عبدالملك سام ||
لعلك تعتقد أن مأساة فلسطين أو اليمن لا توازيهما مأساة في العالم، وقد يتفق معك الكثيرون ربما في هذا الرأي، ولكن دعني أصدمك بأن هناك مأساة قد تتخطى مأساة الشعب اليمني والفلسطيني معا.. وبكثير!
"البحرين.. البلد الخليجي الصغير الغني"، لعل هذا أكثر شيء قد تعرفه عن البحرين، وربما لو كنت مثقفا أكثر لقلت أن عاصمتها المنامة، وعدد سكانها 1.569 مليون نسمة، ومساحتها 785 كيلومتر مربع.. كل هذا جيد، وربما أضيف أنا أن حاكمها حمد بن عيسى آل خليفة الذي جاء بإنقلاب على والده سنة 1999م، كل هذا جيد.. ولكن أين المأساة التي أتحدث عنها؟!
في البداية، ما يجري في البحرين يفترض أن يحدث كما هو الحال في أي بلد؛ فالحاكم الذي يفترض أنه في خدمة شعبه ويرعى مصالحهم، ليس على وفاق تام مع شعبه، وهذا يحدث في أي بلد.. لكن المشكلة هي أن هذا الحاكم ليحل المشكلة مع شعبه لم يستخدم أي حل مجرب في أي بلد آخر حول العالم، أو يستشير خبراء وحكماء البلد، او يدعو لإستفتاء لو كانت المشاكل عويصة، بل أنه وجد أن الحل - وأرجوك لا تندهش - في أن.. يغير شعبه!!!
أنا لا أمزح، صدقني! هذا هو الحل العبقري الذي أبتكره صاحب السمو (المفخم)! وصدقني، هناك قرارات حمقاء أرتكبها العديد من حكام الخليج، ولكن هذا الحل (الفشخرافي) هو الأسواء على الأطلاق؛ فهذا (المفخم) قد قام بتجنيس عدد يساوي تعداد نصف شعبه تقريبا (54%) من البنغال والباكستان والأفغان والأفارقة..... وغيرهم! ثم تم توظيفهم في وكالات البطش والقمع في البحرين، والمسماة زورا "وزارة الداخلية"، وبعدها قرر (المفخم) هذا أن يقوم النصف المجنس بإبادة النصف صاحب الأرض بأي وسيلة!!
ستسمع الكثير من القصص عن شباب تم أحتجازهم دون مبرر ليدخلوا مراكز التعذيب بأقدامهم، ويخرجون بعدها في صناديق! وأضف عندك: سجن النساء والشيوخ والأطفال، والتحرش والتعذيب والوحشية، وخبراء أمن أجانب، والإعاقات التي تحدث في السجون، والتعذيب النفسي والجسدي، ولو سألت ستجد أن تقارير المنظمات وحقوق الإنسان في البحرين ناصعة البياض فعلا! لا شيء فيها مطلقا، وليس هناك تغطية إعلامية لمآساة الشعب البحريني المظلوم من أي جهة أو بلد!
لو حاولت أن تبحث عن أخبار البحرين، فلن تجد سوى ما يريد (المفخم) أن تعرفه؛ فهو يتفاخر بتحويله للجزيرة إلى ناد ليلي للسفلة القادمين من دول الجوار (خاصة بلد الحرمين الشريفين)، وإستقدام العاهرات من جميع أنحاء العالم، بينما يمنع على الدعاة والعلماء والناشطين دخول البحرين! وقد تم مؤخرا إفتتاح حي يهودي ومعبد في المنامة لتأكيد الصورة التي أرادها (الغلام الخليفي) للبلد، وبحماية قوات إحتلال سعودية تحمي هذه (المنجزات)، وبدأ (المفخم) فعلا بتسليم ملفات البلد السياسية والإقتصادية للإسرائيليين، والإسرائيليين يشترون البيت بعد البيت في المنامة!!
الشعب البحريني هناك مغلوب على أمره، ويحاول جاهدا أن يواجه ألة القمع التي فاقت وحشيتها ما يفعله الصهاينة في فلسطين! والشعب البحريني الحر لم يسكت يوما، ويدفع ثمن تحركه من دماء أبناءه ودموع نساءه، ودعاء شيوخه..
الشعب البحريني يشعر بالمرارة من الصمت العالمي المتواطئ مع كل ما يجري، ولا يعلم أن العالم لا يصله إلا القليل، وإن وصل فهي صورة مشوهة ومغايرة للحقيقة، ومن يسمع لا يتكلم، ومن يتكلم لم يجد من يتفاعل، فالكل مشغول بأمره! وليغفر لنا الله صمتنا عن أهلنا في البحرين طوال هذه السنين!!