نعيم الهاشمي الخفاجي ||
خلال متابعتي اليومية لما تكتبه الصحف الخليجية، وتغطيتهم لعودة العلاقات السعودية الإيرانية من خلال الشريك الاقتصادي للجميع وهي دولة الصين الشعبية، لا يتمتع الكتاب والصحفيين في الدول الخليجية بحرية إبداء ارائهم، بسبب خوفهم من الحكام، لذلك عندما تقرأ مايكتبونه فهم يكتبون بطرق لا يستطيعون كتابة أي كلمة يعتقدون أنها تثير غضب الحاكم.
بلا شك إعلان السعودية وإيران عودة العلاقات الدبلوماسية بينهما بمبادرة صينية، هذا الخبر مهم، لذلك كتب حول هذا الخبر آلاف من الكتاب والصحفيين في الصحف الورقية أو المقروءة في المواقع الإلكترونية، أو بالكتابة في تطبيقات التواصل الاجتماعي مثل فيس بوك وتويتر أو مواقع الصحف الالكترونية على شبكة الانترنت.
إعادة العلاقات هذه المرة برعاية صينية تختلف عن إعادة العلاقات الإيرانية السعودية سابقا، بعد انتصار الثورة بادرت الدول العربية المرتبطة بمشاريع الاستعمار على قطع علاقاتها مع الجمهورية الاسلامية، وقاموا بدعم صدام الجرذ بالمال والسلاح، العلاقات السعودية الإيرانية كآنت باردة وبقي الحال الى شهر نيسان عام ١٩٨٨ اي قبل وقف حرب صدام الجرذ العبثية في أربعة اشهر، قامت السعودية في غلق سفارتها في طهران بعد حادثة سقوط طائرة مدنية إيرانية في مياه الخليج، رحم الله السيد الإمام الخميني رض كنت اتابع كل خطبه واقواله من خلال الإذاعة الإيرانية القسم العربي، في ذات مرة، الإمام الخميني رض قال إن دعم دول الخليج إلى صدام بالاخير يصبح صدام تمساح ويقوم في ابتلاع دول الخليج، وفعلا حدث ذلك عندما احتل صدام الجرذ دولة الكويت وتسبب في ابتلاع دول الخليج من قوات الناتو، وفتح الطريق لمحاصرة الشعب العراقي والى احتلال العراق عام ٢٠٠٣، عندما احتل صدام الجرذ الكويت، نددت إيران في قيام صدام الجرذ في احتلال الكويت، وحرم علماء الشيعة منهم السيد الإمام الخوئي حتى صلاة الجنود العراقيين في الكويت باعتبارها أرض مغنصبة.
في أثناء غزو صدام الجرذ للكويت قامت السعودية في إعادة علاقاتها مع إيران وتطورت بالتسعينات وزار الرئيس هاشمي رفسنجاني السعودية، عندما تم احتلال العراق، الجيوش الأمريكية وتحالفها غزت العراق من الكويت والسعودية والأردن وقطر والإمارات والبحرين سواء كانت قوات برية أو استخدام القواعد الجوية والمياه الخليجية بقصف العراق وقيادة العمليات العسكرية، لم تنطلق القوات الأمريكية لاحتلال العراق من إيران، سقط نظام البعث وشيء طبيعي شارك الشيعة في قيادة العملية السياسية مع المكون السني والكوردي، لكن النظام السعودي اعتبر مشاركة الشيعة في العملية السياسية بالعراق هو احتلال إيراني للعراق.
بقيت العلاقات الإيرانية السعودية جيدة، زار الرئيس الإيراني هاشمي رفسنجاني وكان يشغل رئيس لجنة الخبراء بدعوة من الملك السعودي عبدالله، وذهب إلى العمرة وخطيب مسجد الحرم السديس شتم الشيعة قابلها الشيخ رفسنجاني أن ترك المسجد، اضطر الملك عبدالله لمعاقبة الخطيب السديس لإساءته للضيف هاشمي رفسنجاني، في أحداث الربيع بتوجيه من الناتو السعودية ودول الخليج شنت حملات طائفية ضد إيران، وقامت السلطات السعودية في إعدام مواطن شيعي سعودي بدون ذنب يستحق الإعدام في ينايرعام ٢٠١٦، وهو الشيخ باقر النمر رحمه الله، عملية إعدام الشيخ النمر كانت سبب في قطع العلاقات المتوترة مابين السعودية وإيران مرة ثانية.
ومن الطبيعي أن تكون هناك علاقات دبلوماسية، حتى بين الدول المتصارعة، سبق أن تم توقيع اتفاقيات ما بين إيران والسعودية، وتم تبادل الزيارات بحقبة الرئيس الراحل رفسنجاني والرئيس روحاني، كانت العلاقات عادية كعلاقة جوار، وكانت دول الاستعمار المعادية إلى إيران لاترغب بوجود علاقات إيرانية سعودية جيدة، مضاف لذلك المؤسسة الدينية الوهابية تكفر كل من هو شيعي، هنا ثمة سؤال يطرح نفسه ما الذي تغير في إعادة العلاقات السعودية الإيرانية في هذه المرة.
الحقيقة أن إعادة العلاقات هذه المرة تمت من خلال الشريك الصيني، شريك اقتصادي للسعودية وايران، لذلك تختلف هذه المرة أعادت العلاقات ما بين السعودية وإيران عن سابقاتها، هذه المرة تمت من خلال الشريك الصيني الذي بات الوحيد الذي يشتري بترول دول الخليج والشرق الأوسط بعد أن أصبحت أمريكا المصدر الأول للبترول والغاز بالعالم، لذلك السعودية تغيرت لأن كلام الصيني بات مؤثر ومهم.
من مصلحة الصين وجود استقرار بالمنطقة، لذلك الآن توجد فرصة جيدة تجمع إيران ودول الخليج في التعاون في مجالات التنمية والاقتصاد، اليوم الصين هي الضامن لهذا اتفاق، اتفاق اليوم مختلف عن كل الاتفاقات السابقة، إعادة العلاقات الإيرانية السعودية يزعج واشنطن بكل تأكيد، والأوروبيين، لكن الوضع بات مختلفا، الصين هي الدولة الوحيدة التي تشتري بترول الخليج والشرق الاوسط، السعودية عملت على ما يخدم مصالحها، وهي تعلم أن سوق الصين هي الوحيدة لشراء بترول الشرق الاوسط.
لولا اطماع دول الاستعمار لما تم تأجيج الصراعات المذهبية والقومية في بلداننا لكي نبقى دول فاشلة، بما اننا كشعب عراقي مبتلى في الصراعات الجانبية بين رفاق الدرب واخوة الجهاد والنساء نختم مقالنا في كلام إلى الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) «إذا أردت أن تعلم انّ فيك خيراً فانظر إلى قلبك، فإن كان يحبّ أهل طاعة الله عزّ وجلّ ويبغض أهل معصيته، ففيك خير والله يحبّك، وإن كان يبغض أهل طاعة الله ويحبّ أهل معصيته فليس فيك خير والله يبغضك، والمرء مع من أحبّ.
اللهم اجعلنا مع أهل الطاعة وليس مع أهل المعصية، هذا الحديث وضع لنا أسس صلبة وقوية للتآلف والتعاون وترك الخلافات الشخصية والحزبية، مصلحتنا جميعا أهم من الخلافات البينية بين ساسة مكوننا الشيعية العراقية.
كاتب وصحفي عراقي مستقل.
15/3/2023
ـــــــــــــ
https://telegram.me/buratha