اعتصام الدراز عنوان مشروع حماية الوجود وهزيمة الاحتلال
وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم
تضاعفت محنة الوطن والشعب في الاسابيع الاخيرة، وبدا للبعض ان الازمة المستفحلة تزداد تعقيدا وان التضحيات سوف تتصاعد، وان حمام الدم الذي تهدد العصابة الخليفية الشعب به يقترب. مع ذلك تعمق ايمان الاحرار وازداد ثبات اقدامهم، وادركوا ان استفحال الازمة يعني قرب انفراجها. انها سنة الله المرتبطة بالتغيير الذي جاء به انبياؤه من عنده: حتى اذا استيأس الرسل، وظنوا انهم قد كذبوا أتاهم نصرنا، فنجي من نشاء، ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين". الثوار لا ييأسون من النصر ولا يقنطون من رحمة الله "انه لا يياس من روح الله الا القوم الكافرون". انه ايمان الموقنين الذين فتح الله قلوبهم على الهدى فاصبحوا يرون الجنة رأي العين، ويطمعون في الشهادة على ايدي شرار الخلق. وهل هناك من هو شر من طاغية يسوم المؤمنين سوء العذاب، يقتل ابناءهم ويسبي نساءهم، يهدم مساجد الله، يمنع العلماء من إقامة صلاة الجمعة، ويسعى لنهب اموال الشرع كما نهب اموال الشعب. هل ثمة ظالم أقسى وأكثر طغيانا من حاكم يستهدف الرمز الاكبر للايمان والعلم والفقه، فيسحب جنسيته وهو البحراني الاصيل، ويهدده بالابعاد عن البلاد لينأى بجسده عن قبور أسلافه الذين عمروا اوال بالايمان والتقوى والصلاح والعلم.
لا تكرهوا الفتن فان فيها هلاك الظالمين. يصدق هذا القول على الوضع في البحرين خصوصا هذه الايام التي تضاعفت فيها المحنة. مع ذلك فمن اهم النتائج الايجابية لهذه المحنة تبلور شخصية اعتبارية جامعة للمعارضة، تساهم في تأصيل المفاصلة الكاملة والطلاق الابدي بين طرفي الصراع الاساسيين: الشعب البحراني الاصيل بشيعته وسنته، والعصابة الخليفية التي تشعر ان ايامها في الحكم باتت معدودة. فحين يجنح اي نظام سياسي لممارسة العقوبات الجماعية وتحدي الرأي العام العالمي، ويجد نفسه مضطرا لتوجيه سهامه لحلفائه بسبب انتقادهم سياساته، فالامر المؤكد ان هذا النظام يعيش لحظاته الاخيرة. عندها يصبح أخطر على الامن والاستقرار المحليين والدوليين، لانه يترك العنان لعواطف افراده المعروفين بتوحشهم وبعدهم عن الانسانية والقيم. المعارضة اليوم اصبحت اكثر تماسكا ووضوحا في الهدف. فان كان هناك من يعتقد سابقا بامكان اصلاح الحكم الخليفي، فقد اتضح له الآن استحالة ذلك "والذي خبث لا يخرج الا نكدا". ويوما بعد أخر تتضح ملامح المرحلة المقبلة ويبدو في الافق المنبلج ملا مح مجتمع متحرر من الاحتلال والاستبداد بعد عقود من الصراع المرير الذي سقط فيه خيرة شباب الامة. الشعب يقف اليوم ملتفا حول قائده العظيم الذي تتعمق مصداقيته كلما طال امد الحصار المفروض عليه. وحيث ان شعب البحرين يعتز باسلامه وهويته التاريخية فان الحصار لا يزيده الا عنفوانا وثباتا. انه يستحضر الثلة التي آمنت برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ورسالته، فوجدت نفسها محاصرة في شعب أبي طالب ثلاثة اعوام متواصلة حتى عمتها المجاعة وانتشر بين افرادها المرض. ثلاثة اعوام متواصلة كانت ضرورية لتثبيت ايمان صحابة محمد بن عبد الله، وتقوية عزمهم ودفعهم للصمود والثبات في مواجهة التحالف القبلي المعادي لله ورسوله ودينه. تجربة متميزة قل نظيرها عاشها محمد مع اهل بيته وصحابته بقرار قبلي مقيت، انتهت بصعود نجم الاسلام وافول الكفر والنفاق. في زمن المحنة واجواء الفتنة لا يعدم الطغاة عملاء رخيصين يبيعون ضميرهم بثمن بخس في مقابل حفنة من المال. فأية حياة هذه التي تتأسس على الخيانة والجبن والنفاق والخروج عن تعليمات الدين؟ من يقف اليوم في الصف الخليفي فهو مهزوم في الدنيا والآخرة، لانه خان الله ورسوله وعلماءه وشعبه. اما ارجاف هؤلاء فأثره محدود الا على حثالات صغيرة تستمد وجودها وقوتها من الحكم الغاشم والاموال المسلوبة.
تقف المعارضة البحرانية اليوم متأهبة للنصر المبين الآتي من بطن الغيب، والمؤسس على الوعد الالهي الذي لا يخلف. لقد قال العلماء الكبار كلمتهم للتاريخ: ان الخليفيين يستهدفون الفريق الاكبر من سكان اوال، من اجل طمس هويته وفك ارتباطه بتاريخ انبيائه وائمته وعلمائه. هذا التشخيص الصائب يعني ان الخلاف مع الخليفيين اصبح صراعا على الوجود، وان الخسارة هنا تعني الغاء الوجود البحراني التاريخي والتغيير النهائي لهوية ارض الآباء والاجداد. الوضع هنا نسخة مما يفعله الصهاينة مع مدينة القدس بهدف تهويدها وإزالة معالمها الاسلامية. وهكذا يفعل المحتلون اينما وجدوا. خطاب العلماء اذن وثيقة تاريخية تطرح اطارا واضحا للصراع وطبيعته. فلم تعد القضية مقتصرة على الحقوق السياسية لشعب البحرين، وهي حقوق مشروعة رفض الخليفيون الاعتراف بها فضلا عن السعي لتحقيقها. فالاحتلال اينما وجد لا يسمح باقامة منظومة ديمقراطية لسكان الارض، لان ذلك يساهم في بلورة الحس الوطني الحر الرافض للاحتلال والوجود الاجنبي غير المشروع. ولذلك ماطل الخليفيون على مدى 45 عاما ورفضوا مشاريع التحول الديمقراطي التي طالبت بها اجيال المعارضة منذ مائة عام تقريبا. ونتيجة الضغوط الداخلية والخارجية طرح المحتلون مشاريع سياسية للتشويش والتضليل، مدعومين من قبل السعودية وبريطانيا بشكل اساس. والتفوا طوال هذه العقود على المطالب الشعبية العادلة التي تهدف لاقامة مشروع سياسي مؤسس على مباديء منها: اولا: حق تقرير المصير، ثانيا: كتابة دستور ثابت للبلاد من قبل ابنائه، ثالثا: ترسيخ مبدأ الشراكة السياسية والتعددية، رابعا: اقامة نظام سياسي يحقق المواطنة المتساوية على مبدأ "لكل مواطن صوت"، خامسا: استبدال الحكم الفردي والقبلي بحكم القانون. هذه المطالب طرحت طوال العقود السابقة ولما لم يتحقق شيء منها، انطلقت ثورة الرابع عشر من فبراير 2011 كخطوة اخيرة لتحقيق التحول الديمقراطي المنشود. فبادر الخليفيون بعد ان حاصرتهم الثورة لاستقدام قوات الاحتلال السعودية ثم استقدموا البريطانيين بعد اكثر من اربعين عاما على رحيلهم.
الصامدون حول منزل سماحة آية الله الشيخ عيسى قاسم يعلمون انهم يرابطون على ثغر مقدس من ثغور الاسلام، وفي بقعة مباركة من بقاع الوطن المحتل، وفي ظرف من أصعب الحقب التي مرت بالبلاد. ولذلك لبسوا الاكفان وعانقوا الشهادة عقيدة ومبدأ ووسيلة لاعادة بناء الوطن وتشييد صرح الحرية واستعادة الكرامة وهزيمة الاحتلال. انها ايام عصيبة لكنها واعدة بالنصر، لان الله وعد الصابرين والمرابطين به، ولان الخليفيين، بسياساتهم الاخيرة وتصديهم لرموز الدين والوطن، حفروا قبرهم بايديهم. وما هي الا هنيهة حتى يفتح الله بيننا وبين القوم الظالمين. ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء، وهو العزيز الرحيم.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد اسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
https://telegram.me/buratha