نعيم الهاشمي الخفاجي ||
بكل الأحوال هذا هو قدرنا اننا ولدنا عرب، وبظرف زمني عصيب تداعت علينا الأمم، ونهبوا خيراتنا بالعلن، ونصبت علينا قوى الاستعمار عملائهم ليكونوا حكام ظلمة يعاملون شعوبهم بالحديد والنار والقهر والقتل، أصبح العربي المحظوظ الذي استطاع الهرب بجلده من موطنه الأصلي، ليعيش مغتربا في دول العالم.
بالتأكيد غالبية المثقفين العرب سئمت من دعم دول الاستعمار للأنظمة الدكتاتورية العربية التي تعاملت بعنف وقسوة مع الشعوب العربية، لا يعقل أن دول الرأسمالية تحكم بلدانها بطرق ديمقراطية ويدعمون أنظمة بدوية عربية متخلفة تحكم شعوبها بعقلية بدوية تقطع رؤوس المعارضين بالسيف، بل تم قطع رؤوس المئات من المواطنين العرب بالسيف بسبب تغريدة كتبت في مواقع التواصل الاجتماعي، أو بسبب كلمة أو قصيدة تحدث بها الضحية في مجلس خاص او عام يشك من كلامه انه ينتقد النظام الحاكم الجائر.
عندما ندخل إلى مواقع التواصل الاجتماعي، تجد الغالبية الساحقة من حسابات العرب، لا تخلو تغريداتهم من الحديث عن دعم دول الاستعمار للأنظمة العربية الظالمة الجائرة، وهناك انتقادات لدعم الدول الكبرى الغربية لتلك الأنظمة الجائرة والظالمة.
هناك حروب سواء مباشرة أو غير مباشرة دائرة بين الدول العظمى الخمسة، من خلال دعم صراعات جانبية او من خلال فرض العقوبات الاقتصادية، هناك قوى عظمى باتت بصراع شبه مباشر مع القوى العظمى الغربية، غالبية أبناء الشعوب العربية يبحثون عن وسيلة للضغط على الأنظمة العربية لتغيير تعامل تلك الأنظمة الجائرة مع الشعوب العربية المظلومة، هناك من المغردين والمثقفين العرب يدعون إلى انتقاد مواقف الدول الغربية العظمى ويدعون الى مقاطعتها والاتجاه نحو القوى العظمى بالشرق، وترك التعاون مع الغرب، هناك من يقول أن القوى الغربية بطريقها إلى الانحسار، بلا شك كل القوى التي تشعر بظلم من الأنظمة العربية الجائرة تمقت القوى العظمى الغربية الداعمة لتلك الأنظمة العربية الجائرة المدعومة غربيا لاضطهاد وإذلال الشعوب العربية.
الأنظمة العربية مسلوبة الإرادة ولايمكن لهم التوجه نحو الصين وروسيا كبديل عن الدول الغربية، أو حتى التفكير لتكوين محور مع قطب ثاني عالمي، لكن حدثت تبدلات في إنتاج الطاقة بالعالم، كانت دول الخليج وإيران والعراق تغطي أكثر من ٧٥% من الطاقة لدول العالم، الآن مع دخول أميركا كأكبر دولة مصدرة للبترول والغاز بالعالم واتجاه معظم دول الغرب والعالم نحو استخدام الطاقة البديلة المستدامة المستخرجة من ضوء الشمس والريح، لم تبقى سوى الصين والهند تشتري النفط العربي والشرق اوسطي، الدول العربية لا تملك جرأة في الذهاب نحو الصين وروسيا ودعم ميلاد ثنائية قطبية وإنهاء سيطرة القطب الواحد.
الآن على الصعيد العالمي، ظهرت قوى اقتصادية هائلة في الصين والهند، الهند استنسخت وطبقت النموذج الصيني الاقتصادي بشكل كامل ، الهند خلال الشهر القادم تتجاوز على الصين في عدد النفوس، لذلك أصبح تعداد عدد النفوس في الصين والهند يساوي نصف سكان العالم، روسيا أيضا قوة عسكرية ودعمت اقتصادها خلال العقدين الماضيين حيث اهتم الرئيس الروسي بوتين في دعم القطاع الاقتصادي الروسي.
أمريكا تبقى قوة عسكرية واقتصادية هائلة الناتج المحلي الإجمالي الأميركي هو ربع الناتج العالمي منذ أكثر من ثلاثين عاماً حتى اليوم، الشركات الأميركية تملك شركات مصنعة إلى ماركات ذات جودة عالية، حتى بتفشي كورونا، استحوذت الشركات الأمريكية على لقاح فايزر، والذي بيع منه كميات هائلة ربحت منه الشركات المصنعة مئات مليارات الدولارات.
أوروبا مرتبطة مع امريكا، وكل ما نسمع من الدعوات التي تظهر في أوروبا بوجوب استقلالها عن أميركا، فهذا الكلام غير صحيح، كلام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي نقلته وسائل الإعلام في اعتماد أوروبا على نفسها، كلام ربما شعار انتخابي منه، الواقع أن شعوب أوروبا مع أمريكا، نحن نعيش بالغرب، رغم ارتفاع الأسعار الفاحش بسبب أحداث أوكرانيا، لكن شعوب أوروبا بغالبيتها تبقى مرتبطة مع أمريكا بشكل قوي، تربطهم مشتركات في اللون والشكل والديانة وتاريخ طويل في الفتوحات بالشرق الأوسط وأفريقيا وفي الأمريكيتين، إذا تذهب بزيارة إلى أمريكا تجد الأمريكان ذو البشرة الشقراء أصولهم اوروبية، المشتركات مابين الامريكان والاوروبيين كثيرة، فهم متوافقين متكاملين، بشكل ممتاز.
اليوم المواقع الخيرية في تويتر، نشرت تصريح إلى المستر الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن يحذر من أزمة ديون متراكمة تبلغ٣١.٤ ترليون دولار، ويدعو الكونغرس لإيجاد طرق لسدادها ويقول ان ادارة سلفه ترامب مسؤولة عن٤٠% منها.
الصين والهند وروسيا تجمعهم مشتركات في رفض سيطرة القطب الواحد، بغض النظر عن الاختلافات الأيديولوجية بالصين والهند وروسيا، لكن البترول والغاز الروسي ممول جيد إلى الصين والهند، منتجات الشركات الروسية والصينية والهندية تسد الحاجة الاقتصادية بتلك الدول، مضاف لذلك منتجات شركات الصين والهند وروسيا لديهم أسواق جيدة في الشرق الأوسط وأفريقيا وإيران وجمهويات آسيا الوسطى وافغانستان وباكستان.
أحداث أوكرانيا لابد أن تنتهي، لذلك امريكا تبقى متزعمة على اوروبا، فرنسا وبريطانيا ينقادون إلى الشقيقة الأكبر الولايات المتحدة الأمريكية، لذلك أصبح اللاعبين الكبار، ليسوا خمسة وإنما في الحقيقة ثلاثة، هؤلاء الثلاثة هم أمريكا ومعها أوروبا، وروسيا والصين ومعهم الهند وإيران وآسيا الوسطى والكثير من الدول العربية والافريقية التي تبيع نفوطها إلى الهند والصين.
الدولار يبقى مسيطر بالقارة الأوروبية مع اليورو، أما في الصين وروسيا والهند ودول الخليج المصدرة للبترول فيتم التعامل في العملات الصينية والعملات المحلية الأخرى.
في الختام يبقى العرب لا مكان لهم في رسم السياسات الخارجية وتشكل الأقطاب العالمية.
كاتب وصحفي عراقي مستقل.
12/5/2023
ــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha