يستقبلنا الحسين في كل عام بأيادي كريمة فهل سنمد أيدينا لمصافحة سيد شباب أهل الجنة؟! أم أننا بايعنا من لوثت أيدينا مبايعته !!، الحسين لكل مسلم فلماذا يستأثر الشيعة به؟! الحسين لكل العالم فهل سيمد العالم قلبه قبل سنارته ليصطاد منه فوائده الجمة التي يختزنها بحره الكبير؟!
الحسين ليس عاشوراء فقط، فعاشوراء رشفة من محيطه الزاخر، فهل تذوقنا حلاوة شهده، لماذا نطمع في إلتهام الحشرات ولا يغرينا الثمر النضيد؟!، ها هو الحسين يرحب بكل عاشق للمعرفة، ها هو الحسين يفتح بوابة سفينته الضخمة ليسع الجميع على مختلف الطبقات، هل سيحجرنا من الاقتراب إليه قطاع طريق؟!
الحسين قريب منا فهل سنمد الذراعين واليدين إليه أم أن الشلل الفكري يمتد للشرايين فلا حياة، الحسين للسود قبل البيض و(جون) الغلام الزنجي يصافح خده خد ابن الرسالة ليفخر : (من مثلي وابن رسول الله واضع خده على خدي)، الحسين للصغار قبل الكبار، لهذا يرتجز الطفل مقاتلاً بين يديه وهو يتغنى: (أميري حسين ونعم الأمير).
الحسين للنساء قبل الرجال، لهذا تستل العجوز عمود خيمتها وتقاتل : "أنا عجوزٌ في النساء ضعيفة.. خاوية بالية نحيفة.. أضربكم بضربة عنيفة.. دون بني فاطمة الشريفة"، الحسين لغير المسلمين قبل أن يكون للمسلمين ألم يصدح (بولس سلامة) بحب أبيه أمير المؤمنين فيقول هذا المسيحي: (جلجل الحق في المسيحي حتى عدَّ من فرط حبه علويا)، على طرازه سار المسيحي (وهب الكلبي) هذا النصراني عانق الشهادة بين يدي ابن الرسول فمتى سنتعلم أن خيمة الحسين ليست ضيقة الأفق؟!
الحسين ابن الرسالة والوحي وزعيم الإسلام الخالد كان محيطاً هادر من الخلق الكريم، فهو الذي يسقي العدو المحارب بيديه الحانيتين كما فعل مع (علي بن طعان المحاربي) ويلطف بالخصوم عند الحوار كما حاور جيش (ابن سعد)، ويغفر للمخطأ المذنب كما صفح عن (الحر الرياحي) وقبل توبته، من مدرسته نتعلم الخلق الحسن فهو الذي يعتق الجارية إذا حيته بطاقة الريحان، وهو يترنم بقول: (وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا).
إننا نفخر بهكذا مواقف وبهكذا خلق وبهكذا قيم ويحلوا لنا أن نتشدق بها ونتغنى فنقول هكذا خلق الدين هكذا خلق القرآن هكذا خلق الإسلام العظيم، ولكننا في ساحة الواقع وساعة التطبيق تتخالف أقوالنا أفعالنا فيصرع بعضنا بعضاً ويلتهم الواحد فينا أخاه رغم أننا نعتقد بصحة الحديث : (الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ وَلَا يَحْقِرُهُ التَّقْوَى هَاهُنَا)، (كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ) !!
إننا نتلوا الكتاب ونجود آياته بدقة (جدول الضرب) كما نزل ولكن معانيه غائبة عن الوجدان ولا صدى لها في حياتنا، أولم نرتل قوله تعالى : ﴿أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ﴾، ألم نجود قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾، لقد أبدعنا تلاوتها ولكن تطبيق القرآن ضاع في زمن نهتم بالزخارف وندع المضامين.
19/5/1113/ تح: علي عبد سلمان
https://telegram.me/buratha