تاريخ حسينية الرسول (ص)ومنطقة الدورة ببغداد
مجاهد منعثر منشد
قال تعالى :ـ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِوَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَىأُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ 1
وقال تبارك وتعالى :ـ فِى بُيُوتٍ أَذِنَ ٱللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا ٱسْمُهُ يُسَبّحُ لَهُ فِيهَا بِٱلْغُدُوّ وَٱلاْصَالِ * رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَـٰرَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ وَإِقَامِ ٱلصَّلَوٰةِ وَإِيتَاء ٱلزَّكَـوٰةِ يَخَـٰفُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ ٱلْقُلُوبُ وَٱلاْبْصَـٰرُ * لِيَجْزِيَهُمُ ٱللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُواْوَيَزِيدَهُم مّن فَضْلِهِ وَٱللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ . 2.
ارادوا ان يمحى ذكرك مسجد الرسول (ص) ففجروك ..نسوا همم واعمال الرجال القائمين فيك ..وعملهم يسجله الله تعالى قبل التاريخ ..فأن فجروا عمرانك والبناء ,فأن تاريخه ورجاله لن تزول .في الدنيا يحمدون ويشكرون .وفي الاخرة بنائهم وعمرانهم لن يزول ,فهذا هو فوز الدارين الذي لايزول .
لمحة عن تاريخ واسباب بناء الحسينيات
الحسينيات تطور جرى على المأتم الحسيني ,فكان فكرة إشادة أمكنة خاصة بإقامة المآتم . و عرفت اليوم ( بالحسينية ) .ويذكر التاريخ كان في أيام الفاطميّين بمصرعندما دخل المعزّ الفاطمي إلى القاهرة سنة 363 هجرية .
فقد جاء في المختصر ( كان من أهمّ ما تميّزت به القاهرة في عهد الفاطميّين ( الحسينية ) وهو بناء كان الفاطميون يقيمون في كل عام ، ذكرى مقتل الشهيد الحسين ، في وقعة كربلاء )3..
هذا وقد ذكر المقريزي في خططه ، حينما تعرّض إلى حارات القاهرة ، أنّ هناك حارة باسم ( الحسينيّة ) وقد ذكرها فيها بناءً ضخماً4.
وكان الوضع يختلف في بغداد حيث ان الفتن الطائفية في بغداد تصاحب أيام الحداد في عاشوراء ، في سنين عديدة . بحيث صارت تلك الفتن ملازمة لأيام عاشوراء ، بشكل يكاد يكون سنويّاً ، وقد يؤدّي إلى حوادث مؤسفة .
وبذكر التاريخ في بغداد سنة 334 هـ منذ دخول أحمد بن بويه ( معزّ الدولة )الى بغداد كانت مظاهر النياحة والعزاء ، تقام في الشوارع والبيوت ، ثمّ تطوّر الأمر إلى إحيائها عند مشهد الإمامين موسى بن جعفر الكاظم ومحمد بن علي الجواد ( عليهما السلام ) في شمال بغداد . وانتقلت ظاهرة بناء الحسينيات في بغداد على أثر بنائها في مصر من قبل الفاطميّين .
بغداد منطقة الدورة وتسمية حي الطعمة .
الدورة منطقة واسعة من جنوب بغداد. تطل على الشاطئ الغربي لدجلة. تحيط بها منطقة ذات بساتين نخيل كثيفة. جاءت تسمية الدورة نسبة إلى دورة نهر دجلة الذي يدور حولها من ثلاث جهات. ورد هذا الاسم لاول مرة في مطلع القرن التاسع عشر ميلادي .ووسط الثمانينات من القرن العشرين سميت مناطقها بالاحياء حيث ضمت حي الطعمة .وحي الاثوريين وحي الوادي و حي المعلمين والميكانيك وحي الشرطة واسيا و الجمعيات وحي المهدية وهور رجب والبوعيثة وعرب جبور و أبو دشير والجمهورية .
.وكانت عبارة عن مزارع وبساتين وتتواجد بيوتات عشائر الجبور والبوعيثة ودليم في المزارع على محيط المنطقة برمتها قرب الشط منهم مالك للارض ومنهم فلاح .واغلب المالكين هم من عشائر جبور .وفي بداية البعيثة اراضي البو شهيب هم من عشائر العقابي .
ولم تطلق اي تسمية على الاحياء الحالية في حينها حيث كانت تسمى كل المنطقة الدورة .وفي عام 1961 بدأ مالكي الاراضي ببيع قطع منها ومن باع هم :ـ
1. طعمة الجبوري . 2. حامد الوداي .
الاول طعمة سميت المنطقة باسمه .ولازالت احفاده في المنطقة .
والثاني الوادي سميت المنطقة المجاورة للطعمة باسمه الوادي .
فاذا يسأل الشخص الذي اشترى قطعة الارض اين فطعتك ؟يقول عند الطعمة او عند الوداي .ولازالت منطقة الطعمة تتردد على لسان اهالي الدورة القدماء حبث تغيرت التسميات والعناوين .ولكن الحدود ثابته لحد الان .واما الوادي لازالت تسمى بحي الوادي .
واول قطعة تم شرائها من المالك طعمة الجبوري هو المرحوم المقدم الشيخ مبارك مجلي ال علي الخفاجي .ومعه الشيخ منعثر منشد والشيخ فيصل منشد .
واول قطعة اشتراها من حامد الوادي هم بيوتات شمخي ومنخي وفياض الطائي وهم اخوة .
ولم تكن اي منازل غير هؤلاء في المنطقتين حي الطعمة وحي الوداي .
وفي عام 1962م قام الشيخ المقدم مبارك بسحب خطوط كهرباء ومياه للمنطقة ,فنزحت بعد ذلك عوائل عشيرة الجبور من المزارع الى حي الطعمة .ولحق الشيخ مبارك الخفاجي عوائل من قرية ال صكبان .والعبد السيد في محافظة ذي قار واصبح عدد اولاد عمومة الشيخ (30) بيت .وبعد ذلك اتسع وجود العوائل الاخرى .ونزحت عوائل من مختلف العشائر .وانتشرت الديانة المسيحية ووجود كنائيس فيها حتى سميت المنطقة المجاورة للطعمة الاثوريين .
فكرة انشاء وبناء مسجد وحسينية الرسول (ص) في الدورة حي الطعمة .
في بداية عام 1971قبل شهر محرم طرح الشيخ الحاج منعثر منشد ابو مجاهد فكرة على اصدقائه واخوانه المؤمنين لبناء حسينية في المنطقة .وشاركة هذه الفكرة اخوته المؤمنين في جلسة داخل حديقة منزله في حي الطعمة .وهم :ـ
المرحوم الحاج جدعان الطائي ابو غانم و الدكتور هادي عطية ابو صلاح والسيد محمد جواد الياسري ابو مرتضى و المرحوم الحاج هاشم ال كصاد الخفاجي و الحاج عباس الدهش والحاج عزيز الشهيب العقابي ..والمرحوم صالح مزبان الخفاجي ابو فرات .والحاج سعد السعدي ابو مصطفى والشهيد الحاج زهير ابو حيدر .ولم يكن اي مسجد او حسينية اوجامع للمسلمين الشيعة في الدورة بعمومها .
وبعد المناقشة بينهم تقرر الاجتماع في بيت الحاج عبد الحسن الابراهيمي ابو هيثم باقامة مجلس عزاء حسيني في منزله وكانت دعوة لجميع المسلمين الشيعة .وكان القارىء الخطيب عبد الصاحب البهادلي هو خطيب المجلس الحسيني .وطرحت الفكرة .وكانت موافقة اجمالية من جميع الحاضرين واستمرت المناقشات ايام عديدة عن الية التبرعات والكيفية .,فقال الشيخ الحاج منعثر منشد سافاتح المجتهد المرحوم الشيخ محمد حسن ال ياسين بالموضوع ,فذهب اليه في جامع ال ياسين في الكاظمية وعرض تمام الفكرة واخر ماتوصلوا اليه رحب الشيخ الجليل بالفكرة .وفي حينها كان وكيل للمرجع الديني سماحة الامام السيد ابو القاسم الخوئي (قدس سره ) ,فطرح الشيخ محمد حسن ال ياسين (قدس سره)الفكرة على سماحة السيد الخوئي ,فأمر المرجع الديني الامام الخوئي بصرف كافة الحقوق الشرعية الوارده للشيخ محمد على هذه الحسينية
ومع الحقوق الشرعية كانت تبرعات المؤمنين المسجلة في سجل لدى الشيخ منعثر منشد .والتزم بناء المسجد المقاول حجي جواد البياع وتم تسليمه المبلغ كاملا من قبل الشيخ محمد حسن ال ياسين بحضور الشيخ منعثر .واستلم الشيخ محمد حسن سجل التبرعات وسلمه للمرجع السيد ابو القاسم الخوئي ( قدس سره)
وبعد انهاء تشيدها كلف الشيخ محمد حسن ال ياسين , الشيخ عبد العال ليكون امام جماعة فيها .
وحارس الحسينية ومؤذنها الشهم المرحوم حجي عبيد الكريشي ابو مهدي .
وبفكرة رائعة من قبل المجتهد الشيخ محمد حسن ال ياسين (قدس سره ) تم تسجيل قطعة المسجد والمسجد باسم المرجعية الشيعية اي كلما تغير مرجع تكون باسمة الحسينية الامر الذي جعل الحسينية محفوظة من الاستيلاء عليها من قبل النظام البائد .
وتعاقب على امامة الجماعة فيها التالي ذكرهم :ـ
1. الشيخ عبد العال 2. الشيخ كامل الجابري ابو جهاد .
وفي عام 1980 تغيرت الحاله بسبب بطش النظام واستهداف المؤمنين حيث تم اعتقال الشهيد زهير ابو حيدر ووالدته .واعدامهم .
وملاحقت الشيخ كامل الجابري بعد اعدام شقيقة .وهنا كان مواقف الابطال من هذه الحسينية حيث كان احد المصلين وهو ابو ايمان الغزي يعمل في القصر الجمهوري ,فجاء الساعة 12 ليلا وبلغ والدي بأن الشيخ اسمه ورد في قائمة الاعدامات .فأخذه والدي للشيخ وكان الشيخ يسكن في نفس الجامع مع زوجته وابنه .فقال لهم الشيخ ارشدوني ,فقال والدي للمجاهد ابو ايمان الغزي ان سيارتك وهويتك تسمح بأن نهرب الشيخ خارج العراق ,فوافق ابو ايمان بدون تردد ,فامر الشيخ زوجته التي كانت بنت مجتهد في النجف الاشرف ان تذهب مع الشيخ منعثر لمنزله وهو يتولى امرها ليلحقها به .وفعلا انطلقت سيارة ابو ايمان لمحافظة ذي قار ناحية الطار ليوصل الشيخ ومنها خرج خارج العراق .
وجائت زوجته وابنه لمنزل ابو مجاهد .وكان ابو مجاهد مطلوب من قبل الامن ولكن لايعرفون اسمه لانه باسم حركي ابو عقيل .وقد ورد اسمه في احدى الجرائد كونه وكيل للتاجر هاشم البهبهاني .واحد خطوط تنظيم الشيخ الشهيد عارف البصري (قدس سره) ومسؤوله السيد حسن شبر ابو رياض .
وكان الموقف عصيب جدا اعدامات بالجملة + تسفير .وبعد يوم من وجود زوجة الشيخ تهيأ ابو مجاهد لنقل زوجته الى ناحية الطار لتلتحق بزوجها .
والامن العام جائوا ثاني يوم للقبض على الشيخ في المسجد لم يكن احد موجود غير المرحوم الحارس المؤذن ابو مهدي حجي عبيد الكريشي .فقالوا له اين الشيخ ,فرد عليهم هو بجيبي .
واكمل انه يصلي جماعة ومنذ 3 ايام لم اراه كان ابو مهدي رجل كبير السن ,و معروف بشجاعته تركوه وذهبوا .ولم تكتفي حملاتهم القمعية ,فاعتقلوا المؤذن المؤمن حجي خليل ابو احمد ولم يخرج الا بعد سنتين .والموضوع طويل نعود اليه في مرات قادمه .
وظلت الحسينية يحرسها ابو مهدي ويصلي فيه مصلين على عدد الاصابع وهم :ـ
1.الحاج عبيد الكريشي 2.الحاج جدعان ابو غانم الطائي 3.الحاج عباس الدهش 4.الحاج سعد السعدي ابو مصطفى 5.الحاج عزيز الشهيب 6.السيد محمد جواد الياسري ابو مرتضى 7.المرحوم صالح مزبان الخفاجي 8. الحاج منعثر منشد 9. السيد مهدي النعيمي ابو صلاح 10.الحاج هاشم كصاد الخفاجي .
والتحق عام 1984 الحاج محمد العامري ابوفاضل الذي تاثر بالحاج عبيد ابو مهدي واستلم مهام الاذان والحراسة للمسجد بعده .
وفي عام 1993 تغيرت الحالة وبدأت المصلين بالظهور وزاد النشاط .فاستلم امامة المسجد الحاج المرحوم جدعان ابو غانم بامر الشيخ المرحوم محمد حسن ال ياسين (قدس سره) . وقام بتعين حارس فيها وهو الرجل الكبير ابو زهره من اهالي الديوانية .
وفي عام 1995 تم توسعة المسجد وبناء المنارة فيه حيث اشرف على ذلك الحاج محمد العامري ابو فاضل والحاج عزيز الشهيب والحاج ناصر مزبان الخفاجي ابو حسان ونظمت مكتبة فيه يديرها الشيخ ابو عقيل البياتي .وقد ساعد في البناء الكثير من المؤمنين مرة بالمال واخرى بالعمل .
وبعد ان مرض الحاج ابو غانم جدعان الطائي الذي كان حافظ للقران على ظهر قلب وهو اعمى .
استلم امامة المسجد سيد احمد ابن المجتهد سيد كمال الظريفي ثم اوصى بالشيخ ابو عقيل البياتي .
والشيخ الحاج ابوعقيل البياتي استلم امامة المسجد بامر الشيخ محمد حسن ال ياسين (قدس سره) .وحصل على وكاله من سماحة الامام السيد علي الحسيني السيستاني (ادام الله ظله الوارف ) واستمر امام لمسجد الرسول (ص) حتى نهاية عام 2004 .وتعرض المسجد لاستهداف من قبل الارهابيين في الاونه الاولى فضربوا المصلين وهم يصلون باطلاقات نارية واستشهد من المصلين جماعة وجرح اخرين .
فاوصى الشيخ ابو عقيل البياتي من بعده ان يكون الشيخ ابو عمار محمد الاسدي امام للمسجد .وتم استهداف المسجد مرة اخرى بضرب المصلين في يوم الجمعة وهم يصلون ,فاستشهد 3 مؤمنين وجرح 8 .وبعد ايام استهدف امام المسجد الشهيد ابو عمار محمد الاسدي في منطقة حي الميكانيك واستشهد على يد الارهابيين رميا بالرصاص .
و في حوالي الساعة العاشرة من مساء الخميس( 9/9/2005م ـ 5 شعبان 1426 هـ) ليلة الجمعة قام الارهابيون بوضع متفجرات حول الحسينية وفجروها فسقط البناء وهي الان انقاض بسبب الانفجار الكبير .
ولانعلم هل ستاتي رجال تعيد بناء هذه الحسينية التي هي رمز للمذهب الشيعي في منطقة الدورة واول حسينيه فيها او تبقى على ماهية عليه .
المصادر
1. التوبة: 18.
2. النور 36- 38 .
3. علي ، سيد أمير : مختصر تاريخ العرب ـ ص499
4. المقريزي ، أحمد بن علي : الخطط 2 / 409 .
https://telegram.me/buratha