وقال وزير الداخلية زياد بارود في مؤتمر صحفي إنه سيكون هناك مهلة لشهر واحد للنظر في الطعون ضد نتائج الانتخابات، لافتا إلى أن ما قامت به وزارة الداخلية شاركت فيه القوى السياسية والشعب اللبناني. واعتبر بارود أنه ستكون هناك حالة تشاركية في المرحلة المقبلة. وأضاف: "في لبنان لا أحد يخسر. نظامنا السياسي والدستوري تتحكم فيه اعتبارات معينة".
وجاءت النتائج مخالفة لتوقعات المعارضة بعدما سجلت الموالاة فوزا كبيرا في أربع دوائر انتخابية فيها غالبية مسيحية ربطها محللون بتمكنها من رفع نسبة المشاركة بصورة قياسية لصالحها. كما سجل تراجع في نسبة المؤيدين للتيار الوطني الحر بزعامة الجنرال ميشال عون في صفوف المسيحيين حتى في المناطق التي فاز فيها.
"تغير مزاج المسيحيين"
هذا وقد عزا محللون فوز لوائح 14 آذار الذي احدث مفاجأة كبرى، إلى تغير مزاج المسيحيين في معركة اتخذت طابع الاختيار بين محورين مرتبطين بالخارج: وفي هذا السياق قال المحلل السياسي في صحيفة النهار سركيس نعوم إن المسيحيين لم يمنحوا الثقة لمرشحي التيار الوطني هذه المرة وإن النتائج أثبتت أن الجنرال عون لم يعد "الزعيم المسيحي الأول" كما كان يصنف نفسه.
وأضاف نعوم أن "المزاج المسيحي أعطى ميشال عون أصواته عام 2005 لأنه كان في مواقف مناقضة للمواقف التي هو فيها الآن، المزاج تغير بعدما أدرك الذين افشلوا بعض مرشحي عون في بعض الدوائر أنه انتقل إلى الضفة الأخرى."
غير أنه أشار إلى أن ذلك "لا يعني انتهاء ميشال عون والتيار الوطني، لكنه لم يعد كما كان يصنف نفسه التيار الأكثر شعبية لدى المسيحيين"، مضيفا أن عون "كان يراهن على فوز أكبر بكثير، وصار زعيما شأنه شأن الآخرين." وكان عون قد حقق فوزا كاسحا في انتخابات العام 2005 بحصوله على 70 بالمئة من أصوات الناخبين المسيحيين.
"عون زعيم قوي"
في المقابل، كتبت صحيفة "السفير" في عددها الصادر الاثنين "إذا كانت المعارضة ككل خسرت الانتخابات إلا أن التدقيق في التفاصيل يبين أن العماد عون ما زال زعيما مسيحيا قويا بعدما تمكن من الحصول على الأكثرية في جبل لبنان الذي يشكل العمق الحيوي والاستراتيجي للمسيحيين."
كما رأى الباحث والخبير في الشؤون الانتخابية كمال فغالي أن نتائج الانتخابات تترجم تراجعا في شعبية الجنرال عون في المناطق المسيحية لكنه لا يزال زعيما قويا يحظى بأكبر تمثيل على الساحة المسيحية ويملك اكبر كتلة معارضة.
دور البطريرك
وعزا فغالي لوكالة الصحافة الفرنسية هزيمة المعارضة إلى عنصرين أساسيين هما "كلمة البطريرك الماروني نصر الله صفير التي أثرت كثيرا على آراء الناخبين وزيادة عدد الناخبين بشكل غير متوقع." وهذه الزيادة تفسر عبر القادمين من الخارج أو المقيمين خارج دوائرهم ولم يكونوا محتسبين في التوقعات.
وكان البطريرك قد قال في كلمة عشية الانتخابات "إننا اليوم أمام تهديد للكيان اللبناني ولهويتنا العربية، وهذا خطر يجب التنبه له"، داعيا إلى إحباط المساعي التي "ستغير، إذا نجحت، وجه" لبنان. وأشار فغالي أيضا إلى عامل التعبئة الطائفية والخطاب الطائفي والتخويفي وإلى تحالف قوى مسيحية كبرى ضد التيار الوطني الحر، حسب قوله.
"صدمة كبيرة"
من جهتها، علقت صحيفة "الأخبار" اللبنانية على الانتخابات بالقول "خسرت المعارضة الانتخابات، وبقيت في المعارضة. وربح فريق 14 آذار وبقيت الأكثرية النيابية في يده. ومسلسل المفاجآت انتهى إلى صدمة كبيرة في أوساط المعارضة."
"المال السياسي"
أما في دمشق، فقد اتهمت صحيفتان سوريتان الاثنين التحالف المناهض لسوريا في لبنان بالفوز في الانتخابات بمساعدة "المال السياسي." وذكرت صحيفة البعث الناطقة باسم الحزب الحاكم إن تحالف 14 آذار المدعوم من الغرب "متهم بشراء الأصوات وتقديم الرشاوي"، معتبرة أن "ذلك أفسح المجال أمام الموالاة لممارسة عملية كبيرة من التزوير."
كما رأت صحيفة الوطن الواسعة الانتشار أن "عنصر المال الانتخابي لعب دورا كبيرا في تحديد مآل نتائج الانتخابات إذ تبين أن فريق الموالاة رصد مبالغ باهظة في سعيه إلى شراء الذمم واستقدام المغتربين للاقتراع (من كل أنحاء العالم) ونثر هذا المال يُمنى ويُسرى في الدوائر التي خاض فيها فريقا التنافس معارك قاسية." وختمت الصحيفة أن "هذا العنصر أدى إلى قلب معطيات كثير من استطلاعات الرأي السابقة ليوم الانتخاب."
https://telegram.me/buratha