ضياء المحسن ||
تخرج علينا حكومات ما بعد عام 2003 في كل مرة ببدعة ابتدعتها وسوقتها الى الجمهور، وصدقت هي نفسها هذه البدعة والمتمثلة بإنجازات كثيرة تحققت في العراق، لكننا واقع الأمر لم نجد لهذه الإنجازات صدىً فهي مجرد جعجعة لا تُغني ولا تُسمن من جوع، خاصة مع شبهات الفساد الكبيرة التي تحوم هذه الإنجازات التي يتحدثون عنها.
مع مطلع القرن الحادي والعشرين ودخول الذكاء الإصطناعي في مجالات كثيرة، فإن واقع العراق كبلد لا يزال يحبو على يديه ورجليه، مع إنعدام الرؤية لطبيعة الاقتصاد العراقي، فهل هو اقتصاد مركزي (اشتراكي) أم أنه اقتصاد سوق (رأسمالي) أم أنه خليط من بين هذين الإقتصادين؟
التشوه الذي نراه في الاقتصاد العراقي قد لا ينفع المواطن من جهة ولا الاقتصاد عموما من جهة أخرى، ذلك لأن التشوه يعمل على تبديد الوقت والجهد والأموال بدون فائدة تذكر، ويجعل الاقتصاد يراوح مكانه إن لم نقل أنه ينحدر، والسبب يعود الى عدم وجود أولويات لإنجاز المشاريع التي تخدم وتعطي ديمومة للإقتصاد وتحافظ على الأموال العراقية من الخروج خارج جسد الاقتصاد الداخلي، وبالتالي تصبح هذه المشاريع عالة على الاقتصاد نفسه بدلا من أن تكون عامل ترفع من قيمة هذا الاقتصاد، والأمثلة كثيرة في هذا الخصوص لا نريد إشغال القارئ بها.
يفترض بواضعي السياسة المالية للبلد التفكير بأولويات المشاريع التي تنتج قيمة إضافية للإقتصاد العراقي، وليس العبثية الحاصلة الأن في إعداد الموازنات العامة، فبدلاً من ذهاب جُل الإيرادات (النفطية وغير النفطية) الى الموازنة التشغيلية طبعا عدا الرواتب، نجد ضرورة تخصيص هذه الأموال الى المشاريع الإستثمارية التي تضيف قيمة أكبر للإقتصاد العراقي، وبالتالي نستطيع الإستغناء عن كثير من الإستيرادات العشوائية، وقد نقوم في مرحلة لاحقة بتصدير الفائض من الإنتاج المحلي، عندها فقط يمكن أن نقول بأن الاقتصاد العراقي يسير على السكة الصحيحة، أما الأن وبهذا الوضع الذي يترنح فيه الاقتصاد باعتماده على الإيرادات النفطية والتي تشكل أكثر من 90% ومعلوم أن السوق النفطي غير مستقر بحيث أن أية هزة قد تتطيح بالإقتصاد الوطني، والشواهد كثيرة ليست أبعدها جائحة كورونا وانخفاض سعر برميل النفط الى مستويات بالكاد تغطي تكلفة انتاجه.
إن الفوائض النفطية يجب إستثمارها في دعم القطاعات الاقتصادية التي تعمل على تقليل الإستيرادات من الخارج وتستنزف هذه الفوائض في سلع استهلاكية من الممكن أن يتم إنتاجها وتصنيعها في الداخل، لكنها بحاجة الى توظيف حقيقي، خاصة القطاع الزراعي الذي من الممكن أن يغطي حاجة السوق من الإنتاج الزراعي والحيواني، لو ساهمت الحكومة بدعم هذا القطاع ماديا ومعنويا، خاصة مع تفعيل قوانين حماية المنتج المحلي وقانون حماية المستهلك ودعم الصادرات، ولا ننسى هنا أن القطاع الزراعي يستطيع أن يستوعب أعداد كبيرة من العاطلين عن العمل، بالإضافة الى أن فائض الإنتاج في هذا القطاع من الممكن الإستفادة منه في تشغيل بعض الصناعات الغذائية التحويلية.
https://telegram.me/buratha