محمد كسرواني
دعوة السعودية وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف لزيارة الرياض لا يمكن أن تقرأ على انها صفحة جديدة في ملف العلاقات الدبلوماسية فحسب. فتقارب القطبين الأقوى والأهم في المنطقة ينبىء بحلحلة للأزمات المتنقلة بين سوريا ومصر واليمن ولبنان.
وإذا كانت دعوة وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل لظريف لزيارة المملكة قد اعلن عنها رسمياً يوم الثلاثاء الماضي إلا أن مراقبين مطلعين يؤكدون أنها ليست وليدة الساعة. فالدعوة بدأ الحديث عنها منذ أكثر من شهر، وقد سبق إعلانها سلسلة اجتماعات "ايرانية - سعودية" أمنية غير معلنة، اغلبها كان في عمان، وفق المراقبين.
ماذا على جدول أعمال اللقاء؟
اللقاء المرتقب الذي لم يحدد موعده بعد يفترض أن يرتب الوضع العام في المنطقة ويعيد خلط الأوراق للخروج بخلاصات جديدة. فجدول الأعمال سيضم 4 محاور اساسية ينقسم كل منها الى ملفات عديدة. المحور الأبرز سوريا، والعلاقة مع الجماعات التي تصفها إيران بـ "التكفيرية" والسعودية بـ " الإرهابية". كما سيتطرق البحث الى ملف الرئاسة السورية واحتمال بقاء الرئيس الحالي بشار الأسد لولاية ثالثة.
ثاني المحاور، مصر والعلاقة مع جماعة الإخوان المسلمين، على أن يبحث ايضاً ما بعد تولي وزير الدفاع الأسبق عبد الفتاح السيسي الرئاسة، في حين بات واضحاً أنه المرشح الأقوى والأعلى حظوظاً. العراق والانتخابات العامة يأتيان في المحور الثالث، خصوصاً مع ارتفاع حظوظ رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي بعدما حصل على 700 الف صوت في بغداد وهو اكثر من مجموع كتل "الاحرار" و"المواطن" و"الفضيلة" و"الصادقون" مجتمعة.
أما فيما يتعلق باليمن ولبنان وتركيا، وهو المحور الرابع، فيشير المراقبون في حديث لموقع "العهد" الإخباري، الى أنها امور فرعية و"تطويها الاتفاقات الكبرى"، فمتى تمت الحلحلة خارجياً انتهى الأمر. وعن لبنان تحديداً، وإذا ما كان اللقاء سيتطرق الى الانتخابات الرئاسية، خلص المراقبون الى أن "بيروت تتنفس من هواء دمشق، ومفاتيح الأوكسيجين بيد إيران والسعودية".
من عرقل اللقاء السعودي - الإيراني؟
وفيما يرتقب الجميع حصول اللقاء، تشير المعلومات إلى ان الجانب السعودي ما كان ليفتح باب الحوار لولا التقلبات الأخيرة في المنطقة وما آلت اليه الأمور، وتحديداً في سوريا. فبعد التقدم الكبير للجيش السوري في القلمون، ونجاح تطبيق "اتفاق حمص"، وجد السعوديون مصالحهم في خانة: "بما لا تشتهي السفن". وكان، بحسب المعلومات، من الضروري أن يذهب السعودي نحو خيار جديد مفتاحه "التواصل مع إيران".
وتضيف المعلومات أن السعودي ما كان يريد الحوار، وكان متجهاً نحو خيار "العزلة الخليجية"، و"الفرعنة" في إدارة الأمور. والسعودي عطّل أكثر من مرة لقاءاته مع الإيرانيين. وفيما كان الإيراني يشرع كل ابواب النقاش وتسوية الأمور خصوصاً بعد تسلم الرئيس الإصلاحي الشيخ حسن روحاني الرئاسة الإيرانية والعمل بسياسة الانفتاح على الخليج، كان الجانب السعودي يسعى الى تجنب الحوار مراهناً على الوضع الإقليمي ومعولاً على بقاء الرئيس السوري بشار الأسد في موقعه.
وفي إشارة لافتة، تقول المصادر "السعودي يصدق (رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام في إيران آية الله أكبر هاشمي) رفسنجاني، إبحثوا عن يد رفسنجاني في هذه المفاوضات". وتلمح المصادر الى أن الجانب الإيراني، يدرك جيداً ان بقاء رفسنجاني في الهيكلية الإيرانية وتوليه منصب رئيس مصلحة تشخيص النظام يساهم كثيراً في فتح علاقات جديدة مع دول الخليج".
وللأميركيين أيضاً دور في الدعوة السعودية لإيران، حسبما تؤكده المصادر المطلعة. فزيارة وزير الحرب الأميركي تشاك هيغل الى السعودية واجتماعه بوزراء الدفاع الخليجيين، حمل رسائل اميركية - أوروبية بضرورة فتح العلاقات مع ايران، في سبيل إيجاد مخرج للسعودي من أزمات المنطقة "الضيقة"، وتحت مسمى "محاربة الإرهاب" الذي أعلنت السعودية عنه مؤخراً.
ما هي النتائج الأولية للمفاوضات؟
"لا نتوقع حلّاً أو تسوية عامة منذ اللقاء الاول، لكن كل المشاكل ستكون قابلة للبحث". بهذه العبارة يلخص مصدر مطلع آخر رؤيته من التفاوض. يرى أن موضوع الحلحلة العامة سيأخذ الكثير من الوقت وأن كل هذه الاجتماعات ستمهد للقاء من الصف الأول بين الطرفين لوضع اللمسات الأخيرة على اتفاق العام".
فمجرد اجتماع الطرفين وبدء الحوار يعني تهدئة للوضع العام، وشبه استقرار حيال الأزمات الكبرى، وانخفاضا في نبرة الإعلام الحاد، وتمهيدا لتسوية شاملة.
هل يذهب الشيخ روحاني الى السعودية؟
"سلسلة من اللقاءات الصغيرة تعقد غالباً قبل عودة العلاقات الدبلوماسية بين ايّ بلدين دخلا فترةً من القطيعة"، يقول المصدر المطلع لـ "العهد"، "وما نشهده اليوم بين الإيرانيين والسعوديين، يمهد لزيارة للرئيس الإيراني روحاني الى السعودية قريباً لتتويج الاتفاق العام مع الملك عبد الله بن عبد العزيز".
ختاماً يتوقع المصدر بدء العد العكسي لزيارة روحاني إلى الرياض، خاصة بعد تلبية ظريف الدعوة، ويضيف جازماً "الشيخ روحاني يزور السعودية خلال عام".
9/5/140517
https://telegram.me/buratha