المقالات

شخصيات ومواقف..(٤٠) صلاة الجماعة والرجل المسيحي


د. مالك العظماوي ||

 

مرت على العراقيين سنوات عجاف خصوصاً في تسعينيات القرن المنصرم، عندما فُرض الحصار على الشعب العراقي الذي ساهمت به جميع ما تسمى بالدول العربية، بل وراح العرب يسخرون من العراقيين وهم شامتون.

وفي خضم هذه الظروف العسيرة، إلتجأ العراقيون إلى الصلاة والتعبد بشكل غير مسبوق، واتجه الشباب نحو العبادة لا سيما كان اللبث في المساجد والجوامع مراقباً من قبل رجال الأمن والرفاق البعثيون. وكما قيل: (كل ممنوع مرغوب) فقد تسابق الشباب إلى المساجد ليغيظوا النظام آنذاك.

وكان لنا شخص من أرحامنا يدعى (سعدون) لا يصلي، وكنا نحثه الصلاة والإلتحاق بركب المصلين، لكنه كان يأبي وحينما نتوجه لصلاة الجماعة كان يودعنا قافلاً إلى داره، لينعم بالراحة والغداء في حين نحن نتأخر في صلاة الجماعة التي يؤمها المغفور له سماحة السيد قاسم السيد هجر رحمه الله تعالى. فقد كانت الصلاة الوحيدة في المدينة، ولم تقام اي صلاة جماعة أخرى سواها، وكانت المساجد الأخرى شبه خالية إلا من بعض كبار السن الذين يعدون بعدد الأصابع.

وذات يوم جمعة من شهر رمضان المبارك، ألححنا على سعدون ليذهب معنا إلى الصلاة ويرى الأعداد الغفيرة التي تحضر الصلاة ويستعذ بالله من الشيطان ويجرب الصلاة معنا. وبعد الجدل والنقاش معه إقتنع أن يرافقنا ونذهب سوية إلى مسجد الشيخ عباس. وفعلاً التحقنا بالجموع المؤدية للصلاة وكان المصلّون كثيرين بسبب حلول شهر رمضان الفضيل كما وقد وافق يوم جمعة فقد ازدادت اعداد المصلين. وبعد أداء صلاة الظهر، وقراءة الدعاء بين الصلاتين، نهض السيد قاسم رحمه الله تعالى ووقف بالمحراب قائلاً:

اليوم ونحن نعيش هذه الأيام المباركة من الشهر الفضيل، نريد أن نخبركم بأن أخاكم (بولص) الذي كان مسيحياً قد دخل بالإسلام وعلى مذهب أهل البيت عليهم السلام.

وهنا تعالت الصلوات والتكبير، وبإشارة من السيد قاسم، نهض شاب ثلاثيني ووقف بجانب السيد وأخذ يتحدث عن سبب اعتناقه الإسلام، فتعالت الأصوات ثانية مرحبة به، وكثرت الصلاة على النبي وآله، وكان يوماً مشهوداً بتاريخ الناصرية في حينها، وكان صاحبنا سعدون يسمع ويرى ما يحدث أمامه، ونحن مبتهجون وننظر إلى سعدون عسى ان يزيد هذا الموقف من إيمانه.

وبعد الصلاة، وعند خروجنا من المسجد الذي يقع بالقرب من سوق إخوتنا الصابئة، شعرنا بالفضول يقتلنا لنسمع رأي سعدون بصلاة الحماعة وبما حدث هذا اليوم مع الأخ المسيحي الذي إعتنق الإسلام، لكن سعدون فاجأنا بقوله:

- اليوم حضرتُ معكم هذه الجمعة، فأسلم رجل مسيحي، وسترون في الجمعة القادمة سوف لن يبقى صابئياً إلا ويأتي معكم للصلاة.

دخلنا بنوبة من الضحك من كلام سعدون ولم نستطع كتم ضحكاتنا طيلة الدرب ونحن عائدون لبيوتنا.

 

ــــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك