قال الكاتب السعودي المعروف الدكتور عبد الرحمن شلاش أن أخطر الفئات وأشدها فتكا ولو على المدى الطويل المتعاطفون مع الإرهابيين...
وقال الدكتور شلاش في مقال له نشرته صحيفة دار الأخبار السعودية في عدد يوم 24-07-2014 :بين الإرهابيين المجرمين وبين الشيوخ المفتين بجواز القتل والمحرضين عليه تقع مساحة واسعة، إذ يمثل هذين الصنفين طرفي معادلة الإرهاب أو قطبيه الرئيسين، ووسط تلك المساحة الشاسعة تقع فئات يتحدد تصنيفها وفقا لموقفها المعلن أو المبطن من الإرهاب.
هناك مثلا فئة تجرم الإرهاب وترفضه جملة وتفصيلا وتعتبره آفة خطيرة وتحذر الناس منه، وهناك فئة سلبية لا تهتم بما يدور حولها وليس لها أي دور في تبصير من يقع في دائرتها، وهناك فئة تسكن في المنطقة الرمادية وتتحدد مواقفها بحسب المصالح.
أخطر الفئات وأشدها فتكا ولو على المدى الطويل المتعاطفون مع الإرهابيين. بعض هؤلاء ربما لا يصرح بموقفه ولكن تفضحه بعض كلماته أو إسقاطاته أو مواقفه العملية سواء في المجالس أو الخطب أو في البرامج الفضائية. خطورة هذه الفئة تزداد كلما أصبح المتعاطف في موقع أقوى تأثيرا ولديه أتباع لا يثقون إلا بكلامه.
كنا إلى وقت قريب نتوقع أن تأثير هؤلاء المتعاطفين لا يتعدى الجهال والسذج والبسطاء ولكننا صدمنا أيضا بامتداد تأثيرهم إلى المثقفين وطلاب الجامعات والعاملين في قطاعات الدولة وما قصة الطبيب السعودي فيصل شامان العنزي وتفجيره لنفسه في عملية انتحارية في العراق أودت بحياة ثلاثين مسلما إلا دليل على صحة ما ذهبت إليه، وهو دليل على تغلغل المتعاطفين المؤثرين في كل المواقع مستغلين قدراتهم على الإقناع وتغيير مبادئ الناس تجاه وطنهم ومجتمعهم وتحويلهم من مسلمين معتدلين إلى تكفيريين يرون استباحة دماء المسلمين تمهيدا لتصديرهم لجبهات الصراع المختلفة.
يظهر تعاطف تلك الفئات من خلال ردود أفعالها وهذا ما وضح جليا بعد إعلان المارق البغدادي خلافته على الشام. هذا الحدث حرك كوامنهم وبطرق لا إرادية جاءت التعابير لتفضح زيفهم. تعابير صيغت بطرق مختلفة إما بنشر علم الدولة الداعشية الأسود أو إطلاق تغريدات تؤيد ما حدث وتظهر التضامن الروحي كيف لا وقد تحقق حلم الخلافة المزعومة ولا بأس حتى ولوكان تحقيق الحلم البائس على أيدي الخوارج، أو من خلال الدعاء لمن يسمونهم بالمجاهدين.
قاصمة الظهر ردود الفعل المتجاهلة لبعض خطباء الجوامع والبالغ عددهم مائة بحسب آخر تصريح لوزارة الشئون الاسلامية وتخليهم التام عن دورهم الوطني بإدانة حادثة شرورة والتعدي على حدود الوطن في محاولة فاشلة لزعزعة أمنه واستقراره.
المتعاطفون ومن تردد أصداء قلوبهم عبارة «أحب الإرهابيين ولست منهم» يمرون عادة بحالات بيات لا يحركهم ويجعلهم يتراقصون فرحا إلا عملية إرهابية هنا أو هناك لكنهم يظلون مصدر خطر دائم يستدعي من الجهات المسئولة بحثه بعمق وجدية لاستئصاله لأنه مثل الورم الخبيث الذي يسري في جسد المريض دون أن يحس به.
يتواجد هؤلاء المتعاطفون في كل مكان. في الجامعات والمدارس والدوائر الحكومية، لا تحددهم أشكالهم ولا صفاتهم. يتحركون بخبث ويبثون سمومهم مستخدمين طرقا متعددة منها مثلا التركيز على أخطاء الأداء في بعض الدوائر أو المشكلات العالقة مثل البطالة، أو الأمور التي يسمونها مخالفات شرعية مثل عمل المرأة أو قضايا السجناء المطلوبين لاعتبارات أمنية يدغدغون بها مشاعر الناس رغم أن هذه القضايا والمشكلات موجودة في معظم الدول إن لم تكن كلها.
الدولة مهتمة بموضوع الإرهاب وحققت فيه إنجازات ملموسة وبقيت مسألة المتعاطفين وحلها على الأقل بإبعادهم عن مراكز التأثير.
4/5/140727
https://telegram.me/buratha