ضياء المحسن
قد يكون السؤال فيه نوع من التنظير أو إستكشاف المستقبل، وقي حقيقة الأمر لا هذا ولا ذاك، ذلك لأن أي شخص يتابع ما يحصل في العراق اليوم، يجد أن ما يجري اليوم هو نتيجة الأخطاء الحاصلة في العملية السياسية برمتها، ذلك لأننا نجد أن هناك خرق للدستور الذي كتبته نفس الكتل السياسية التي تتصدر المشهد السياسي اليوم، هذا الخرق يتيح لها أن تفعل ما تشاء وقتما تشاء، بون وازع من ضمير ولا خوف من رقيب، لأن الأخير إنما يراقب الأخطاء الصغيرة؛ والتي عادة ما يرتكبها صغار الموظفين ليرضى عنهم كبار الموظفين.
بعد ما يزيد على ستة أشهر وهو تاريخ إستقالة السيد عادل عبد المهدي وتحول حكومته الى حكومة تصريف أعمال يأتي الدور على رئيس جهاز المخابرات لتشكيل الحكومة الإنتقالية، والمكلفة حصرا الإعداد لإنتخابات جديدة وتشريع قانون إنتخابات يختلف عن القانون الحالي، والذي لدينا عليه ملاحظات كثيرة ليس أهونها ما يصطلح عليه ظلما بقانون سانت ليكو، هذا القانون الذي لو تم تطبيقه فعلا، لكنا لم نر كثيرا من هذه الوجوه الكالحة اليوم.
السؤال الكبير الذي سيواجهه السيد الكاظمي يتمثل في هل لديه القدرة على تجاوز نرجسية الكتل السياسية؟ بمعنى أن الكتل السياسية مجتمعة لديها نوع من التعالي في تعاملها مع رئيس الوزراء أيا كان، لأنها تفترض أنها من جاءت به، بالتالي يجب أن يستجيب لمطالبها بغض النظر عن مشروعية تلك المطالب أم لا، وهذا الأمر ينسحب بالضرورة على الوزراء الذين يتم تكليفهم، حيث يرون بأن لا دالة لرئيس مجلس الوزراء بمجيئهم الى هذا المنصب أو ذاك، لأنه جاؤوا الى هذه المناصب عن طريق المحاصصة (الحزبية أو القومية).
سيواجه السيد الكاظمي بعدم وجود إدارة حقيقية للدولة، قد يتصور بعض السادة بأننا في حكمنا هذا نتجنى على المؤسسة الحكومية (إن كانت موجودة)، وعلى سبيل المثال لا الحصر، عندما يتم تغيير أي مسؤول حكومي يقوم بتغيير موظفي مكتبه بالدرجة الأولى، ثم تغيير أثاث مكتبه بالدرجة الثانية، وينسى أن يجتمع بقيادات تلك الدائرة للإطلاع (ولو على سبيل المجاملة) على ماهية عمل تلك المؤسسة، الأمر الذي يجعل من المؤسسة بقرة حلوب تدر عليه وعلى كتلته الأموال شهريا وسنويا (بحسب إمكانيات تلك المؤسسة)، ولا ننسى التعيينات التي ستكون حصرية لأعضاء حزبه أو يتم بيعها وتحويل تلك المبالغ الى كتلته.
سيواجه السيد الكاظمي دولة ريعية كل همها أن تبيع النفط وتقتات عليه، ولا تأخذ بنظر الإعتبار الهزات التي يمكن أن يتعرض لها هذا المورد الوحيد، مع أنه ليس الأوحد؛ فالعراق أيها السادة بلد زراعي بالدرجة الأساس، يجري فيه نهران عظيمان، وفيه أكثر من 40 مليون دونم المستثمر منها لا يتجاوز 10%، بالتالي يجب أن يضع في حساباته كيف يمكن إستثمار هذه الأراضي، خاصة مع وجود شحة في المياه، حيث أن العراق لا يسيطر على المياه التي تصله من تركيا وإيران؛ كونها تذهب الى البحر (التقديرات تقول أن حوالي 75 متر/ثانية من المياه تذهب الى البحر).
ولنا كلام أخر في ذلك.
https://telegram.me/buratha