كعادته، هو وشقيقه، يفضّل الجلاد ناصر حمد، نجل الحاكم الخليفي، أن ينشر صورَه في “اليمن”، وكأنّه يقضي واحدةً أخرى من مغامراته المراهقة في بريطانيا، أو في إحدى مراتع الرفاع الحصينة!
الجلاّد، وبصحبة شقيقه، فضّل أن يروِّج بأنّه في رتبة “عميد”، متقدِّما على شقيقه خالد، الذي يحمل رتبة “رائد”. ناصر أولاً، وبعدها يأتي الآخرون، في السباحة، الرماية، الجري، وفي الرتب العسكرية. ترويجٌ اقتصر على الصّور ذات الوضوح العالي، وأرادَ بها أبناءُ الجلاد الكبير أن يُضيفوا إلى “بطولاتهم الإلكترونية” بطولةً أخرى من أرض اليمن.
البطولةُ هنا لا تعني الدخول في ميدان الاشتباك الحقيقي. منذ ضربة معسكر “صافر”، والوجع الذي سقط على الجنود الإماراتيين؛ لم يعد يجرؤ أحد من أبناء “الملوك والأمراء” التقدُّم إلى الخطوط الأماميّة، أو التحرُّك بدون حماية خاصة.
المهمّة التي يريد حمد أن يقولها هو أنّه على استعدادٍ لرسْم قصّةٍ جديدةٍ لناصر وخالد، وهذه المرّة في ميادين القتال “الملتهبة”. والغرض من ذلك متعدِّد الوجوه والأغراض. فالحاكمُ المبغوض من شعبه، والذي لا تتوقف الإداناتُ الدولية عن رجْمه يومياً؛ يريد أن يتعلّق بسفينة “السعودية” الغارقة أصلاً، وهو لا يجد مانعاً من أنْ يفطر قلبَه بغيبة أبنائه الجلادين “السياحيّة”، تأكيداً للرياض بأنّه “باقٍ على العبودية” لها، ومهما كان الثّمن.
“نزهة” سريعة، خاطفة، كلمْح الخوفِ والذّل الذي يطبع آل خليفة؛ ذهب ناصر وخالد إلى اليمن، ثم عادا سريعاً إلى حُضن الوالد/ المُصاب بأمراض العظمة.
يُقام حفْلٌ لاستقبال الأبناء، وكأنهم أتوا من المعركة الكبرى، وبات لازماً تكريمهم مثل الأبطال الفاتحين!
المشهد هو أبعدُ من الحقيقة، وأقربُ إلى السخرية. ويزيده سخريةً حينما يقف سلمان حمد، صاحب “أكذوبة الحوار”، لابساً البذلة العسكرية إلى جانب والده، صاحب “أكذوبة الميثاق”، وهم في استقبال “الأمراء الفاتحين”، وكأن الأيام الخاطفة التي قضاها الجلادان في اليمن، وتحت المدرعات المحصّنة، وفي وسط رمال الصحراء، حيث لا أحد ولا خبر؛ هي شبيهة ب”أيام” العرب الأولى، حيث الحروب والقتال لا ينتهي.
لا يريد حمد منّا أن نصدّق أنّه “يسعى للإصلاح”. وهو لا يريدنا أن نصدِّق أيضاً أنّ أبناءه الجلادين والكذّابين أحرزوا النياشين والرّتب العسكرية بعد خوْض المعارك والانتصار على جيوش كبرى. لا يريد منّا ذلك.
هو فقط يُمارس أمراضَه المزمنة، ويُداويها بالتي كانت هي الداء.
.................https://telegram.me/buratha