مازن الولائي ||
صادف أن جاء من طريق لمدينة شبه منكوبة من الفقر! والفقر أول مروّج للتخلف وأول ناشط مدني ومنظمة مدنية! تجد لها مقرا مزيّن بجميل الرخام وشعار إغاثة الملهوف يعلوا سطح بنايتهم باهض الثمن! فسار سائقنا الذي يتمتم بينه وبين نفسه أين الضمائر الحية لترى ما يجري حول مكان مقدس تحكي الروايات أنه نصير الفقراء! وأنه جاء من أجل المستضعفين! والأكثر مصيبة أن جل المسؤولين يرفعون شعار ذلك المقدس الذي يقف الطين والماء الآسن على بعد مترات من عشاقه والهاربين من الجحيم نحوه والذين يرون في القباب خير مواسي لهم وأن تعالى الطين وتشفى بهم القهر ورتع في بيوتهم الخاوية الحزن! نظرت إلى محل تطوقه المياه شبه جزيرة وعلائم البؤس بادية على جبهة ذلك الدكان الذي يبيع طاعم لطيور الزينة وقد عرض بلبلا بمنتصف الشارع والبلبل لا أعرف إذا ما كان يبكي أو يستغيث في تغريده؟! رق قلبي وأخذت مسافة وركنت سيارتي وترجلت، وكسر خاطري ريشه المشتت والذي يبدو أن البرد والجوع قد نال منه! لحسن الحظ اعرف هذا النوع الجميل من البلابل فقلت هل للبيع ذا، قال نعم كل شيء هنا للبيع! وحقه يقول ذلك فلا شيء مستثنى مع الفقر ليس للبيع إلا إذا هناك من يستثني الأشياء لعلة ليس الكل يقيمها! بكم هذا الطير قال ب ٣٥ ألف تعجبت من رخص سعر الجمال! ففي غير مكان أكثر من ٧٥ وأكثر في بعض الأحيان! لكن يبدو أن لائحة الفقر لها رأي خاص بتسعير الأشياء وطريقة عرضها! وقد يجبرهم على بيع ما هو مثمن وغالي جدا بسعر يبقى الأب والأم يدفعانه طوال حياتهم وقد يكون سببا في وفاتهم! قلت وهل هذا القفص البائس معه قال لا ولكن عندي اقفاص بسعر مناسب! ومد يده على قفص من جريد النخل يحمل من التراب ما يحكي عمره الذي قضاه على رف الانتظار! مسك العصفور الذي حاول التملص من يد امتدت له غير رحيمة وهي يد تفكر بالقبض على ضحية الجمال قبل أن يتراجع هذا المشتري الطارئ لسبب أو آخر! سلمته المبلغ وأشعر أني اشتريت مثمنا وسترت على جمال تألفه العيون ولا ترضى له أن تهدر كرامته بذا الشكل ولا ذنب له إلا أن يد الأقدار انزلته منزلا غير ذي وعي! وحال وصولي للبيت مسكته برفق وأخذت أمسح على رأسه الملطخ بيعض الأكل واشعر بأنه عرف نيتي وما أنوي فعله به، غسلت القفص بشكل جيد وأخذت قبضة من خضار وغسلتها بالصابون وقررت من اليوم لن ينالك ما نالك في تلك البيوت التي يغني الأسى فيها ويرقص على مثل ذا الجمال، ولو تستطيع الكتابة نقل الصوت والصورة لعرفتم أني أكتب الآن على انغامه التي تحكي شكرا لأنك سترتني وقدرت جمال صوتي ولولاك لقتلتني عيون المتفرجين!
· القصة هي أحد أنواع الفن الذي يؤكد عليه القائد الولي الخامنائي المفدى، لما لها من تأثير وسحر آخاذ على روح وقلب الإنسان وهي أحد وأهم أنواع جهاد التبيين..
ـــــــ
https://telegram.me/buratha