نعيم الهاشمي الخفاجي ||
وحدة الصف تأتي عندما تكون عوامل مشتركة تجميع أشخاص أو جماعات سواء كانت دينية أو عشائرية، إن وجد عامل مشترك فتكون وحدة الصف ممكنة، العقلاء من الناس، لديهم أتفاق، على الاجتماع والائتلاف، ويعتبرون ذلك مطلب ضروري لا غنى عن التعاون أن اريد لهذه الأمة والجماعة البقاء.
إن الكلمة إِذَا تفرقت، تبرز حقيقة مايريده ضعاف الرأي وأصحاب النظرة القصيرة المحدودة، وكل طرف يحاول تنفيذ ماهو يريده، حتى وأن اتضح الحق لدى الطرف الآخر، لكن إذا كانت هناك رغبة وارادة وأن أصحاب الحل والعقد أو الزعماء تجمعهم أهداف مشتركة فأكيد تكون بينهم تعاون في الدفاع عن القضايا المشتركة إلى امتهم أو مكونهم أو تجمعهم القبلي.
العرب أمة محكومة ومضحوك عليهم عبر التاريخ، دائما تحكمهم الأمم الاخرى، ولدى قيادات وزعامات العرب، جينات وراثية في التعاون مع الأعداء والمحتلين، ولديهم لؤم بالتعاون فيما بينهم، رحم الله عالم اللاهوت الدنماركي بدر سن والذي كان متخصص في علم الأديان في جامعة اودينسا الدنماركية، مؤلف كتاب علي ومعاوية، يقول أن الدين الذي جاء به محمد من ربه والذي قاتل على تأويله ابن عمه وخليفته علي بن أبي طالب، دين يحتوي على نصوص عدالة اجتماعية تصلح أن تكون قوانين في دساتير العالم، لكن قريش قبلت هذا الدين ورفضت التخلي عن قبليتها الجاهلية.
العرب حكمتهم كل الأمم، حتى المماليك، والموالي والعبيد حكموهم، بالعراق احضر لنا الأتراك أشخاص تم شرائهم من جورجيا الحالية ليصبحوا حكام على بغداد في القرن السابع عشر والثامن عشر ميلادي، مملوك يتم شرائه من جورجيا ويصبح حاكم ووالي مطاع يطيعه شيوخ العشائر العربية، رغم أن هؤلاء الشيوخ العرب لديهم عشرات آلاف بل مئات آلاف من أفراد قبائلهم وعشائرهم، لكن تفرق الكلمة والتناحر هو الذي سمح إلى عبيد مملوكين يتم تنصيبهم حكام عليهم، نفس الوضع بل وابشع طبق في الجزيرة العربية والشام ماعدى اليمن، شعب اليمن الأصيل واعني أهالي اليمن الشمالي صنعاء وصعدة لم يحكمهم احد، بل أقاموا لهم دولة الامامة الزيدية حكمت أكثر من ٩٠٠ سنة وسقطت في عام ١٩٦٣ بسبب مواقف الإمام أحمد رحمه الله الداعم لقضية الشعب الفلسطيني.
دول الاستعمار هي التي رسمت حدود الدول العربية، وهي التي نصبت ومكنت واوصلت عملائها ليصبحوا ملوك ورؤساء وأمراء ليسلطوهم على رقاب الشعوب العربية، حكام العرب يعملون بغالبيتهم لصالح دول الاستعمار، وحتى الانقلابات العسكرية التي أطاحت بعملاء الاستعمار، قادة العسكر الانقلابيين أيضا دعمتهم دول عظمى أخرى وأصبحوا عملاء لدول أخرى.
هناك من يطرح آراء ويكتب ويقول، كيف تتوحد الدول العربية والإسلامية، اقول لمن يطرحون مثل هذه الاراء، كيف يتم توحيد العرب وحكامهم عملاء لدول الاستعمار، أي طرح يطرح لتوحيد العرب يقابله رفض من دول الاستعمار، ويتم قبر هذه الفكرة، وسيسعون لعرقلتها وإنهاء الفكرة وهي في مهدها، يأمرون عملائهم من الحكام العرب في تأجيج الصراعات البينية، واشعال حروب داخلية في بعض البلدان العربية، الحاكم العربي ليس من مصلحته الحديث عن الوحدة والتعاون لأنه يعتقد زوال حكمه، كلنا يتذكر خطابات الحلاب ترامب قال اتصلت بالملك السعودي وقلت له ياملك نحن نحميكم اعطونا فلوس، ويقول، قال لي الملك، لم يطلب مني رئيس أمريكي مثل طلبك هذا، يقول قلت له لانهم اغبياء، التفت لأنصاره قال ان نتركهم اسبوعين تسقط أنظمة حكمهم.
من مصلحة الاستعمار دعم المجاميع التكفيرية ليكون باب لحلب دول العرب وبالذات الخليجية، دائما دول الاستعمار الحديث تهدد حكام الدول العربية الخليجية بسحب قواعدها العسكرية وعدم حماية دول الخليج من أي تهديد من عدو وهمي مزعوم لا أصل له، لابتزاز تلك الدول، الصراعات بالدول العربية وخاصة قضية الربيع العربي، والذي تم اعداده من المخابرات الاستعمارية وتمويل وهابي خليجي صنعوا لنا فتن طائفية لتحطيم بعض الدول العربية، وفعلا حطموها بشكل جدا كبير تسببوا بقتل ملايين الضحايا.
أنا شخصيا أتمنى والنسبة الأكبر من ابناء العرب يتمنون من كل قلوبهم أن يحصل وجود تضامن عربي حقيقي على أرض الواقع، وأن تصبح كل شعوب العرب صفاً واحداً، ولكن الواقع على الأرض، يقول أن غالبية الأنظمة العربية صنيعة استعمارية، لذلك أطلق الكثير من ابواقهم الإعلامية المأجورة بالقول، فقد اتفق العرب على ألا يتفقوا، وفي الحقيقة اتفقت دول الاستعمار على منع العرب من التعاون والتضامن فيما بينهم، لاستعبادهم وسرقة ثرواتهم، وإذلالهم، أن الأدوات الاستعمارية الخانعة، ذيول الاستعمار، لا يمكن لهم أن يصبحوا فجأة أصحاب مشاريع وحدودية، اللاعبون الكبار من قوى الاستعمار لازالوا قادرين بلمح البصر أن يامروا عبيدهم من حكام العرب في إشعال المنطقة العربية بصراعات داخلية جديدة، بل ويحرك الاستعمار ذيول صغار جدا للوقوف ضد مشاريع بسيطة مثل إعادة سوريا للجامعة العربية المأزومة، رأينا مواقف دول
عربية خليجية جدا جدا صغيرة يرفضون عودة سوريا للجامعة العربية، دول اسمها عربي وغالبية مواطنيهم هنود وصينيين وتايلنديين، رفض دويلة صغيرة يمنع كذبة وحدة الصف العربي، وتذهب كل الجهود الصادقة، إن كانت هناك نوايا صادقة، تذهب هباءًمنثوراً.
في الختام، نعم توجد لدى العرب بعد سقوط التيارات البعثية واكتشاف حقيقتها وتعثر مشروع الإخوان بسبب تبني الإخوان للفكر الوهابي التكفيري، يوجد الان على أرض الواقع تيار عربي إسلامي رافض للذل والانبطاح و القبول بالهيمنة، هذا التيار المقاوم بات يمثل الصفوة العربية والإسلامية الجيدة التي ترفض مشاريع الهيمنة و الانبطاح والذل، وأثبت الشيعة وبمرجعياتهم ومذاهبهم جميعا، ومعهم الكثير من الفئات العربية السنية من غير الوهابية أنهم هم التيار العربي الأصيل والشريف الذي رفض ويبقى يرفض الانبطاح والذل والمهانة.
كاتب وصحفي عراقي مستقل.
20/4/2023
ـــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha
