نعيم الهاشمي الخفاجي ||
كان النفط ولازال مصدر مهم ورئيسي للطاقة بالعالم، وكان نفط الخليج جميعا مع إيران والعراق والجزائر وليبيا يمثل ٧٥% من مصادر الطاقة بالعالم بحقبة السبعينات من القرن الماضي، وخلال العقود المنصرمة وجدت بدائل عن النفط في استعمال الغاز المسيل والطاقة النووية في إنتاج الطاقة الكهربائية، واكتشف العلماء بدائل في استعمال الرياح والمياه في إنتاج الطاقة الكهربائية، لكن خلال العقدين الماضيين، حدثت اكتشافات متسارعة في مجال الطاقة البديلة في استخدام ضوء الشمس في إنتاج الطاقة الكهربائية، ورأينا ذلك بوضوح في القارة الأوروبية، انتشرت صفائح توليد الطاقة الكهربائية من ضوء الشمس وبكثرة في غالبية مدن دول أوروبا الغربية، انا اسكن بالعاصمة الدنماركية كوبنهاجن، قبل ست سنوات أصبحت إنارة الشوارع العامة ومداخل العمارات السكنية تعتمد على كهرباء ألواح تعتمد على ضوء الشمس، وحال غيب الشمس تشتعل الإنارة بشكل أوتوماتيكي، حتى وجدنا اشتعال الاضوية بوقت جدا دقيق مع حلول وقت الإفطار وصلاة المغرب، لذلك الكثير من المسلمين في كوبنهاكن يصلون وقت المغرب ويفطرون شهر رمضان على موعد اشتعال إضاءة الطاقة الشمسية، انا شخصيا راقبت اشتعال اضوية الكهرباء الطاقة الشمسية بشكل جدا دقيق بعد غياب قرص الشمس حسب توقيت الرصد الفلكي في مدة عشر دقائق إلى ١٢ دقيقة.
كانت أمريكا تستفيد من بترول الخليج في دعم اقتصادها من خلال عائدات بترول الخليج الذي يضع عائداته في البنوك الأمريكية، ويعطوهم مصروف الى الدول الخليجية في دفع مرتبات الموظفين وفي استيراد البضائع لمنتجات الشركات الغربية وشراء الاسلحة، يعني دول الخليج وبقية الدول العربية سوق استهلاكية وليست انتاجية، أيضا البترول الخليجي مول حروب الناتو ضد المعسكر الشرقي سواء كانت حروب ساخنة أو باردة، دول الخليج تدفع فواتير حروب الناتو بروح رياضية طيبة متواضعة وبقناعة ورضا نفس من قادة دول الخليج.
أمريكا الان اصبحت المصدر الأول للبترول والغاز بالعالم، لذلك انتهت اهمية بترول الخليج، لكن هذا لايعني أن أمريكا تترك دول الخليج، رغم أنف دول الخليج يبعيون بترولهم إلى الهند والصين وينزلون سعر البترول والغاز الروسي وايضا تذهب عائدات بترول الخليج إلى البنوك الامريكية لكي تستفيد منها أمريكا في دعم الاقتصاد الامريكي، وحتى لو باعت دول الخليج نفوطها في العملة الصينية والهندية فتذهب العائدات لشراء منتجات الشركات الأمريكية والغربية وشراء أسلحة تقليدية باتت غير مهمة في حروب الدول الكبرى النووية.
الفحم كان المصدر الأول للطاقة بالعالم وبعد اكتشاف النفط فقد الفحم أهميته لكن الفحم بقى بالأسواق يستخدم في مجالات قليلة في شواء اللحوم في السفرات إلى المناطق الريفية للسياحة والنزهة.
كل الدلائل والوقائع على الأرض تقول تراجع أهمية النفط في مجال توليد الطاقة الكهربائية بل حتى على قطاع النقل بسبب ظهور بدائل أخرى، حيث غزت السيارات الكهربائية والهيدروجين أسواق أوروبا، بالدنمارك بعام ٢٠٢٥ تمنع دخول السيارات التي تعمل في الكاز والبنزين العاصمة كوبنهاكن.
أسهم النفط في تحقيق النمو الاقتصادي في الدول الغير نفطية التي صنع حدودها الاستعمار ونصب عليهم أنظمة عميلة لخدمة دول الاستعمار، لذلك لعبت أموال البترول الخليجي في تحقيق تنمية اقتصادية في دول الغرب وفي تمويل حروب الناتو الساخنة والباردة، نقولها بمرارة يعتبر بعض المحللين الشرفاء أن النفط كان نقمة للشعوب العربية وبشكل خاص شعب العراق، بسبب أموال البترول تسلط علينا البعثيين وجرذهم صدام للفتك بالشعب وتدميره وإذلاله، هناك دول منتجة للبترول والغاز غير عربية استفادت من أموال البترول في التنمية الاقتصادية، قضية فقدان دول الخليج لأهمية البترول قالها الباحث بول ميللر بالجامعة الامريكية الوطنية للدفاع مركز دراسات الامن الاستراتيجي، والتى صدرت فى مجلة المصلحة القومية الأمريكية فى نهاية شهر يونيو لسنة 2012 والموسومة، تلاشى إمبراطورية النفط العربى، بدأ استشراف لنهاية امبراطورية النفط العربى بتلاشى الاهمية الاستراتيجية لاقليم الشرق الأوسط، وبالرغم من أهمية الشرق الاوسط بالنسبة للولايات المتحدة الامريكية بسبب تأثيراتها فى سوق النفط العالمى، ولكن هذه التأثيرات اصبحت تتدرج الى النقصان فى التأثير خلال العقود الماضية الاخيرة.
نعم تميزت أسعار النفط عبر السنين بالتقلبات، قبل أحداث أوكرانيا بحقبة ترامب طلب من الاوروبيين شراء البترول والغاز الأمريكي وعدم شراء النفط والغاز الروسي، لكن المستشارة الألمانية السابقة انجيلا رفضت، وعندما حدثت الحرب الحالية في أوكرانيا النتيجة دول أوروبا أوقفت استيراد البترول والغاز الروسي، سبب ذلك في زيادة الاسعار،لأن الأمر حدث بشكل طارىء وليس بظروف عادية على مدى عقد من الزمان، الحرب عجلت في ذلك مثل ماعجل فيروس كرونا استخدام الجامعات والمدارس
الانترنت في الدراسة عن بعد، استبشر المستكتبين بدول الخليج خيرا بخطاب الرئيس الأمريكي الأخير والذي اسمه خطاب حالة الاتحاد، وتحدث به عن النفط بسبب الاوضاع بالطاقة في أوروبا، أمريكا لم تعاني بسبب انقطاع البترول والغاز الروسي لأنها دولة مصدرة للبترول والغاز، بل بسبب الأزمة شركات السلاح الامريكية باعت لدول أوروبا سلاح وصلت قيمته إلى أكثر من ٢٥٠ مليار دولار، في الواقع حديث بايدن عن النفط كان بسبب أزمة الطاقة في أوروبا وايضا بسبب أرباح مالكي شركات إنتاج النفط الامريكان يريد منهم دعم الاقتصاد الأمريكي ولديه معركة انتخابية لابد به أن يتطرق لذلك، لان أسعار الوقود لا تزال لاعباً رئيسياً في الانتخابات الرئاسية، بل في خطابه قال «إننا سوف نعتمد على النفط والغاز لفترة من الزمن»، انا شخصيا سبق لي أن كتبت وقلت اهمية النفط تنتهي خلال عشر سنوات تتحول معظم دول الغرب نحو الطاقة البديلة، بل بايدن قال نبقى نعتمد على النفط ربما عقد من الزمان، كلامه واضح خلال عشر سنوات يصبح النفط حاله حال الفحم في إنتاج الطاقة.
خلال العقد المتبقي من اهمية البترول ستواصل أمريكا الاعتماد على النفط والغاز الصخري لإشباع حاجة المستهلكين وتبيع مالديها قبل التحول لغالبية دول أوروبا نحو الطاقة البديلة وهي الطاقة الشمسية، شر البلية مايضحك أحد المستكتبين بصحيفة تابعة إلى البقرة الحلوب الكبيرة حسب وصف الحلاب الكبير صاحب شركة حلب ابقار الخليج السمينة يقول، ويبقى السؤال المهم ما الذي جعل بايدن يغير موقفه، هل هي خطة انتخابية جديدة قبل إعادة انتخابه العام المقبل أم وصوله إلى قناعة بأن «أوبك» كانت على حق عندما قالت إن العالم لن يتخلى عن الوقود الأحفوري بسرعة.
شر البلية مايضحك، هؤلاء يكتبون لأجل الكسب المادي، اقول له لم يبقى سوى عشر سنوات وينتهي نفطكم الذي جعلتموه علينا نقمة، تبا وتعسا لكم.
كاتب وصحفي عراقي مستقل.
10/2/2023
ــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha