مازن الولائي ||
حفيدتي التي بدأت تنطق بصعوبة الكلمات لكنها تلفظ كلمة "خالو" بوضح مشوبة بنكهة الطفولة والبراءة.. وجدتها تضع فمها الصغير على القفص والغريب البلبل لم تخيفه حفيدتي واستمر يغرّد! وكأن عالم الجمال سنخ عالم البراءة ومن نفس القماشة.. وعند اقترابي منها شاهدتها تريد السؤال ولما دنوت منها لافهم ما تريد وإذا بها تقول خالو لماذا لا نغرّد؟!
كأن السؤال صفعة لوعيي؟! وكيف استنتجت هذه المعادلة؟! وهنا أخذتُ عقلي والخيال لفسحة الجواب الذي لا أدري كيف أوصله لها؟! لكني انزلتها منزلة العقلاء وقلت يا روح خالو وقلبه نحن غير العصافير! ونختلف عنها في كثير من التفاصيل، أولها الجمال ونشره مهنة وفطرة لهذا المخلوق الغير ملوث! وهو لا يرتجي من نشر الجمال مالا كما أغلب من يدعون نشر الجمال! فالبعض لص مسعور حتى في جمال مزيف! شعرت أنها تفهم الكلام لأن عيونها الصغيرتان كادتا تخرجان من رأسها مددت يدي على رأسها وشعرها الرقيق يحكي نعومتها، قلت مهلا مهلا عيانك عندي أغلى من أي شيء يا أروع ( نَفَهَ ) ونَفَهَ تعني الحفيدة بلغة فرنسية الشرق الفارسية.. يا قلب خالو العصفور من أهم صفاته لا يكذب تبسمت وقالت انا لا اكذب هل أنا عصفور قلت بلى الآن أفضل من عصفور لكن ستكبرين وتنتزع منك صفة الصدق لأن من علامات أنك كبيرة هو الكذب ولو بنسبة! حزنت وكادت تبكي! والعصفور لن يغير في مهمته ولا يتلون أو نشعر منه المصالح، والوصولية، والتزلف، أو "النفاق" آه وما أخطر النفاق! ثم أن الأشياء كلما صغرت ارتفع ثمنها كما هي الؤلؤة وحبات ألماس! ولا عبرة بحجم الأشياء وظهورها أن لم تحمل في جوانحها حب التواضع والتغرّيد بلا فرض المثمنات! وإلا من وهب كل هءا الجمال يعّرف أن يضع آلية لأخذ العوض! فهل رئتنا التي نتنفس بها بثمن؟! ولو كانت تلك الرئة بثمن كم سعر النفس الواحد!؟ ولو شاهدتي من يضعون عليهم قناع التنفس ونسبة الأوكسجين تنخفض حتى ٤٠% هذا بكم هو أو من يراه من أحبابه يشتري له نفس من أجل أن يعيش!؟ ومثله من يصاب بعجز الكليتين! ومن يصاب بالمرض الخبيث اعاذ الله كل من يقرأ ويسمع بحوارنا بحق محمد وآل محمد عليهم السلام.. وكم سعر الحب تلك النعمة العظيمة وكم سعر العاطفة وكم سعر عشق الحسين عليه السلام وكم وكم ( وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ) النحل ١٨ . لكنه وهبها بالمجان ليعلمنا العطاء بلا أن ننتظر العوض ( مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) البقرة ٢٦١ . ومع ذلك هذا المخلوق - الإنسان- الذي لم يدفع إيجار جسده يعمل كل المعاصي ويرتكب بما وهبه رب العزة والكرامة والمطلع المآثم والموبقات والجرائر حتى في شهر رمضان! فهل ترين يا حفيدتي أننا نشبه ذا المخلوق الصغير الكبير في عطائه؟! رجعت تنظر للعصفور بإعجاب وشغف ورجع العصفور يثني على نظراتها بالتغريد الكثير..
v القصة هي أحد أنواع الفن الذي يؤكد عليه القائد الولي الخامنائي المفدى، لما لها من تأثير وسحر آخاذ على روح وقلب الإنسان وهي أحد وأهم أنواع جهاد التبيين..
ــــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha