مازن الولائي ||
الحاج نظامي حارس في أحد معامل الغزل والنسيج التابعة للحاج ابهري، والمعمل يحتوي على ما يقارب خمسين فني نساء ورجال، وجميع هؤلاء يحترمون الحاج نظامي الذي يعمل من جهة حارس وله غرفة هي كل دنياه في حديقة المعمل الكبيرة، والتي تجاور مسجد صغير بناه الحاج ابهري للعاملين، ومعروف في هذه الدولة والمدينة لا يوجد معمل أو مؤسسة أو مدرسة أو جامعة إلا وفي بنيتها التحتية جامع للصلاة! الأمر الذي تفقده دولا كثيرة حتى في أهم مؤسساتها!
نظامي ذي الخمسين عاما والذي يتصرف ببراءة وعفوية هش بش وسمح الوجه يدخل القلب بعذوبة، ويمتلك من التجربة الكثيرة جدا، وله دراية في علم النفس كأنه خريج جامعة هذا الاختصاص والزهد الذي يتمتع به شيء مقنع وواقعي ولطيف .. تفد عليه الكثير من طلبة الجامعة بعد انتهاء الدوام وعند باحة الجامع الذي يتوسط فنائه نافورة من مرمر مضيء والأشجار تلامس خدود الماء وأصوات العصافير تبعث السرور في النفس، لأن علاقة طلبة الجامعة في هذه المدينة بالجامع أمر مهم وملفت، قصده طالب بعد تردد وجاء إليه قبل صلاة المغرب وقال للحاج انا قاصد لك بحاجة يا حاج قال على الرحب يا ولدي، ولكن بعد الصلاة سيكون عشائك عندي.. وفعلا وبعد الصلاة ودعاء الفرج جاء الشاب إلى بيت الحاج نظامي وحين دخل وجد أن الغرفة التي يجلس بها منظمة وجميلة وفيها روحانية ولها طلاوة، وعلى أعلى الحائط صورة للسيد روح الله الخُميني العزيز بالاسود والأبيض، وبعد عشاء خفيف قلت يا حاج لما لم تكن لك أسرة!؟ قال كانت لي زوجة ورحلت إلى سبيل حالها ولكن قالها ووجهه تهلل لطافة وحزن! قلت يا حاج أنا واقع بغرام امرأة وأصبحت كل شيء عندي بيلة وضحاها! قال نظامي ممتاز العشق بالحلال شيء جيد، ولكن ما المشكلة؟! قال يا حاج كل شيء فيها حسن وجميل ورائع إلا شيء واحد وهو الغيرة التي تتصورها أنها خصلة أنوثة ولا تنازل عنها! وهذا الأمر سبب لي مشاكل كثيرة وصدام لفظي عجزت معه على أن اغير قناعتها في موضوع الغيرة التي طالما كانت حبل المشنقة الذي لف حول رقاب العلاقات الجميلة أو البيوت التي كانت ترقص فيها عصافير السعادة!
الحاج نظامي ينظر بعمق لكلام الشاب وهو يقرأ حرقة قلبه والحيرة التي تحكيها أوتار صوته المبعثر والحزين! حتى قال يا ولدي مرت علي تلك المشاهد التي لعب الشيطان تارة والنفس الإمارة بالسوء تارة أخرى! وقضيت سهام الغيرة على مشاريع لو تعقّل الطرفان فيها لنتج الكثير من الخير بدل العداوات!
ولكن يا ولدي إياك واختيار تلك الزوجة والاقتراب منها! فهي بحكم طبائعها الأنثوية تعتبر الغيرة من مختصات شخصيتها حتى دون أن تشعر في كثير من المرات! ومع شخص مثلك تشكل الغيرة عنده نقطة أرق لا يستقيم الحال وواقع الأمر ليس لدينا الكثير من الوقت والجهد للنفقه على مشاكل جانبية تؤخرنا عن التكليف الذي هو سراج وحصان وصولنا لرضاه تبارك وتعالى، من هنا عزف الكثير من امثالي بعد التجربة الفاشلة في الزواج عن تكرارها رغم كل المرغبات التي تعج بها بطون الكتب! من هنا يا ولدي قررت عدم تكرار تجربة كان قاضيها والشاهد هو الغيرة الخارجة عن حدها والتي تشبه الجهل المركب حين يتصرف الإنسان وهو لا يعلم أنه جاهل! وهذه تركيبة مجتمعاتنا التي فيها هذا النوع المتعب والذي يقف عائق في طريق الكثير ممن نذروا أنفسهم شموعا في طريق السائرين.. يقول أحد مراجع الدين في كتاب له يتكلم به عن المجاهدين يقول كم من مجاهد كبير أضحى ندافا بسبب ضغط الزوجة الجاهلة في جهاده! أعلم يا ولدي هنا في هذا البلد لا يسمح بالزواج دون فحص صور الدم التي تثبت سلامة الزواج وعدم إنتاج أولاد معاقين أو مشوهين! كذلك يجب أن يكون اختيارنا الفكري مشروط بشهادة سليمة أو ننتظر المجهول!
القصة هي أحد أنواع الفن الذي يؤكد عليه القائد الولي الخامنائي المفدى، لما لها من تأثير وسحر آخاذ على روح وقلب الإنسان وهي أحد وأهم أنواع جهاد التبيين..
ـــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha