الامام علي عليه السلام نبراس هذه الامةومتراسها وعنوان كل فضيلة ومنقبة لها ولئن افتخرت به أمة الاسلام , فقد افتخرت به الانسانية جمعاء لانه أحد ابرز رموزها العالية التي رسمت لها طريق الانتصار ومهدت له باروع الاقوال والافعال , ونهجه المترع باعظم القيم وجواهر الكلم ماهي إلا دليل على عظمته وعبقريته المتفردة بكل ما حباه الله سبحانه من مكارم الاخلاق , عشقته الملايين المعذبة , وارتسمت خطاه ملايين الثوار , وهم يرددون ما نادى به من قبل ( الانسان عبد الاحسان ) و ( لكي تتقي حقد الناس كن قاسياً على نفسك كريماً معهم ) و ( من شاور الناس شاركهم عقولهم ) و ( الحياة دولاب يجب ان يسبقه الانسان بالعمل والمثابرة وإلا فانه يفشل في حياته ) وقوله ( حسن الاخلاق برهان على كرم الاعراض ) .. وقوله ( افضل الناس من كظم غيظة وحلم عن قدرة ) و ( يوم العدل على الظالم اشد من يوم الجور على المظلوم ) و ( ما جاع فقير إلا بما متع به غني ) هذه شذرات اقتطفناها من رياض امير المؤمنين المضمخة بأريج الهدى .
ولد الامام علي عليه السلام في بيت الله الحرام يوم الجمعة الثالث عشر من شهر رجب المعظم سنة ( 30 ) بعد عام الفيل , وقبل الهجرة المشرفة بثلاث وعشرين سنة الموافق ليوم الجمعة الثلاثين من شهر ايلول سنة 600 للميلاد وهذا ما حققه بعض المؤرخين , ومن الصدف المباركة ان ولادة الامام عليه السلام هذا العام يتطابق فيها التاريخ الهجري والميلادي في يوم واحد .
كان مولده في بيت الله الحرام كرامة له وتلك مزية انفرد بها اذ لم يولد مولود قبله او بعده فيه , وهذا تشريف وتكريم من الخالق تعالى :
طوبى له كان بيت الله مولده
كمثل مولده ما كان للرسل
ابوه ابو طالب سيد البطحاء وعظيم قريش وشريفها , الاب الحنون والكافل والمربي والمنافح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم , رباه صغيراً وكفله يتيماً ونصره كبيراً , قال يخاطب النبي ( ص ) :
والله لن يصلوا اليك بجمعهم
حتى اوسد في التراب دفينا
ولقد علمت بان دين محمد
من خير اديان البرية دينا
ولهذا فان النبي ( ص ) قال في حقه يوم وفاته : ( رحمك الله ياعم , ربيتني صغيراً و فكلتني يتيماً ونصرتني كبيراً.
امه السيدة جليلة القدر السابقة في الاسلام فاطمة بنت اسد تلك المرأة التي احتضنت النبي ( ص ) وربته واعتنت به , وفضلته على ابنائها , ولقد كرمها النبي ( ص ) يوم وفاتها ,فألبستها قميصه وتوسد في قبرها ودفنها بيده الشريفة وترحم عليها .
من هذين الابوين الكريمين الهاشميين ولد عبقري هذه الامة وقائد قافلة العظماء وسيد الكل بعد رسول الله ( ص ) والمجاهد الاول واول المؤمنين والذابين عن الاسلام والمسلمين . اول يد تلقفه بالعناية والرعاية يد الصادق الامين ( ص ) فرباه وادبه واحسن تربيته وادبه , وكأن العناية الربانية ارادت لهذا الوليد ان يكون السند القوي لصاحب الرسالة المقدسة فيما بعد وكان علي عليه السلام كما اراد الحق فهو اول من آمن به وصدقه واتبعه وجاهد بين يديه , فكان ولي المؤمنين واميرهم , قال الباري سبحانه في محكم كتابه المجيد :
( انما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ) سورة المائدة 55 .. نزلت هذه الاية في علي عليه السلام باجماع المسلمين .
وقال فيه النبي ( ص ) : ( علي مع الحق والحق مع علي , ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض يوم القيامة ) .
قال عمر بن الخطاب ( رض ) : ( عقمت النساء ان يلدن مثل علي بن ابي طالب ) عليه السلام .. وفي قول آخر له : اشهد ان رسول الله قال : ( لو وضعت السموات والارض في كفة ميزان ووضع ايمان علي في كفة اخرى لرجح ايمان علي ) .
قال العباس بن عبد المطلب ( رض ) : ( كنت عند رسول الله , اذ اقبل علي عليه السلام فلما رآه اسفر عن وجهه , فقلت يارسول الله انك لتسفر بوجه هذا الغلام فقال : ياعم رسول الله , والله ان الله اشد حباً له مني ) .
وسيبقى علي مفخرة الزمان دون منازع .
فالسلام عليك سيدي يوم ولدت في بيت الله الحرام ويوم جاهدت ايما جهاد وكافحت دون هوادة ويوم وصلت الى الفردوس الاعلى شهيداً في المحراب ويوم تبعث حياً على رؤوس الاشهاد .
5/5/611
https://telegram.me/buratha
