نعيم الهاشمي الخفاجي ||
مشكلة البلدان العربية ومنها العراق بدأت مع ولادة العراق عام ١٩٢١، الذي يريد الإصلاح عليه دراسة سبب فشل الدولة العراقية رغم تغير أنظمة الحكم، لكن كل نظام يأتي يعيد نفس الأخطاء السابقة، والنتيجة أموال العراق استنزفت للحروب، وقتل ملايين العراقيين وهجر وهاجر الملايين بسبب الصراعات القومية والمذهبية التي ولدة مع العراق بمخطط استعماري حتى يبقى العراق دولة فاشلة حاله حال بقية الدول العربية الاخرى الفاشلة، ليبقى الاستعمار يسرق ثروات العرب.
اذن كيف يمكن تحقيق إصلاح حقيقي في العراق، الوضع السابق والحالي في العراق غير قابل للاستقرار، بسبب وجود الصراعات القومية والمذهبية المستدامة، أمام الساسة العراقيين الحاليين فرصة في الاعتراف بوجود الصراع القومي والمذهبي، وأن على الساسة وبالذات ساسة المكون الشيعي والكوردي بشكل خاص عملية مراجعة للاخطاء السابقة والعمل على تنفيذ برنامج إصلاحي شامل ينهي نقاط الصراعات المهمة والعمل على إيجاد حلول شاملة وترك عنصر الخوف من المستقبل، الذي يريد عدم إعادة عقارب الساعة إلى الوراء عليه إيجاد آليات تمنع وقوع انقلابات عسكرية أو تنفيذ انقلابات عن طريق الجهلة والسذج من خلال طابور العملاء المتسترين خلف شعارات المنظمات المدنية والحقوقية الكاذبة والمزيفة، لو كان بالعراق تعدد قوى لما وصل البعثيين وجرذهم صدام للحكم ولما سالت دماء ملايين البشر، ولم نرى مشاهد الابادات الجماعية والتهجير والهجرة القسرية هروبا من العراق العظيم.
هناك من يقول، لو أردنا إصلاح المجتمع من أين نبدأ، نسمع كثيرا عن شعارات الاصلاح بدول العالم الثالث، وأيضا نسمع مصطلح محاربة الإرهاب، باتت هذه المصطلحات يرددها الصالح والطالح دون أن نعي المعنى الحقيقي للاصلاح ومحاربة الارهاب، كيف نعمل إصلاح ونرى نفوس الساسة متنافرة، الإصلاح يبدأ من النفس قبل كل شيء ، فكيف لمن نشر الفساد والارهاب ان ينادي بالإصلاح ومحاربة الإرهاب، المعروف لدى غالبية دول العالم أن الإصلاح السياسي هو عملية تحول المجتمعات من الاستبدادية أو السلطوية السياسية الى مجتمعات ديموقراطية، حيث إن هذا الوضع يتطلب عملية تغيير اجتماعية وثقافية للمجتمعات، وتجري وفق منهجية مدروسة وأساسيات مرتبطة بالقيم والأخلاقيات، وقبل البدء في الإصلاح يجب إيجاد حلول جذرية للصراعات القومية والمذهبية، واستفتاء الشعب عن أي نظام سياسي يريد تطبيقه، وكذلك إيجاد دستور يقبل عليه كل المكونات ويصبح الجميع يشعر انه عراقي بالدرجة الاولى، والكف عن الصراعات القومية والمذهبية والاستقواء بالحضن البدوي الوهابي الطائفي المتخلف.
لايمكن إيجاد إصلاح سياسي بظل بقاء الصراعات القومية والمذهبية، أن بداية الإصلاح تنطلق منا نحن الأشخاص رجالاً ونساء من حيث السلوك والتفكير والوعي، وواجب الساسة والقادة العمل على حث جماهيرهم بتبني الاصلاح والقبول بالعيش المشترك، اذا استقر الوضع السياسي يكون له تأثير مباشر وايجابي على الناس أفراد وعوائل وجماعات ومكونات، يفترض بالحكومة العراقية الحالية العمل على دعم القطاع الصناعي الحكومي والخاص، تستطيع الدولة العراقية تشريع قوانين تجعل من شراىح المتضررين من النظام السابق ومن الارهاب مصادر قوة من خلال دعمهم ماديا لفتح مشاريع صناعية وزراعية صغيرة بدل اعطائهم رواتب تقاعدية وهم بعدهم في سن الشباب، بكل الأحوال الدولة تعطي مبالغ ضخمة من خلال الراتب التقاعدي والذي يدفع بشكل شهري، كان يفترض إعطاء مبالغ لهذه الشرائح لفتح مشاريع صناعية وزراعية صغيرة لرفع الاقتصاد ولتشغيل أيادي عاملة عاطلة.
مشكلة المشرع العراقي، كل ما يعرفه يشرع قوانين يوزع عائدات البترول لطبقات مستفيدة وترك عامة الشعب الذي بات يتضجر من الطبقة السياسية الحاكمة، تكلمت قبل عدة سنوات مع شخص متحزب دائما يتفاخر انه مشرع لقوانين معينة، قلت له هل انت مشرع، قال لي نعم، قلت له ماهي القوانين التي شرعتها، قال لي فلان قانون وفلان شريحة، قلت له لو كانت هناك عدالة نحاكمك ونصدر بحقل قرار إعدام للمرة العشرين، اخي انت سرقت ميزانية الدولة وبددتها بدون علم ومعرفة، قال لي انت غير مستفيد، قلت له والله حتى لو كنت مستفيد يكون موقفي نفس هذا الموقف.
على الدولة العراقية العمل على توزيع أراضي زراعية لكل الخريجين العاطلين عن العمل من خريجي كليات ومعاهد واعداديات الزراعة، محافظ الكوت السابق محمود ملا طلال عمل قرية عصرية في العزيزية ضمت ١٠٠ بيت إلى خريجين لكليات الزراعة من المتفرغين عن العمل، تم بناء القرية وكل شخص حصل على ٤٠ دونم، يفترض بالدولة نشر هذه التجربة وتوسيع الاعداد ليشمل كل المحافظات والاقضية والنواحي بالعراق، خريجي الكليات والمعاهد والاعداديات الصناعية يتم دعمهم ماديا لفتح مشاريع صناعية صغيرة أو تأسيس شركات للبناء خاصة، في العراق لدينا آلاف من المهندسين العاطلين عن العمل، يمكن دعم تأسيس شركات خاصة للاستفادة من
هؤلاء، العراق سوق استهلاكي يحتاج شركات تصاميم البنى التحتية والطرق والجسور ومجاري الصرف الصحي وتعبيد الطرق العامة والفرعية وزراعة البساتين.
على الدولة دعم المواطنين الذين لديهم رغبة في فتح معامل خياطة ملابس بمواصفات وجودة جيدة، اتذكر عندما وصلت للدنمارك كلاجىء، تم أخذنا لمدرسة اللغة، وبعدها هناك من عادل شهادته وعمل، وهناك من تم أخذهم إلى مراكز تهيئة لإيجاد فرص عمل في مجالات التجارة والصناعة، ويوجد مشرفين وموظفين يعطون نصائح لكل شخص يريد فتح مشروع يبدء من الكشك الصغير إلى محل الحلاقة وافتتاح محلات لبيع المواد الغذائية والى الاستيراد، المشرف يأخذ الشخص الراغب بالعمل إلى البنك للحصول على قرض، والبلدية تدفع للشخص مساعدة مادية لفتح المشروع، العراق يستوعب آلاف المصانع والمعامل لصناعة المنتجات النسيجية وصناعة المواد الغذائية ودعم القطاع الزراعي بحيث يتم الاعتماد كليا على قطاع الصناعات الحكومي والخاص ويتم الاستغناء عن أموال البترول، من المؤسف العراق يستورد منتجات الألبان من دول الجوار، ويستورد الخضار والبطاطس من دول الجوار، بل وصلت الحالة يتم استيراد التمور والمياه من دول الجوار، بينما يمكن دعم تجار عراقيين لعمل كل تلك المصانع.
يمكن فتح معامل بلاستيكية تستفيد من القناني البلاستيكية لاعادة تصنيعها من جديد، في أوروبا كل قارورة بلاستيكية أو زجاجية فارغة تسلم إلى أي سوبر ماركت أو كشك يعطون عنها مبلغ يصل إلى ربع أو نصف دولار، أكيد تنتهي مظاهر وجود قناني بلاستيكية وزجاجية فارغة بالشوارع، هناك مواطنين يقومون بجمع تلك القناني الفارغة ويقومون في بيعها إلى السوبر ماركت مقابل الحصول على أموال.
الإصلاح الحقيقي يحتاج وجود ساسة يقدمون مصلحة الشعب ومصالح الأجيال اللاحقة على المصالح الشخصية الضيقة، نحتاج ساسة يفكرون بمصلحة شعبهم وليس بمصالح الحضن العربي أو العمق الاسلامي، نحتاج ساسة يكون همهم دعم الصناعات الحكومية والخاصة، مامعقولة دولة صرفت عشرات مليارات الدولارات للكهرباء وليومنا العراق يعتمد على دول الجوار في الكهرباء، انا شخصيا من شهر أيار عام ٢٠٠٣ نصحت ساسة العراق الجديد وحذرتهم من وجود مخطط عرباني بعثي وهابي لحرمان الشعب من الكهرباء والخدمات، واقترحت عليهم نقيم محطات توليد كهرباء بكل محافظة عراقية للمحافظة، ويكون المحافظين والحكومات المحلية مسؤولين مسؤلية مباشرة عن اقامة مشاريع محطات الكهرباء وفتح معامل تكرير للبترول ولو بالمحافظات البترولية، لكن مع من تتحدث، اذا سرقات الساسة تعتمد على استيراد الكهرباء والمشتقات البترولية، الساسة السنة من فلول البعث يعتبرون سرقة أموال الدولة بظل حكم شيعي عمل مستحب لإنقاذ أموال الدولة من الحاكم الشيعي الرافضي الكافر حسب وجهة نظرهم، يأتي أيضا بعض اللصوص من الشيعة ليجد له كذبة لسرقة الأموال تحت يافطة وباب مجهولية المالك، اللصوص يقنعون أنفسهم بأن سرقات أموال الشعب سرقات شرعية وحلال، ويعتبرون أنفسهم مصلحين وليس مفسدين، يقول الله عز وجل في سورة البقرة،{ وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنّما نحن مصلحون}.
رب العالمين شرح لنا عقلية السراق والفاسدين بشكل دقيق، ياسبحان الله، آيات القرآن الكريم صالحة لكل عصر وزمان.
نعيم عاتي الهاشمي الخفاجي
كاتب وصحفي عراقي مستقل.
5/1/2023
ــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha