قال آية الله الشيخ عيسى قاسم بأنّ قوّة الشعب والحكومة يكون بوجود وطن مستقر على مستوى الداخل، ويحظى بالاحترام في عين الخارج.
وفي بيان أصدره السبت، أوضح الشيخ قاسم بأنّ الحكومة تحصل على قوّتها في حال ضمنت الحماية من داخل الوطن، عبر “علاقات كل مكوناته”، وحين تصبح العلاقة بين مكونات الوطن والسلطة “صحيحة” و”حميمية”، بحسب تعبيره.
وأضاف الشيخ قاسم بأن “الحكومات تقوى بقوَّة شعوبها”، وفي قدرتها على “أن تبني شعوباً قويَّة متماسكة في داخلها، وتعمل على عزّتها، وكرامتها، وهداها ورشدها، ويسر معيشتها ورفاهها فتكون بذلك ضامنة لثقتها فيها”.
وأكد بأن “الحكومات القويَّة” هي التي “لا تميّز بين مكوّنات شعوبها”، وتبتعد عن “أسباب الفرقة”، وتنأى بنفسها عن “ذل الحاجة للخارج”، وأن “تقيم العلاقات الإيجابية مع الخارج على أساس المصالح المشتركة والاحترام المتبادل، مع الحفاظ على استقلال أوطانها، واستقلال الإرادة في اتخاذ القرارات التي تصب في صالحها الذي لا ينفصل أبداً عن محوريّة مصلحة الشعب وقوَّته”.
من جانب آخر، أوضح الشيخ قاسم بأن ضعف الحكومة يكون بفقدانها “ولاء شعبها” بسبب ما ترتكبه من “ظلم وإهمال وتهميش له، واستهداف لأمنه”.
ونفى الشيخ قاسم جدوى استقواء الحكومة على الشعب بقوة الخارج، واصفاً ذلك ب”الوهم”.
- وفيما يلي نصّ البيان الذي حمل عنوان “الحكومات القويَّة”
كما أنَّ من بين الشعوب شعوباً قويَّة، وشعوباً ضعيفة كذلك بين الحكومات من تتصف بالقوَّة، والمتصفة بالضعف.
وأن يكون شعبٌ قويٌّ، وحكومة قويَّة يعني ذلك وطناً قويَّاً شديد القوَّة وعلى طريق القوَّة المتناميَة… وطناً مستقراً على مستوى الداخل محترماً في عين الخارج… محميَّاً من داخله… علاقات كل مكوّناته، وبينه وبين السلطة فيه صحيحة حميميَّة تساعد على مزيد من التقدُّم.
الحكومات تقوى بقوَّة شعوبها، وشعوبها تقوى بقوّتها على أن تكون هذه القوة حقيقية وهدفها صالح الطرفين، وصالح الوطن وذلك لا يكون إلّا لقوَّة يرضاها الدِّين والعقل والضمير نوعاً وهدفاً ومطلباً وطريقة بناء.
قوَّة الحكومات في أن تبني شعوباً قويَّة متماسكة في داخلها، وتعمل على عزّتها، وكرامتها، وهداها ورشدها، ويسر معيشتها ورفاهها فتكون بذلك ضامنة لثقتها فيها.
الحكومات القويَّة التي لا تميّز بين مكوّنات شعوبها، ولا أفراد الشعب إلّا بما يكون من فارق الكفاءة فيما يتطلّب نجاحه هذا الفارق فيها.
حكومات لا تترك لسبب من أسباب الفرقة والتشتت بين مكوّنات الشعب أن يكون حاضراً وذا فاعليّة ضارّة في العلاقات القائمة بينها لا أن تتعمد خلق ما يثير الفتن ويمزق وحدة الشعب ويثير الأحقاد المصطنعة.
حكومات لا تستعين بفارق من فوارق القوميّة أو المذهبية وما ماثل ذلك أو شابهه على إقامة الحواجز السميكة بين هذه المكّونات لتستعين بهذا الطرف مرة، وذلك الطرف أخرى ضدّ الآخر حسب مقتضى من تستهدفه من مصالح مناقضة لمصلحة الوطن وما له من مكوِّنات.
حكومات لا توقع نفسها في ذلّ الحاجة للخارج بمعاداة سياستها لمصالح شعوبها، والاستخفاف بكرامتها، وسلبها للحرية الرشيدة التي لا غنى لإنسان عنها.
لا تعادي الخارج من غير ضرورة ولا تصادقه على حساب شعوبها.
تقيم العلاقات الإيجابية مع الخارج على أساس المصالح المشتركة والاحترام المتبادل، مع الحفاظ على استقلال أوطانها، واستقلال الإرادة في اتخاذ القرارات التي تصب في صالحها الذي لا ينفصل أبداً عن محوريّة مصلحة الشعب وقوَّته.
وطريق الضعف لأيّ حكومة هو ما عاكس هذا الطريق في أيّ خطوة من خطواته.
طريق ضعفها أن تفقد ولاء شعبها بما ترتكبه من ظلم وإهمال وتهميش له، واستهداف لأمنه في أيّ جانب محمود من جوانبه لمصالح ذاتية قائمة على المناقضة مع مصالحه وعزّته وكرامته وحتى لقمة عيشه والمأوى الذي تحتاجه حياته.
وقد تتوهّم أيّ حكومة أن مصلحتها في التضحية بحقوق شعبها، والاحتماء من ردّات فعله بالاتكاء على قوَّة الخارج أيَّاً كان مستخفّة بالعلاقة مع الداخل إلّا أنها لا بُدّ أن تكتشف في الأخير أن ذلك وهم منها قد ورّطها ورطات صعبة قاسية لا قِبَلَ ولا طاقة لها بها حتى ينتهي بها ذلك إلى ضعف أمام الخارج سالب لإرادتها وقاض عليها بالاستسلام أمام إرادته، ذلك مع خسارة علاقتها بشعبها فتتضاعف عليها الخسارة بما اختارت من طريق.
وليس من حِكمة أيّ سلطة تهمها مصلحتها أن تفعل بنفسها ذلك.
لا بُدّ لأيّ حكومة أن تدرك أنّ مصالح الدُّول قد تستوجب بمقتضى الظروف المتقلبة والمؤثرة في تقلبها على مصالحها أن تغير من علاقتها بهذا الطرف أو ذاك.
وليس من دولة تقدّم مصلحة دولة أخرى في بناء علاقاتها وهي مختارة إذا رأت أن في بقاء هذه العلاقة معها ما يقضي على مصالحها، ويهدّد وجودها.
وهذا أمر لا يغيب عن ذهن الحكومات ولكن قد تقع في هذا الخطأ مع إدراكها له.
نعم يكون ذلك تحت تأثير العصبية والعلاقة المتوترة التي تسبَّبت فيها مع شعبها.
وأيّ حكومة قادرة عند الأخذ بالحكمة على بناء علاقة متينة مع الداخل والخارج معاً. وعند التعارض إنما التقديم للعلاقة مع الشعب لأنها العلاقة التي يمكن أن تدوم ما دامت سياسة الدولة في الاتجاه الصحيح في تعاملها مع الشعب.
أمّا العلاقة مع الخارج خاصة إذا كانت هي الطرف الضعيف في هذه العلاقة فلا ضمان لبقائها على إيجابيتها، وعدم التضحية بها عندما يشعر الطرف الآخر بأنّ هذه العلاقة تسبّب له مضارّ بالغة، والقضاء على مصالحه الرئيسة.
على أنَّ أيَّ علاقة مع الخارج فيها هدم للعلاقة الصحيحة مع الداخل لا يمكن أن تحقق الربح الحقيقي لأيّ وطن وأيّ حكومة.
اللّهمّ جنِّب أوطان المسلمين عداوة الخارج فيما بينها والعداوة في كل وطن منها، ووحّد كلمتهم على الخير والتقوى.
...................
https://telegram.me/buratha