منتصر الجلي ||
لم يكن الأول من سبتمبر هذا العام يوم عادي لأبناء شعبناء وللأمة والعالم، يوم سُعِّرت فيه الأحداث واستيقظت أسرار السنوات الطوال، لتدفن كل معتدٍ أثيم، هو وعد الآخرة وأخرهم كأواهم ليوث بواسل وبحر فلقه الله من جيش ضارب لشعبنا ولسماحة سيدنا القائد.
يومٌ اجتمع فيه كل ذي مسؤولية مدني وعسكري، برزت الدولة والجيش، وبرز السلاح والبحر، ليس بحشر هو! بل وعد لله وميقاته الذي وعد به المستضعفين من عباده، فكان للهابة والهيبة والعرض شأن وهالة؛ ومن جانب كان لظهوره هيبة من نوع آخر، رجلٌ لطالما نقشت جراح الحرب على جسده خارطة الوطن الكبير والصبر الجميل، رجل هو كنحن في الهيئة والبنية، وليس كنحن في العزيمة والقوة والإرادة، كان قائد العرض الكبير وأول من تحدث وأرسل كلماته للشعب وللجيش و التسليم للقائد.
رسائل عنوانها عريض بعمر ثمان سنوات من الصبر والنزال، والمواجهة ، من التمويه والحذر، من التخطيط والتعقيب، من السجود والتسليم، من الصدق والجهاد، من ميدي الصمود وحيران الإباء ومأرب وصعدة إلى الجوف، إلى تلك الانتصارات الكبيرة والمُسيَّر والصاروخ ومندب، سنوات من الشهداء العظماء والشهداء الأحياء، من الباقر زين العابدين والفاروزي والحيمي والعلوي صقرهم؛ وغيرهم من الشهداء الأبطال، هاهو الرجل الكبير اخلاقا وقلبا ورحمة، الشديد بأسا وقوة على الأعداء، يعلوا منصة الخطاب وفي خطابة فرحة للمؤمنين، غصة جرت على المنافقين والأعداء، ظهر القائد( سيدي عقيل ) وأمام عينيه يرى ثمرة حكمة الموقف، وسداد الرأي، وصلابة البنيان الذي بناه على ضياء القمر وطلوع الفجر.
جاء من مشكاة خولان ووالده عالمها، ومن ثقافة القرآن والحسين قائدها، عرف العدو وفضاعة جرمه، حين رأى إخوانه شُهداء واحداً تلوا الآخر، وهو في عُمره الأولى، شبَّت أظافره على الزناد وتوسد التراب صبيا يافعا، ألهمته القضية، وأطلق معاركه المختلفة التي لايعود منها إلا منتصرا .
" سيدي عقيل" وما أدراك ماهو، وذاكرة سنواتنا تعشق اسمُه مُذْ كان حديث عشاقه من الذين عرفوه وعشِقوا شخصه ونُبله، حين كُنا على مائدة الانتصارات وحديث "الباقر الشهيد زين العابدين" يجلل مسامعنا عن بطولات أسد ميدي وحرض، ما أعذب ذلك الكلام وأصدق أولئك الشهداء، الذين كانوا لهذا القائد اليد الضاربة والمصحف الناطق لكل تسليم وتقوى.
(سيدي عقيل ) جريح الحرب وحرب الجراح، نال من العذاب الجسدي والمعنوي من النظام السابق، وجلاوزة الإجرام، ما يجعل منه طود عظيم أو أسد هصور، أرادوا كسره فتولى الله قوته، أرادوه مهزوما فظهر اليوم شامخا عزيزيا، في أبهى حُلَّة وأعز قوة وأسمى مقام، ظهر القائد الشامي، من المسبحين بنعمة الله الشاكرين له، ظهر جيشا بعد أن كان فردا، ظهر وابتسامة النصر علامة النصر وشمس حان شروقها، أشرق لها الساحل ومن حضر.
هو قصة من جهاد وحكاية من وعد الله العظيم سبحانه، هو ألوية من الانتصارات التي ذاق العدو ألمها وسعير عذابها، وما ميدي الساحل وتهامة عنه ببعيد، فتح أقطابها ومهد سبلها، حرر الإنسان قبل التراب، حتى أصبح العدو يرى في قائدنا العظيم سُمَّه وهلاكه الذي لا مفر منه، فنادوا ولا حين مناص ولا مناص لهم من بين يديه.
نعم هو ذاك من أسفت حروفي عن أن تُحيط به خُبرا.. " سيدي عقيل الشامي"