الصفحة الإسلامية

قبس من حياة الإمام جعفر الصادق (عليه السلام ) ....بقلم: عبدالامير الخرسان

3453 20:20:00 2012-09-13

 

الإمام جعفر الصادق (ع) ذلك العلم الزاهر في حياة العالم بأسره في السير والسلوك الى الله سبحانه وتعالى والفضيلة والكمال .. والى العدل الحق والحكمة والموعظة .. والقمر المنير في الفكر الإنساني الذي يجلي ظلمات الجهل والتحجّر .. ويخرج الإنسان من الظلمات إلى النور ومن الموت إلى الحياة ومن التخلف إلى التقدم والازدهار .. والشمس المشرقة التي لا تغيب عن سماء الإنسانية وضمير الوجود .. لتشرق في الحياة النور والإيمان واليقين والصلاح .. وتضيء في النفوس الأمل والبهجة والهدى والتقى .. وتمنح العقل العلم والحكمة .. والتحرر من ضيق الأفق وقيود الرغبة والهوى .. الى سلامة المنطق وسعة التفكر وحسن التدبر .. في حياة الامام الصادق (ع) أهداف متعددة وغايات متنوعة كلها تصب في اصلاح الانسانية وسعادة البشرية ورضا الله سبحانه لانه أرادها ابتغاء رضوان الله والقرب منه تعالى . لذلك عمل جاهدا على تحقيقها واخراجها للعالم كله ليستفيد منها وتكون له خير منهج في حياته وسلوكه على الصعيد الفردي والاجتماعي والعالمي .. واحب ان ألخّص بعض ماقام به الامام(ع) في المفاهيم التالية : 1

- أسس جامعة اسلامية كبرى . لدراسة الفقه الاسلامي والعقائد الاسلامية ودراسة علوم المنطق والفلسفة اضافة الى دراسة تفسير القرآن وعلوم القرآن ودراسة علم الأخلاق .

2- صنّف الدراسة في الجامعة وجعل لكل مفهوم اسلامي فرع خاص وتلاميذ وأساتذة حتى يتخرج الطالب وهو متخصص بعلم من العلوم الآنفة بالاضافة الى معرفة بقية العلوم الأخرى .

 3- جعل في الجامعة الاسلامية فروع لتدريس علم الطب والاهتمام به وبرز العالم بن سينا في هذا العلم وصنف فيه كتبا كثيرة نقلها عن الامام الصادق ومنها علوم القلب وعلم الدورة الدموية الكبرى والصغرى وعلم اصناف وعناصر الدم .

 4- درّس في الجامعة الاسلامية علم الفلك وجعل له فرع خاص وتلاميذ يحبون دراستهم ويقدرونها ومنهم العالم الفلكي بن حيان الكوفي وصنف في هذا العلم كتبا كثيرة ووضع البوصلة لمعرفة الشمال والجنوب وتخدم الرحالة في البر والبحر لأنها تسهل عليهم معرفة الشمال والجنوب والشرق والغرب اضافة الى التعريف بالنجوم الدالة على المسير ليلا المسمى بالنجم القطبي .

 5- دراسة علوم الكيمياء وجعله علم خاص يدرس تلاميذه في علم الكيمياء وبرز منهم العالم جابر بن حيان البغدادي وصنف الوان الكتب في هذا المجال .

 6- دراسة علوم العقائد وبرز الكثير من تلاميذه في هذا العلم التوحيدي ومنهم المفضل بن عمر .

 7- أعطى مساحة واسعة لعلم الفقه والتفسير وعلوم القرآن وعلم الأخلاق وجعل لكل علم تلاميذه وبرز الكثير من علماء الفقه والتفسير في عصره حتى يومنا هذا ليبقى الاختصاص العلمي والمنهجي قائم ويدرّس على طول التاريخ .. وما دراسة علوم الحوزة العلمية التي أسسها الإمام الحجة المنتظر(روحي فداه ) إلا نتاج تلك الجامعة الإسلامية الفريدة جامعة الامام جعفر الصادق (عليه السلام ) .

 8- المناهج العملية والسلوكية والروحية في حياة الامام الصادق (ع) ليعرج فيها الى الله سبحانه بروحه ومهجته الشريفة ليسمو مع الملائكة يسبح الله ويقدسه ويهلله ويعبده في الليل والنهار فهو من الرجال الذين يذكرون الله ليل نهار لايفترون وهو من سادة المؤمنين وعظمائهم لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله .. كان يأمر أبناءه وتلاميذه بالذكر والطاعة في القلب رهبة وخشية منه تعالى اضافة الى الدراسة والتعليم والتدريس والتأليف . لذا نرى كثيرا من تلاميذ الامام (ع) أسّسوا مدارس التصوف والعرفان في السير والسلوك الى الله , وان كانت ابتعدت عن المخالطة والتداخل في المجتمع وعاشت حياة الزهد والرهبانية وابتعدت عن الجماعة وقد نهانا نبينا الكريم (صلى الله عليه وآله) عن حياة الرهبان وقال ( لا رهبانية في الاسلام ) وقال ايضا ( خالط الناس ودينك لاتكلمنّه ) . لقد أراد الامام الصادق (ع) ان يقوّم حياة الناس ويصلحها ويجعلها قائمة على أساس التعامل الخلقي الكريم الذي يبتعد عن الغش والخداع والكذب والافتراء والتدليس , ليكون تعامل انساني متين مبني على الصدق والحق والعدل ليكون لهم مبدءا في الحياة ..

 9- اتّخذ الامام الصادق (ع) من الأخلاق مبدأ التسامح في الحياة وأراد للناس التسامح فيما بينهم ومجازاة الاساءة بالاحسان والقطيعة بالوصال والمزاورة والتهادي .. والمنع بالعطاء والبذل .. ليسود الناس السلام والوئام والمحبة والوحدة .. ليعيشوا فيما بينهم أخوة متحابين يجمعهم حب الله وحب الخير وحب الانسانية كلها.

10- لقد اسس الامام الصادق (ع) دور الحنان للأيتام والسهر على راحتهم وتربيتهم ونشأتهم نشأة انسانية اسلامية كريمة يتمتعون في حياتهم كغيرهم من البراعم والزهور ليدرسوا ويتعلموا ويأخذوا دورهم الطبيعي في الحياة لينفعوا البشرية بما آتاهم الله من فضله وعلمه وأدبه على يد الامام الصادق (ع) .

 11- لقد أسس الامام الصادق (ع) الجامعة البيطرية والاهتمام بالحيوان ورعايته والاكثار منه لتكون ثروة حيوانية كبيرة في المجتمع ينتفع من لبنها ولحمها وركوبها ..

 12- كذلك اسس الامام (ع) الجامعة الزراعية والاهتمام بالزراعة لان الثروة الزراعية هي المعتمدة آنذاك . وهناك تفاصيل ومفاهيم كثيرة حول هذا الموضوع .. بحيث كان الامام الصادق (ع) يواسي اصحاب المصائب الذين يخسرون ثرواتهم الزراعية بسبب الجراد والفيضانات ويدعو لهم بالتعويض والاحتفاظ بالباقي والاهتمام به .

13- ان الامام الصادق عاصر كثيرا من الثورات والانتفاضات الشعبية .. ضد الحكومة الأموية والحكومة العباسية وكان يدعو لها ويبارك فيها وقد رؤي الامام (ع) يبكي على عمه زيد بن الامام زين العابدين ويقول رحم الله عمنا زيد كان يدعو للرضا من آل محمد (ص) و زيد (ع) الشهيد الذي ثار ضد الحكم الاموي في زمن هشام بن عبدالملك ومضى شهيدا رحمه الله . أما في بداية نشوء الثورة العباسية الذي دعا العباسيين في بداية الثورة الى الرضا من آل محمد (ص) اي انهم عندما ينتصروا في معركتهم مع الأمويين يسلمون الراية والحكم للأمام المعصوم , وأرسل سلمة بن الخلال قائد جيش الخراساني الثائر في العراق ضد الامويين ( محمد بن عبدالرحمن ) برسالتين تتضمن نسخة بمضمون واحد يبعث بهما اولا الى الامام الصادق فاذا رفض الامام الصادق ارسل الثانية الى عبدالله بن الحسن بن الحسن وفعلا رفض الامام الصادق الرسالة والولاية اي تولي الأمر وأحرق الرسالة وتمثّل بقول الكميت يا موقدا نارا لغيرك ضوؤها ويا حاطبا بغير حبلك تحطب .. فرفض الدعوة وقال له هل أنت الذي جمعت الناس وشكلت الجيش وأمرت بالثورة وهل أنت صاحب الأمر حتى توليني هذا الامر بل هو لغيرك .ان الامام كان يعلم جيدا ان الأمر لبني العباس وانهم قاموا به وان كان باسم أهل البيت ولكنها خدعة أرادوا غش الناس وخديعتهم بها وفعلا عندما جاء العباسيون أمروا بقتل العلويين وتدميرهم وهدم دورهم عليهم ,. لقد كانت نظرة الامام (ع) وكل الأئمة (عليهم السلام) للحكم والحاكمين انهم مغتصبون حقهم وظالمي العباد والبلاد وأعاثوا بها فسادا وقتلا وتخريبا كما هم الوهابية عليه الآن .والعمل معهم حرام شرعا .. والأمثلة كثيرة على هذا .. لكن الأئمة كانوا يؤيدون الثورات والانتفاضات ضد الطواغيت والظلمة ويعتبرون حياتهم باقية ببقاء هذه الانتفاضات الشعبية المباركة والدماء الزكية السخية في سبيل الله كما قال الصادق (ع) ( لا أزال أنا وشيعتي بخير ما خرج من آل محمد ولوددت ان الخارجي من آل محمد خرج وعليّ نفقة عياله ) . لانهم أرادوا تقويم المسار والسلوك الانساني نحو العدل والسلام والطمأنينة .

14- وأخيرا أسدل الستار عن الامام الصادق (ع) بعد قتله بالسم من قبل الخليفة العباسي الدوانيقي لعنه الله وأكبه في نار جهنم التي لابد منها له ولكل سفاك أثيم . السلام عليك ياسيدي ومولاي وامامي ايها الصادق البار الامين طبت حيا ووميتا وان كنت خالدا بتراثك وروحك وعدلك وصفائك ...

نسأل الله ان يجعلنا من شفعائك يوم القيامة ومن عتقائك من نار جهنم وحشرنا الله معك في مقامك المقدس السامي ...

 والحمد لله رب العالمين .. والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله الطاهرين الميامين .

26/5/913 تح/ علي عبد سلمان

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
عبدالامير الخرسان
2012-09-13
بسم الله الرحمن الرحيم تحيتي واحترامي للأستاذ علي عبد سلمان لنشره هذه الكلمة المتواضعة عن حياة سيدنا وامامنا الامام ابا عبدالله جعفر الصادق (سلام الله عليه) . وأشكره جزيل الشكر وجعلها الله في ميزان حسناته انه قريب مجيب .
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك