فبعد تعيينه ابنه مشعل أميراً لمنطقة مكة، العاصمة الدينية للمملكة، عين عبد الله أمس ابنه تركي أميراً لمنطقة الرياض العاصمة السياسية والمالية للبلاد، في خطوة عززت مكانة أبناء الملك في أقوى مناطق المملكة. وترافق القرار مع استكمال «الانقلاب» على أبناء سلطان، من خلال إعفاء سلمان بن سلطان من منصب نائب وزير الدفاع، لمصلحة خالد بن بندر بن عبد العزيز، بدل محمد ابن ولي العهد سلمان.
وإذ بدت خطوة إبعاد سلمان بن سلطان إجهازاً على أولاد ولي العهد الأسبق الراحل سلطان، فإن عدم مراعاة ولي العهد الحالي، واستبعاد أبناء ولي العهد السابق الراحل نايف، أثار مخاوف من قرارات لاحقة تضعف أبناء سلمان ونايف لمصلحة أبناء عبد الله، وخصوصاً أن من يشرف على إصدار القرارات هو متعب بن عبد الله ورئيس الديوان الملكي خالد التويجري.
«الانقلاب» في وزارة الدفاع بوجود وزير الدفاع الأميركي
وفي وقت سابق من هذا العام، أعفي عبد العزيز بن فهد من منصبه وزيراً بلا حقيبة، بعد إعفاء شقيقه محمد بن فهد من منصبه أميراً للمنطقة الشرقية (2013)، في خطوتين أبعدتا أبناء فهد عن السباق على وراثة الحكم. واليوم بعد إبعاد أبناء سلطان، تنحصر المعركة بين أبناء عبد الله وأبناء سلمان ونايف. ويبدو أن الملك يريد فرض أمر واقع، حتى إذا تولى سلمان العرش من بعده يكون من الصعب عليه إجراء تغييرات كبيرة أو سريعة.
يشار الى أن سلمان بن سلطان كان مرافقاً لأخيه بندر منذ كان الأخير سفيراً في الولايات المتحدة، وكان مساعده في إدارة ملف الحرب في سوريا منذ تموز 2012. وهو تولى إدارة غرفة العمليات المشتركة في الأردن، التي تتولى التنسيق بين السعوديين والإماراتيين والأردنيين والأميركيين، وعدد آخر من الدول الإقليمية والغربية، بهدف تفعيل جهودها المشتركة في إدارة العمليات ضد النظام السوري. وأُبعد سلمان بن سلطان عن هذه المهمة قبل نحو شهرين، بعد إعفاء أخيه بندر بن سلطان من إدارة الملف السوري، تمهيداً لإزاحته من منصبه كمدير للاستخبارات السعودية.
واللافت أن قرارات الملك السعودي صدرت أمس بعد ساعات من اللقاءات التي أجراها وزير الدفاع الأميركي تشاك هاغل في السعودية.
وبناءً على أمر ملكي صادر أمس، أعفي الأمير سلمان بن سلطان بن عبد العزيز من منصبه كنائب لوزير الدفاع، بعد أقل من شهر من إعفاء أخيه بندر من منصبه كرئيس لجهاز الاستخبارات العامة. ووفق الأمر الذي أصدره العاهل السعودي، فإن إعفاء الأمير سلمان من منصبه جاء «بناءً على طلبه». وأشار الأمر الملكي إلى تعيين الأمير خالد بن بندر بن عبد العزيز آل سعود في منصب نائب وزير الدفاع، بعد إعفائه من منصبه كأمير لمنطقة الرياض.
وقضى العاهل السعودي في أمر ملكي ثان بتعيين نجله الأمير تركي أميراً لمنطقة الرياض بمرتبة وزير. وفي أمر ملكي ثالث، قضى الملك بتعيين محمد بن عبد الله العايش مساعداً لوزير الدفاع بمرتبة وزير.
وطالت التغييرات أيضاً منصب رئيس هيئة الأركان العامة حيث رقي الفريق الركن عبد الرحمن بن صالح بن عبد الله البنيان (نائب رئيس هيئة الأركان العامة) إلى رتبة فريق أول ركن، وعُيّن رئيساً لهيئة الأركان العامة بدلاً من الفريق الأول الركن حسين بن عبد الله بن حسين القبيل الذي أحيل إلى التقاعد في أمر ملكي رابع. كما قضى الأمر نفسه بتعيين الفريق الركن فياض بن حامد بن رقاد الرويلي (قائد القوات الجوية) نائباً لرئيس هيئة الأركان العامة، وترقية اللواء الطيار الركن محمد بن أحمد بن عبد الرحمن الشعلان (نائب قائد القوات الجوية) إلى رتبة فريق ركن، وتعيينه قائداً للقوات الجوية. كذلك رقي اللواء البحري الركن عبد الله بن سلطان بن محمد السلطان (نائب قائد القوات البحرية) إلى رتبة فريق ركن، وعُيّن قائداً للقوات البحرية بدلاً من الفريق الركن دخيل الله بن أحمد بن محمد الوقداني الذي أحيل إلى التقاعد.
من جهة أخرى، وغداة المفاجأة التي أطلقها وزير الخارجية سعود الفيصل، معلناً استعداده لاستضافة نظيره الإيراني محمد جواد ظريف في الرياض، من أجل حلحلة العقد بين البلدين، وتخفيف التوتر، قرر ولي العهد، سلمان بن عبد العزيز، السباحة عكس التيار، محذّراً من مساعي إيران لتغيير موازين القوى في المنطقة، ومؤكداً أن «أمن دول وشعوب المنطقة في خطر»، مستغيثاً بالولايات المتحدة التي حضر وزير دفاعها، تشاك هاغل، إلى جانب سلمان، الجلسة الافتتاحية للاجتماع التشاوري الأول لوزراء دفاع دول مجلس التعاون الخليجي، الذي عُقد في مدينة جدة أمس.
وقال سلمان خلال الاجتماع إن «التحديات الأمنية، سواء كان مصدرها أزمات داخلية أو تطلعات غير مشروعة لبعض دول المنطقة، ليس لها تداعيات على دول مجلس التعاون الخليجي فحسب، وإنما على الأمن والسلام الإقليمي والعالمي أيضاً». وأوضح أن هذه التحديات «تجعل مسؤولية أمن الخليج ودوله مسؤولية مشتركة بين دول المجلس والمجتمع الدولي، ونخص بالذكر الولايات المتحدة، نظراً للترابط الاقتصادي والأمني بينها وبين دول مجلس التعاون، والتزام الولايات المتحدة الأميركية الدائم بتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة».
وعبّر سلمان عن أمله بأن تأخذ واشنطن «في حساب معادلاتها الأمنية والسياسية، التهديدات المتنامية لأمن الخليج ودوله، بما في ذلك مساعي بعض دول المنطقة لتغيير توازن القوى الإقليمي لمصلحتها، وعلى حساب دول المنطقة».
من جهته، قال هاغل في كلمته خلال الاجتماع إن «التحديات الأمنية الأكثر إلحاحاً تهدد المنطقة بأكملها وتحتاج إلى رد جماعي»، مضيفاً «هذا هو النهج الذي يجب أن تستخدمه المنطقة للتعامل مع التهديدات التي تمثلها إيران».
(الأخبار)
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha