جمعية حفصة التي كانت في بؤرة الكثير من الجدل مؤخرا في باكستان، ترتبط بلال مسجد أو المسجد الأحمر الشهير في إسلام آباد والذي يقع قرب وسط العاصمة الباكستانية. وخلال أغلب فترات حياة المسجد منذ إنشائه وهو من المساجد المفضلة لنخبة المدينة، بمن فيهم رؤساء الوزراء ورؤساء الجيش ورؤساء البلاد. ويقال إن الدكتاتور الباكستاني الذي حكم أمدا طويل، الجنرال ضياء الحق، كان مقربا جدا من الرئيس السابق للمسجد الأحمر، مولانا عبد الله، الذي اشتهر بخطبه عن الجهاد. وكان ذلك خلال الثمانينات حينما كانت مواجهة الغزو السوفييتي لأفغانستان وكان ذلك في أشده، وكانت الدعوة التي غلفت نفسها باسم الجهاد صيحة مقبولة في العالم الإسلامي.
ويقع المسجد قرب مقر جهاز الاستخبارات الباكستانية آي إس آي المثير للجدل، والذي تكتنف عملياته الكثير من الغموض، والذي ساعد على تدريب وتمويل المقاتلين، ويقال إن عددا من العاملين بآي إس آي يذهبون إلى هذا المسجد للصلاة. ومنذ ذلك الحين أصبح المسجد الأحمر في بؤرة الفكر المتشدد، ويضم الآلاف من الطلاب والطالبات في المدارس الإسلامية الملحقة. وقد اغتيل مولانا عبد الله في المسجد في أواخر التسعينات، ومنذ ذلك الحين والمجمع بأسره تحت إدارة ابنيه، مولانا عبد العزيز وعبد الرشيد غازي. ويعترف الأخان بأن صلات طيبة ربطتهما بالعديد من الزعماء المطلوبين للقاعدة، بمن فيهم أسامة بن لادن. وقد كان ذلك في السنوات السابقة للحادي عشر من أيلول 2001 حينما وقعت الهجمات على أمريكا، وحينما كان الجهاد جزءا من السياسة المرخصة للدولة في باكستان. ولكن منذ بدأت الحرب على الإرهاب أصبح المسجد الأحمر وجمعية حفصة ينفيان أي صلة بالتنظيمات التي باتت محظورة بسبب دعم الإرهاب. وبعد إعلان الجنرال مشرف دعمه علانية للحرب على الإرهاب، تصاعدت دعوات في خطب المسجد لاغتياله. وقد ألقى إحدى تلك الخطب مولانا مسعود أزهر، الذي انخرط أفراد من جماعته، جماعة جيش محمد الأصولية، لاحقا في عدة محاولات فاشلة لاغتيال الرئيس. وبالتالي فمن المفهوم أن يشعر الجنرال مشرف بالقلق تجاه المسجد الأحمر وقادته وقد أمر مرارا باتخاذ إجراءات ضدهم. وحتى الآن لم يحالف النجاح كافة المحاولات للسيطرة على المسجد وقادته. كما أن المسجد والمدرسة الملحقة به تربطهما صلات قوية بالمناطق القبلية في باكستان، والتي تمد المدرسة بالكثير من الطلاب. وفي مقابلة جرت مؤخرا، قال عبد الرشيد غازي إنهم يتمتعون بدعم حركة طالبان في وزيرستان وإن اتخاذ أي إجراءات ضد المدرسة سيقابله "الرد المناسب". واحتل المسجد وجمعية حفصة عناوين الأنباء مرة أخرى في حزيران 2005 حينما حاولت قوات الأمن الباكستانية مداهمة المسجد في أعقاب التفجيرات الانتحارية التي استهدفت ركاب وسائل مواصلات ومترو أنفاق لندن في ذاك الشهر. وواجه رجال الأمن نساء يرفعن العصي رافضات أن يدخلن المسجد أو المجمع الملحق به. وقالت السلطات إن رجال الأمن كانوا يحققون في صلة بين المدرسة الإسلامية وشهزاد تنوير، أحد منفذي تفجيرات 7 /تموز في لندن. ومنذ ذلك الحين أصبحت المدرسة في بؤرة الضوء. . وكان المئات من نشطاء حقوق الإنسان الباكستانيين قد نظموا الخميس احتجاجا داعين لاتخاذ إجراءات ضد المدرسة. ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن نشطاء الدفاع عن حقوق الإنسان قولهم إن الطلاب والطالبات من المدرسة الإسلامية "يتحرشون بالمواطنين الباكستانيين العاديين باسم الإسلام ويقومون بترويعهم". وحثت اللجنة الباكستانية لحقوق الإنسان واثنتا عشر منظمة أهلية المواطنين على "أن يهبوا في وجه قوى التطرف الديني المتعصبة تلك ويضمنوا مستقبل الأجيال الراهنة والقادمة".
https://telegram.me/buratha