مازن الولائي ||
كان جدول رحلتي نحو العراق إلى حيث مهوى قلبك النقي يا قاسم قد حُدد من قبل المسؤولين ونزلت التعليمات في الساعة كذا أبدأ رحلتي! وأنا صرّت اتهيأ ككل رحلة لأن وجهة بغداد أعشقها حيث تتكحل عيوني بقباب، النظر لها سعادة وجلاء البصر.. ولكن فجأة نزلت برقية عاجلة تمنعني من السفر والرحيل! تعجّبت كيف وكل شيء قد تهيأ؟!
وقاب قوسين من معانقة السماء الصافية التي يشدني كل مرة صفائها ونقاء غيومها، فلم أستطع الاعتراض وهناك حراك بدأ يسرّب لقلبي قلق لا أعرف منشأه! ومرت أكثر من ساعة وبدأ الملل يسيطر على المنتظرين وعلي! حتى فجأة صمت كل شيء ما خلى نداءات مشفرة والغاز تُخبر عن شيء وصل وعلى الجميع الإستعداد! حالة من الاستنفار الغريب والذي لم تشاهده عيوني طول خدمتي! لكن هناك شخص بدأ يقترب وخلفه حرس لم يكونوا من الحرس المعتاد، لهم منظر مخيف ارعبني! صعد الشخص الطائرة وسمعته يقول بسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله لكن قالها بخشوع وقبل أن يدخل الطائرة توجه نحو جهة همهم معها وانحنى وأشعرُ أن كل شيء لحظتها انحنى معه ولا أبالغ لو قلت حتى تلك القباب التي شعّرت أنها تفارقه، وتلألأت أنوار المطار بتلك الدمعة النقية على خده الترب الهادئ والمستشعر لشيء أظنه يعرفه، دخل وفي ممر الطائرة هناك من يعّرفه ويعرف قدره، تعجبت لماذا يلمسون كتفه وبدنه ويرجعون أيديهم على وجوههم يمسحونها حركة شاهدتها عند شباك المقام والمقدس! حاولت أن أتعرف عليه لكن همس بعض طاقم الطائرة المخيف منعني وأنا لا حول لي ولا قوة! فساد الصمت، وطلب البرج من الطاقم أنطلق حصل الأذن! قلبي لم يطاوعني ترك النظر إليه وبدأ له هيام من نوع خاص انساه أنه في الطائرة وعيونه تبحث عن آخر نظرة للقباب التي يشعر أنه ينتمي لها، تمنيت أن يطول بي المقام معه، حتى بدأ برج اتصالات مطار بغداد يخبرني أن النزول على المدرج كذا وكذا، وهنا اشتركت معنا إتصالات ما كانت تشترك تخبر عن ترتيب شيء وحدث سوف يحدث بعد قليل! هنا أدركت حجم تقصيري وكيف أني ساهمت أنا الطائرة الشامية التي بلحظة دنست تاريخها بالإشتراك بعملية إغتيال ولي من أولياء الله أسمه قاسم وجمال!
نعم ما كنت أعلم يا قاسم ولو علمت لأخترت السقوط على رمضاء الأرض وأمزق جسدي مع جسدك الطاهر ولا يفرح بك من فرح يوم أنا نجوت وأنت الخيام يوم احرقت..
"البصيرة هي ان لا تصبح سهمًا بيد قاتل الحسين يُسَدَّد على دولة الفقيه"
مقال آخر دمتم بنصر ..