا الحالية، التي أسكن بها، صديقي سيد هشام الحلو لديه محلات انتبه لحالة لايوجد صومالي واحد تم ضبطه يسرق، ذات مرة سأل صديق له صومالي عن سبب عدم وجود لصوص صوماليين، قال له الذي يسرق عندنا بالصومال يتم مقاطعته ولا أحد يقوم بتزويجه أو الزواج من عائلته، ويبقى مثل لدى الناس فلان حرامي، لهذا السبب لا يوجد صومالي حرامي، وأضاف هذا الأخ الصومالي القول، لكن تجد صومالي يأخذ ديون مايرجعها لكن لاتجد صومالي يسرق وخاصة من الذين ولدوا بالصومال وليس في المهجر.
لنعود إلى الحادثة المؤلمة التي وقعت في محافظة صلاح الدين بالعراق، الأخ الناشط في تويتر الأخ بلال الجبوري نشر بحسابه في تويتر، قصة بالحقيقة مؤلمة وغريبة على المجتمع العراقي، يقول بلال الجبوري( شخص هدد عائلة وطلب١١ ورقة مقابل عدم نشر صور بنتهم وبعد التحويل هم طلب ١١ ورقة وبحال ما نفذوا الطلب ينشر الصور علما ان الصور كانت عادية وملتقطة من جهاز خطيبها وادعى خطيبها أن حسابه مخترق وبعد التدقيق تبين ان من يهددهم اخو خطيبها بمساعدة الخطيب).
هذا العمل بقمة الانحطاط الأخلاقي وفاقد للانسانية والقيم والشهامة، بالعراق العقوبات الحكومية غير كافية لردع الأشخاص السيئين واللصوص والمبتزين، بل يفترض تفعيل ودعم الجانب القبلي العشائري بوضع سنن تعاقب كل شخص مسيء يبتز أو يغتصب، بل حتى في مكافحة الإرهاب كان يفترض دعم الجانب العشائري في هدر دم كل ارهابي يقتل ويفجر ويفخخ ويأوي ويستقبل دواعش وتكفيريين من خارج العراق، وتحميل أهل وأقارب وعشيرة الإرهابي بدفع ديات للضحايا، البعض ربما يعتبرني متخلف، لكن لننظر إلى النموذج القبلي
اليمني، هل رأيتم مظاهر تفجير المفخخات بوسط الأسواق اليمنية مثل ماحدث من تفجير الأسواق وتفجير المساجد والحسينيات وقتل المواطنين على الطرقات بالعراق بسبب كون الضحايا شيعة لا أكثر، عندما حدثت تفجيرات صنعاء، الرئيس الراحل علي عبدالله صالح وزعيم حركة الأنصار دعوا شيوخ قبائل اليمن الى الاجتماع وتوقيع ميثاق شرف يهدر به دم كل ارهابي تكفيري ويتم تسليمه للقوات الامنية من عائلته واعمامه واقاربه، إمكانيات اليمن المادية قليلة لو تم مقارنتها مع المليارات التي صرفت على هيئة المصالحة الوطنية بالعراق، لايوجد قياس، وكلنا يتذكر كيف وقع ميثاق الشرف برعاية السيد عامر الخزاعي في شهر نيسان عام ٢٠١٤ ولم يمضي على توقيع ميثاق الشرق مدة اقل من شهرين حدثت جريمة سبايكر وجريمة سجن بادوش وجريمة الفتحة وبيجي وناحية بشير التي تم قتل بها الجنود والطلاب والمواطنين الشيعة دون غيرهم وإطلاق سراح السنة، نحن لم نفتري، ماحدث في سبايكر وبادوش عمل جبان ونتن هم نفسهم قادة التنظيمات الإرهابية اعترفوا بها، قضية إبادة الايزيديون والشبك والتركمان الشيعة والمسيح في الموصل وتلعفر وسهل نينوى، حيث تم قتل الرجال وسبي النساء الشابات والاطفال وقتل النساء كبيرات السن حدث ذلك في اعتراف الإرهابيين نفسهم، بل بيعت فتيات آيزيديات وتركمانيات وشبكيات شيعة للعوائل العراقية في بعض المحافظات ذات الأكثرية السنية، من غير المعقول اذا كانت الدولة ضعيفة تترك الشعب يقتل، انا شخصيا طالبت ومنذ خريف عام ٢٠٠٣ بضرورة الالتجاء إلى تعزيز العامل القبلي في مكافحة الارهاب، ولا زال ليومنا هذا يمكن دعم زعماء قبلين سنة شرفاء أمثال شيخ فواز الجربا الشمري وامثال الشيخ حميد الهايس والشيخ الحويث وغيرهم تكون لهم المسؤولية في حفظ أمن المناطق السنية وتكون السلطة لهؤلاء الشيوخ بالمناطق السنية بحيث يتم حرمان فلول البعث من السيطرة على المساجد وعلى المناصب وعلى الحكومات المحلية في المناطق السنية، هناك نسبة عالية من المكون السني ضد إجرام فلول البعث والوهابية لكن هناك تقصير من قادة المكون الشيعي والكوردي في دعم قادة وساسة سنة شرفاء في المناطق السنية للسيطرة عليها وكنس زبالات دولة البعث وتحيدهم والعمل على دعم شريك سني يؤمن بالعملية السياسية، مشكلة ساسة أحزاب المكون الشيعي والكوردي مختلفين على أمور يفترض لم يختلفوا عليها بظل وجود تاريخ نضالي وجهادي رابط بينهم طيلة عقود من الزمان بحقبة معارضة النظام السابق.
نعيم عاتي الهاشمي الخفاجي
كاتب وصحفي عراقي مستقل.
29/12/ 2022