مازن الولائي ||
الحاج طهراني منذ شبابه يعمل بمهنة بيع اللبن الحقيقي والغير مخلوط أو مغشوش! وهو كل يوم قبل الفجر يستقل سيارته القديمة ويأخذ فطاره معه وسجادة الصلاة التي دائما تصادف عند تخوم القرية التي يجلب منها ذلك اللبن والحليب من بيوتات يثق بها ويعلم أنهم بيوت وعوائل من المخمسين والمعطين الحقوق الشرعية، بل ولأنه يعلم أن بعض ريع هذه الأموال يذهب إلى الأعمال الخيرية ومنها بعض عوائل الشهداء والعوائل المتعففة، وهذه التفاتة مهمة أن يسعى المرء إلى البحث عن مساعدة تلك العوائل ولو بالشراء منها واسترباحها منا..
يأتي به إلى بعض بيوتات المدينة التي تعرفه وتعرف تدينه والتزامه وتقواه، بل وجميع تلك البيوت تقدر الحاج طهراني بعد أن رأت منه شبه كرامات في الدعاء والأخلاق، لأن له أكثر من حادثة كان هو السبب في دفع ضرر كبير ولولاه لحدثت مفسدة كبيرة!
وفي يوم من الأيام وحيث أراد طرق الباب وإذا ببنت صاحب البيت ذي التسعة عشر عاما خرجت باكية وعليها مظهر الحزن! ففورا اوقفها الحاج طهراني أبنتي سلامات مابك؟! وبعدد تمنع وتردد قالت يا عم أنا بمصيبة كبيرة ولا أحد يعلم بها إلا الله، قال خيرا بنتي ما هي قولي لي عسى بمقدوري مساعدتك! قالت يا عم سرق هاتفي ولا أعرف كيف ولا أين ومن الذي سرقه آخر عهدي به يوم كنا في كافيه الجامعة ولم أخبر اهلي! وهاتفي لا يصلح أن يرى أحد ما فيه! تأثر الحاج جدا ولكن همهم متوسلا بالله سبحانه وتعالى لأن هذا البيت الذي هو بيت والد هذه الشابة من البيوتات المحترمة وأي شائبة قد تسبب ضررا كبيرا للعائلة! فقال هل اتصلتي على الموبايل قالت مقفل منذ فقدته! قال أعطني رقمك وسوف أحاول وبإذن الله تعالى يفتح صاحب الموبايل تلفونك! تكدر خاطر الحاج وصار لا يرغب بأكمال بيع اللبن حزنا على تلك الشابة التي أدرك خطر ما في جهازها الخاص! فقرر الذهاب بعد إكمال مشواره إلى مرقد احد الصالحين من العلماء في المدينة، وهذا العمل من لطائف الله سبحانه وتعالى حيث في لحظات الضعف يهرع الإنسان إلى تلك القوة الروحية التي يظن أنها قادرة على فعل المحال! ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) المائدة ٣٥ .بقي يحاول الاتصال وكل مرة يخرج الهاتف مغلق وبعد مضي وقت طويل تم الإتصال بالشخص الذي يحمل الجهاز! وفورا قال يا هذا أقسم بالله العظيم عليك أنني سوف امنحك ما تريد أضعاف ما يجلب لك سعر الموبايل! استمع لي ولا تضيع فرصة المال الحلال، قال ذلك الشخص ومن يضمن لي أنك صادق وما تقوله تحققه!؟ قال إختر انت الطريقة وانا رجل معروف في المدينة إسمي الحاج طهراني بائع اللبن بل حتى عندي لقاءات نشرت على الانترنت من بعض المراسلين أدخل للنت وأنظر هل هذه الشيبة كذوبة؟! رق قلب ذلك السارق وهنا دور الصدق وتأثيره على المقابل ثم قال أنت ما تكون لصاحب الموبايل قال لا شيء سوى أنني كل كم يوم أتي باللبن ابيعه لأهلها وهي بنت ذلك البيت المحترم.. قال طيب يا حاج لكن لا اتنازل عن العوض بشرط أن لا تسبب لي ضررا لأني منذ أخذت هذا الجهاز من شخص بائعه لي بثمن بخس وأنا اشعر أن أموري على غير ما يرام! وأنت الآن تؤكد لي هذا الشعور، قال الحاج طهراني أعلم يا بني لعل ما حصل رسالة لك ولي وللبنت التي سرق منها الهاتف وهو يحمل خصوصيات لا ينبغي لنا تعريضها إلى خطر الاستغلال! والرسالة لك أنك بترددك هذا وحيرتك وشعورك بأنك لست على ما يرام إنما هو دليل بقايا ضميرك الحي خلاف البعض ميتي الضمير والأرواح وعندهم أذية الغير تسلية وقضاء وقت جميل! تأثر ذلك الشاب بنبرة الحاج طهراني الصادقة والمملوءة عاطفة، وفعلا أتفق الطرفان على تسليم الأمانة وجاء الشاب وجاء الحاج طهراني وهو يحمل بعض من اللبن ذي المصدر الحلال، سلم الشاب وهو حذر ومربك! فقال الحاج طهراني أقسم بجلال الله تعالى لن يعلم بمجيئي إليك غير الله المطلع فلا تخف أو تتصور أن خلفي البوليس، هدأ الشاب وفورا أخرج الهاتف ووضعه على الطاولة وقال أول مرة يحدث معي هذا الأمر! ولا أدرك حكمته! قال الحاج بلا حتى تسمع من بائع اللبن المحتاج إلى رحمة ربه نصيحة وتشرب منه اللبن! ضحك الشاب وقال أنا كلي ثقة الآن أن الذي حصل هو أمر أريد بي أن أسلك مسلك غير الذي كنت عليه! اطمأن يا حاج كلما هممت بفتح الهاتف كان يحصل شيء يعطلني حتى حين فتحته اتصلت أنت وهذه النتيجة..
( قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا ) الكهف ٢
القصة هي أحد أنواع الفن الذي يؤكد عليه القائد الولي الخامنائي المفدى، لما لها من تأثير وسحر آخاذ على روح وقلب الإنسان وهي أحد وأهم أنواع جهاد التبيين..
https://telegram.me/buratha