آمل ان تكون الحكومة العراقية حكيمة كفاية لعدم مطالبتنا بالانسحاب". هكذا تكلم الرئيس الاميركي امس. واليوم يتوقع ان يتسلم الرئيس جورج بوش مشروع موازنة الحرب في العراق وافغانستان من الكونغرس بعد ان تمكن من إجبار الديموقراطيين على التخلي عن جدول زمني لانسحاب القوات الاميركية من العراق. لكن الرئيس بوش توقع ان تجر الاشهر المقبلة خسائر بشرية اكبر على الاميركيين والعراقيين.
وقال ان الاسابيع المقبلة "ستكون حاسمة بالنسبة للخطة الامنية الجديدة" التي أعلن عنها في كانون الثاني الماضي. في ذلك الحين، كان تقرير لجنة "بيكر هاملتون" لا يزال طازجا، وكانت واشنطن وعواصم العالم تعج بالتكهنات عما اذا كانت إدارة بوش ستتقيد بتوصيات "مجموعة دراسة العراق" التي ارتضت الإدارة تشكيلها من سياسيين من الحزبين الجمهوري والديموقراطي. اقترحت اللجنة، حينها، إعادة ترتيب لانتشار القوات الاميركية وسحب جزء كبير منها بحلول العام 2008. وبالامس، سقط مشروع إعادة الانتشار مع إقرار مجلس النواب الاميركي مشروع الموازنة الجديدة للحرب. انتصر بوش، وأجبر الديموقراطيين على التخلي عن الجدول الزمني للانسحاب من العراق. وبالامس ايضا، صرح الرئيس الاميركي انه مستعد لسحب قواته من العراق "اذا ما طلبت الحكومة العراقية ذلك". لكن ما لم يكن من بد من ملاحظته ايضا ان أسئلة صحافيي البيت الابيض اتسمت بلهجة أشد من العادة. يبدو ذلك "طبيعيا" في ظل الاعتراض المتزايد في الولايات المتحدة على مسار الامور في العراق. لم يحد بوش، في المؤتمر الصحافي المطول الاول له منذ أكثر من شهر، عن عادته التذكير بأحداث الحادي عشر من ايلول سبتمبر عام 2001 والصلة بينها وبين "الحرب على الارهاب" وعنوانها اليوم، بالطبع، هو العراق. وصف بوش مقاربة الديموقراطيين للحرب على الارهاب، وقد أصبح الانسحاب من العراق عنوانها، بانها "ساذجة" مرددا نظريته عن "ضرورة محاربة الارهابيين حيث هم لتجنب المواجهة معهم على الاراضي الاميركية". سئل الرئيس الاميركي، امس، عما اذا كانت لديه خطة احتياطية او "خطة باء" (كما تسمى بالانكليزية)، اذا ما فشلت الخطة الامنية الجديدة لبغداد. قال ان من الافضل تسمية هذه الخطة "باء هاء" مستعيرا الاحرف الاولى من اسمي جيمس بيكر ولي هاملتون اللذين أوليا، في تقريريهما، التفاوض مع سوريا وايران أهمية كبيرة في إيجاد مخرج من أزمة العراق. رأينا وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس تجتمع بنظيرها السوري وليد المعلم في شرم الشيخ قبل شهر. وننتظر اجتماع السفير الاميركي في العراق راين كروكر بنظيره الايراني في بغداد بعد أيام. لكن الإعلان عن موعد اجتماع بغداد لم يمنع الرئيس الاميركي من تهديد ايران بتشديد العقوبات عليها. إذ قال انه سيبحث الموضوع شخصيا مع نظرائه الروسي والصيني لإقناعهما بضرورة تشديد العقوبات. في الوقت نفسه، كانت سبع سفن حربية أميركية في طريقها الى الخليج في مهمة "تدريبية" كما قال وزير الدفاع روبرت غيتس وان أقر بان المناورات العسكرية التي ستجريها هناك "ستشكل رسالة قوية" الى ايران. تطرح إجابة بوش عن "الخطة باء"، بمعزل عن خفة دمها وسرعة بديهة صاحبها، أسئلة عن مدى جدية هذه الإدارة في اعتماد توصيات "بيكر هاملتون" وتطبيقها. فهل أحييت "مجموعة دراسة العراق" بعد ستة أشهر على "نعيها" من قبل إدارة بوش نفسها؟ وهل تكفي الاشهر المعدودة المتبقية لهذه الإدارة لتطبيق هذه التوصيات؟ أم ان كون الاشهر هذه معدودة هو ما أحيا توصيات "بيكر - هاملتون"؟
https://telegram.me/buratha