نعيم الهاشمي الخفاجي ||
عندما نتابع مايكتبه الكتاب والصحفين العرب في صحف دول البداوة العربية، يتطرق الكثير منهم بطريق ساذجة بالقول لماذا العرب وضعهم الحالي مزري وبائس، وكأنهم يعيشون في أمة الهند والصين او في المناطق النائية في جزيرة جاوة والتي لازال قوم يعيشون بطرق نائية وياكلون لحم البشر.
يفترض بالعربي الذي ولد في أرض أكد وسومر وكنعان وفي الجزيرة العربية وفي أرض سبأ أن لا يتفاجأ بوضع أمة العرب المزري، وهذا الوضع ليس وليد اليوم، بل لدى العرب تاريخ أسود ومظلم من القتل والذبح وتعاون قادتهم وزعاماتهم العشائرية والدينية مع القوات المحتلة، يحاول المتطرفين من الحنابلة الوهابية تحميل خصومهم من الشيعة والمسيح والأكراد والأمازيغ، خيانتهم من خلال الافتراء على قادتهم بالقول تعاونهم مع الصليبيين والصهاينة.
والواقع العملي يثبت عكس ذلك، لانريد ان نتكلم عن أحداث لقبل الف سنة، لنتكلم عن تاريخ آخر مائة عام، رأينا تعاون زعيم العرب ومفتيهم الديني شريف مكة الكسيف علي مع القوات البريطانية والفرنسية الغازية، وأصدر فتوى بترك الجنود والضباط العرب الجيش العثماني، وشكل ميليشيات لهم بزعامة نجله فيصل الاول، وارسلهم لقتل الجيش العثماني التركي في دمشق، وسلم مفاتيح دمشق للقوات الفرنسية الغازية، وفتح لهم جناح سوريا لوصول القوات الغازية إلى الأناضول وإلى قلب عاصمة الدولة العثمانية، بخيانة قذرة، مقابل وعد شفهي ان ينصبوه ملك على العرب، لكن الانكليز نفذوا مخططهم، دعموا عبدالعزيز آل سعود وبقايا الوهابية من بقايا الدولة الوهابية الأولى التي صنعها وزير المستعمرات البريطاني مستر همفر، وسلموا نجد والحجاز إلى عبدالعزيز آل سعود وتم طرد شريف مكة الخائن.
التاريخ القريب يثبت خيانة شريف مكة، وشريف مكة ليس بقال وإنما مرجع وزعيم العالم العربي السني، وراينا خيانة عبدالعزيز آل سعود والوهابية وتعاونهم مع القوات المحتلة البريطانية والفرنسية، والتاريخ أثبت جهاد الشيعة والعشائر العربية الشيعية بالعراق والجزيرة العربية واليمن والشام ضد القوات المحتلة، واستشهد عدد من مراجع الشيعة في معركة الشعيبة والقرنة من ضمنهم الشهيد المرجع الديني شيخ الشريعة.
بالوقت الحالي أيضا انفرد الشيعة في رفض التطبيع والخيانة، رغم حملات التضليل والافتراء والكذب التي تطلق ضد القوى الشيعية بالعراق والشام واليمن، لكن رايات الحق واضحة لكل من يملك بصيرة، البصيرة ملكة معرفة الحق بالقلب والعقل والضمير، وليس بنظر العينين، يقول الله عز عجل في سورة الحج آية ٤٦، { أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا ۖ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}.
الواقع على الارض، الأطراف الشيعية باتت الوحيدة التي رفضت الانبطاح ولم ولن تتخلى عن ثوابت الامة، نعم أوضاع العرب سيئة، بسبب انظمتهم العميلة التي نصبها الاستعمار، مؤسس البعث ميشيل عفلق نتاج الماسونية، وتم نشر حقائق عنه في الفترة الاخيرة، أن عفلق سرق اتعاب آخرين كانت لديهم نية صادقة، منهم زكي نجيب إبراهيم الأرسوزي، الذي يعتبر مؤسس فكرة البعث من مدينة اللاذقية، يونيو ١٨٩٩، توفى في دمشق،١٩٦٨، مفكر عربي سوري ومن أهم مؤسسي الفكر القومي العربي، درس في اللاذقية، انتقل الى تركيا، خريج السوربون فلسفة، في إحدى وثائقه اعترف ان عفلق جندته الماسونية، وذهب إلى فلسطين وتربطه علاقة قرابة متزوج من سيدة تقرب إلى كولدمائير، بعد اجتماعه مع قادة العصابات الصهيونية اعلن عن تأسيس حزب البعث، لذلك البعث صنيعة صهيونية، وكل الولايات التي لحقت بالعراق ولبنان هي بسبب حزب البعث العفلقي، مافعله المقبورين البكر وصدام جرذ العوجة يتماشى مع المخططات الصهيونية.
هذا يثبت أن دول القومية البعثية وجه قبيح لايقل قباحة عن دول البداوة صنيعة الاستعمار، لذلك لم يمر على العرب وضع مذل ومخزي مثل ما نمر به نحن كعرب الآن، مشكلة الكتاب والصحفيين العرب حتى عندما يتطرقون إلى القوى المقاومة للاستعمار يذكرون احمد عرابي وعمر المختار، ويتعمدون على عدم ذكر مراجع الشيعة الذين أفتوا في مجاهدة القوات الغازية، حتى انا قرأت مقال إلى شخص يكنى في الهاشمي المشهداني يقول سبب تأخر وصول القوات البريطانية إلى بغداد ثلاث سنوات ليس بسبب مقاومة العشائر الشيعية بالجنوب والفرات الأوسط وإنما بسبب كون وسائط التنقلات للقوات الغازية تعتمد على الخيول، كلام بقمة الانحطاط الأخلاقي.
نعم هناك قوى سنية قاومت المحتل في شمال أفريقيا وليس في المشرق العربي، قاتل عمر المختار وقدم نفسه شهيدا، بينما لم يسجل التاريخ لدينا في دول الشرق العربي زعيم عربي سني قاتل القوات الغازية من عام ١٩١٤ ولغاية عام ١٩١٧ بحقبة الحرب العالمية الاولى، نعم شارك السنة في ثورة العشرين التي فجرها الشيعة لكي يحصلوا على زعامة الحكم في الدول
العربية الجديدة التي بدا المستعمر في رسم حدودها، قاتلوا لأجل الحصول على المناصب في العراق وسوريا لا أكثر.
الدول الاستعمارية بريطانيا وفرنسا، كانت خطتهم إسقاط الدولة العثمانية ورسم حدود دول الشرق الاوسط، لذلك بعد هزيمة الدولة العثمانية، رأينا كيف الاستعمار وجه الشعوب العربية ومن خلال عملائه للمطالبة في تجزئة الدول العربية في اسم تحرير الشعوب العربية من الاحتلال وتنصيب ملوك ورؤساء للدول العربية المستقلة بشكل صوري، لذلك كانت الشعوب العربية تحلم أن بعد التحرر من المستعمر، سوف تحقيق الرفاه، عبر خلق اقتصاد قوي بصفة المستعمر ناهباً للثروات الوطنية، وايجاد قيادات وطنية تسعى إلى الوحدة العربية والعمل على تطوير الوضع المعاشي والاقتصادي، وهذا الحلم بحد ذاته سذاجة، المستعمر نصب عملائه يحكمون الشعوب العربية نيابة عن احتلال الاستعمار العسكري المباشر للدول العربية، لذلك كل الذين كانوا يحلمون في تحقيق العدالة والوحدة العربية، هذه الشعارات لم يتم تحقيقها ابدا، بل عشنا وراينا تشرذم الوطن العربي وتقسيمه، بل حتى البلدان العربية التي رسم حدودها المستعمر قابلة للانشطار والتجزئة، لأن المستعمر دمج مكونات مع بعض غير متجانسة، ورفض تشريع دساتير تكون حاكمة، تضمن مساواة للجميع وضمان المكونات المشاركة في القرار السياسي لتبقى دولنا فاشلة، تسودها الفوضى والصراعات المذهبية والقومية، ولم يعد طموح الشعوب العربية بحياة رائعة ومرفهة، بل باتت الشعوب العربية، تعيش تحت ظلم واجرام القادة العرب عملاء الاستعمار، وأصبح هم المواطن هو البحث عن لقمة العيش والدار الآمنة، أنا شخصيا هربت من العراق ليس للنزهة، بل نجوت من إعدام محقق، ووجدت عشرات آلاف العراقيين الفارين من إجرام صدام الجرذ.
رأينا اليمن تحول إلى شمالي وجنوبي، السودان أصبح سودانيْن سودان شمالي وجنوب السودان، والآن حرب السودان الدائرة تعجل من استقلال الكثير من الأقاليم الغير متجانسة، وضع العراق دولة واحدة بها ثلاثة شعوب متصارعة.
غالبية الشعوب العربية لاتحترم حكوماتها، بل يعلمون علم اليقين ان مصائب الشعوب العربية من أنظمة الحكم الفاسدة التي عينها ونصبها ومكنها الاستعمار من خلال دعم أشخاص عملاء يعملون لصالح الاستعمار، هناك غضب شعبي عربي على الأنظمة العربية الفاشستية، على الأنظمة العربية أن تراجع تعاملها مع الشعوب في العمل على إعطاء الحرية للشعوب في المشاركة السياسية والتعبير عن الرأي وتشريع قوانين عدالة اجتماعية، وتطبيق نماذج حكم الملكيات الدستورية، إن أراد ملوك وحكام العرب البقاء في مناصبهم،
المعارضة للأنظمة حق مشروع يشارك بها الكاتب والصحفي والمثقف والطالب والأستاذ الجامعي ورجال الأعمال، في ثورة الشعب الإيراني التي فجرها السيد الإمام الخميني رض لعب رجال الأعمال وتجار البازار الإيراني، دور مهم ومحوري، في إسقاط نظام الشاه، عندما يشارك رجال أعمال عرب في معارضة انظمتهم القمعية، تنبري إليهم الفيالق الإعلامية المرتبطة في دول البداوة لتشويه سمعتهم، على سبيل المثال، أحد المرتزقة كتب( أن رجال الأعمال دافعهم الأساسي الأنانية عبر تضخيم ثرواتهم، وهذا حق مشروع لهم إذا لم يخالفوا قوانين الدولة التي تنظم العلاقة بين أفراد المجتمع، وتضخيم الثروة الناتج عن الأنانية ليس عيباً، فرجل الأعمال يدفع الضريبة ويقيم المشاريع أياً كان نوعها، فهو بالتالي يوظف الناس ويحرك عجلة الاقتصاد بدلاً من توقفها نتيجة قرارات اقتصادية لم تُعطَ حقها من الدراسة الكافية).
أسلوب بقمة الخسة والنذالة، يريد من رجل الأعمال مطيع للحاكم الفاسد، في الدول الديمقراطية، من يسيطر على الأسواق القطاع الخاص، والدول تشرع القوانين لجذب رجال الأعمال، من مختلف جنسيات العالم، والذين يبحثون عن بيئة اقتصادية مستقرة يستطيعون أن يعملوا بها دون خوف على مصالحهم الاقتصادية، وقوانين تُبين واجباتهم وحقوقهم دون طمع في ثرواتهم، فهم لم يحصلوا على هذه الثروات إلا بالجد والمثابرة، رجال الأعمال يعطون ٤٠% من ارباحهم إلى دولهم، فهم العمود الفقري للاقتصاد والعيش الكريم في الدول الغربية.
في الختام البيئة العربية ساذجة لذلك تنتج كتاب وصحفيين وطبقات تدعي الثقافة والمهنية والاختصاص، ويتقدم اسماؤهم حرف الدال، لكن هم بالحقيقة أضلوا من البهائم الناهقة.
كاتب وصحفي عراقي مستقل.
9/5/2023
ــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha