ذوالفقار ضاهر
يبدو ان النظام البحريني مستمر بالتصعيد تجاه الشعب والتيارات السياسية والنشطاء السياسيين المعارضين له، ففي جديد مسلسل التصعيد الذي بدأ منذ مطلع العام 2017 أصدرت محاكم النظام البحريني أحكاما تقضي بإعدام 3 من النشطاء على خلفية قضايا سياسية، هم: ميثم عمران حسين عمران (حكم غيابي)، عبد المحسن صباح عبد المحسن محمد (حكم غيابي) ورضا خليل جعفر إبراهيم (حكم وجاهي)، كما حكم بالسجن 15 عاما على 14 معتقلا بتهم مزعومة تتعلق بـ”تشكيل جماعة مسلحة”، كما حكمت على الناشط خليل الحواجي بالسجن 10 سنوات في القضية ذاتها.
وما سبق ذكره يطرح من جديد مسألة الانتهاكات الفاضحة لحقوق الانسان في البحرين وما يتعرض له المعارضون من تقييد وتضييق غير مقبول عقلا او قانونا وصولا الى اصدار الاحكام بالاعدام، فمن غير المقبول في كل القوانين الدولية او المحلية إصدار احكام بالاعدام(حتى ولو كانت غيابية) بحق اشخاص فقط لانهم عبروا عن مواقفهم السياسية المناهضة لاداء النظام الحاكم، فمن حق الانسان الطبيعي ان يعبر عن رأيه وينتقد السلطة والمؤسسات والاجهزة الرسمية فيما ترتكبه من أخطاء، فلا مانع قانونا من انتقاد اي مسؤول ايا كانت صفته طالما ان القوانين والاتفاقيات الدولية الراعية لحقوق الانسان تكفل ذلك.
وهل يعقل ان يعتبر إبداء الرأي او حق التعبير عن الموقف حول القضايا الوطنية جريمة؟ وكيف يمكن ان يكون الانسان عاملا في الشأن العام ويرفض الانتقاد او الملاحظات التي توجه له من الشعب او من القيادات الدينية والسياسية او من النشطاء الحقوقيين والمعارضين السياسيين بل يقابل إبداء الرأي بتسطير أحكام بالاعدام؟
التدخلات السياسية في عمل القضاء.. ومشروعية الاحكام!!
وكثيرا ما تطرح قضية الاستخدامات السياسية للاجهزة القضائية في البحرين باعتبار انها مؤسسات تابعة مباشرة للديوان الملكي حيث يعتبر البعض ان “القضاء هو أداة بيد النظام يعاقب بها من يخالفه في الرأي” عبر اصدار الاحكام القاسية والمجحفة بحقه، كما تثار مسألة تعيين القضاة من قبل الملك مباشرة بالاضافة الى التشكيك بنزاهة وكفاءة هؤلاء القضاة في إحقاق الحق والسعي لاقامة العدالة في البحرين.
وفي سياق متصل، لفت “معهد البحرين لحقوق الانسان” الى انه “منذ شباط/فبراير 2011 أصدر القضاء في البحرين العديد من أحكام الإعدام بحق المعارضين بينما غضّ الطرف عن قتل المواطنين وتعذيبهم بالسجون”، واشار الى ان “عدد أحكام الإعدام في البحرين منذ 2011 يزيد عن عدد أحكام الإعدام الصادرة في البلاد خلال أربعين عاما ما يعطيها طابعا سياسيا”.
وفي هذا الاطار، تطرح التساؤلات عن قانونية ومشروعية الاعدام كعقوبة على مواقف سياسية، ناهيك عن مشروعيتها كعقوبة في ظل الدعوات المستمرة من قبل المنظمات الحقوقية والقانونية لالغائها لما يعتبرونه انها تشكل اعتداء على حق الحياة للانسان الذي منحه اياه الله سبحانه وتعالى.
والواقع ان هذه الاحكام بالاعدام ليست الاولى من نوعها هذا العام من قبل النظام البحريني، لانه سبق ان أصدر 3 احكام بالاعدام ونفذها بحق الشهداء: سامي مشيمع، عباس السميع وعلي السنكيس، كما أقدم على اغتيال 3 نشطاء في عرض البحر خارج المياه الاقليمية البحرينية والشهداء هم: رضا الغسرة، محمود يوسف ومصطفى يوسف، كما اغتال النظام الشهيد عبدالله العجوز خلال مداهمات للاحياء السكنية، وايضا منع العلاج داخل المعتقل عن الشهيد محمد ملا حسن سهوان ما ادى الى استشهاده، بالاضافة الى استشهاد الشهيد مصطفى حمدان متاثرا بجراحه بعد اصابته برصاصة بالرأس خلال اعتداء القوات البحرينية على الاعتصام في الدراز في 26 كانون الثاني/يناير الماضي.
النظام يصعد والثورة تتوقد..
من جهتها، قالت مصادر بحرينية مطلعة ان “النظام يعتقد انه بزيادة وتيرة العنف وتنفيذ الاغتيالات واحكام الاعدام فهو يضع بداية جدية لانهاء الثورة ولذلك هو يستمر بالتصعيد ومن غير المتوقع ان يتوقف عن ذلك”، واكدت ان “هذا النظام واهم الى أبعد الحدود لانه من حيث يدري او لا يدري فهو يخدم خط الثورة والمقاومة في البحرين”، وشددت على ان “طريق الانتصار لا يفرش إلا بالدماء التي تزيد المسيرة صلابة وتعطي الشعب المزيد من الثبات واليقين انه على حق في خياره برفض ممارسات واساس وجود هذا النظام”، واشارت الى ان “داعمي هذا النظام يظهرون اليوم على الساحة اكثر من اي وقت مضى وبالاخص الولايات المتحدة الاميركية وبريطانيا لتقديم الدعم لهذا النظام”.
وهنا من الجدير ذكره ان الادارة الاميركية وضعت اسم القيادي في “تيار الوفاء الاسلامي” في البحرين السيد مرتضى السندي على لائحة الارهاب، بالاضافة الى المواطن البحريني احمد حسن يوسف، ما تعتبره مصادر “تيار الوفاء” تدخلا اميركيا مباشرا في الشؤون الداخلية للبحرين ودعما واضحا وصريحا للنظام الحاكم في المنامة.
وفي تعليق له على القرار الاميركي، قال السيد السندي إن “هذا القرار لا يخيفنا بل نعتبره وساما نضعه على صدورنا نفتخر به ما حيينا”، وتابع “موقفنا تجاه الادارة الاميركية واضح فهي عدو للشعب البحراني بل الى كل الشعوب المستضعفة وأن الادارة الاميركية هي راعية الارهاب والدكتاتورية في العالم”، لافتا الى ان “القرار الاميركي يؤكد عداء الادارة الامريكية للشعب البحراني وتطلعاته وهو لا يستهدف أشخاصا بل يستهدف منهجا وخطا”.
ربما يعتقد النظام البحريني ان الاستمرار في التصعيد قد يفيده ويساعده في القضاء على الحراك السلمي للشعب بمعاونة الداعمين له في الاقليم او العالم، إلا ان الاكيد ان بناء الثقة مع الناس وإزالة جدران الخوف والتشكيك بمصداقية رأس النظام ومؤسساته ستكون أنفع له وللبلد من التعويل على الآخرين ممن أثببت التجربة انهم لا يقفون بجانب الانظمة الحليفة لهم اذا ما تطلبت مصلحتهم ذلك.
https://telegram.me/buratha