الصفحة الإسلامية

المباهلة .. تصريح رباني بوصاية وولاية الامام على وأبنائه (ع) قبل الغدير

1226 15:48:00 2013-10-30

* بقلم- جميل ظاهري

كثيرة هي الأيام المباركة والمواقف المشرفة التي تميز بها أهل بيت النبوة والرسالة علىهم السلام لتؤكد للجميع منزلتهم الرفيعة والعالىة لدى الباري تعالى ومكانتهم المقدسة التي أكدها الخالق المتعال في محكم كتابه ، ومن تلك الشواهد البارزة للمكانة المميزةلأهل بيت العصمة والطهارة علىهم السلام دون غيرهم هو ذلك الموقف الذي تجسد في يوم الرابع والعشرين من السنة العاشرة للهجرة النبوية المباركة وهو "يوم المباهلة" حيث الاعلان الرباني على وصاية وولاية الامام على وابنائه (ع) قبل يوم الغدير ، حيث قال تعالى: "فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِل فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ" ـ سورة آل عمران الآية61 .* دعوة الرسول (ص) لأهالى نجرانكتب رسول الله ( صلى الله علىه وآله ) كتاباً إلى أساقفة نجران يدعوهم إلى الإسلام ، جاء فيه :" أمّا بعد ، فإنّي أدعوكم إلى عبادة الله من عبادة العباد ، أدعوكم إلى ولاية الله من ولاية العباد ، فإن أبيتُم فقد أذنتم بحرب ، والسلام " . فلمّا قرأ الأسقف الكبير لأهالى نجران الكتاب ذعروا ذعراً شديداً ، فبعث إلى رجل من أهل نجران يقال له "شَرحبيل بن وداعة" كان ذا لب ورأي بنجران ـ فدفع الىه كتاب رسول الله ( ص) فقرأه ، فقال له الأسقف : ما رأيك ؟ فقال "شرحبيل" : قد علمت ما وعد الله إبراهيم في ذرّية إسماعيل من النبوَّة .. (مكاتيب الرسول 2 / 494(، فاجتمع رأيهم على أن يبعثوا بوفد من كبار علمائهم فيأتوهم بخبر رسول الله ( ص).* وفد أهالى نجران في المدينة المنورةوقد قدم على رسول الله (ص) وفد من نجران يضم (22) رجلاً من أشرافهم وكبار قومهم وولاة أمرهم, ومنهم "العاقب" وهو أميرهم وصاحب مشورتهم الذي لا يصدرون إلا من رأيه وأمره واسمه "عبد المسيح"، و"السيد" وهو ثمالهم وصاحب رحلهم واسمه "الأيهم" و"أبو حارثة بن علقمة الأسقف" وهو حبرهم وإمامهم وصاحب مدارسهم وله فيهم شرف ومنزلة وكان ملوك الروم قد بنوا له الكنائس وبسطوا علىه الكرامات لما يبلغهم من علمه واجتهاده في دينهم.* الدعوة للمباهلةفقدموا على رسول الله (ص) وقت العصر.. فسألوه ودارسوه يومهم، فلمّا طالت المناظرة والحّوا في عصيانهم وخصومتهم، ونزلت الآية 61 من سورة آل عمران فدعاهم النبي الأكرم (ص) الى اجتماع حاشد، من أعزِّ الملاصقين من الجانبين ، ليبتهل الجميع إلى الله تعالى ، في دعاء قاطع ، أن ينزل لعنته على الكاذبين . فقبل وفد نجران ذلك ، وقال "أبو حارثة" لأصحابه: انظروا محمداًَ في غد، فإن غدا بولده وأهله فاحذروا مباهلته، وان غدا بأصحابه فباهلوه فإنّه على غير شيء.*معنى المباهلة وصفتها قال ابن منظور: ومعنى المباهلة أن يجتمع القوم إذا اختلفوا في شيء فيقولوا : لعنة الله على الظالم منّا (لسان العرب 11 / 72) .وصف المباهلة: أن تشبك أصابعك في أصابع من تباهله وتقول : اللهم رب السماوات السبع ، والأرضين السبع ، ورب العرش العظيم ، إن كان فلان جحد الحق وكفر به فأنزل علىه حسباناً من السماء وعذاباً الىماً (مجمع البحرين 1 / 258) .* يوم المباهلةذهب رسول الله (ص)صباحاً إلى بيت على (ع) فأخذ بيد الحسن والحسين علىهما السلام وخرج من المدينة وبين يديه على علىه السلام وفاطمة علىها السلام تتبعه.فلمّا رأى ذلك رؤساء نجران قال "أبو حارثة": من هؤلاء الذين معه؟ قالوا: هذا إبن عمّه زوج ابنته يتقدمه، وهذان ابنا ابنته وهذه ابنته أعزّ الناس علىه وأقربهم إلى قلبه وتقدم رسول الله (ص) فجثا على ركبتيه ، فأخذ "السيد" و"العاقب" أولادهم وجاؤوا للمباهلة.قال "أبو حارثة": جثا والله كما جثا الأنبياء للمباهلة، فكع (كع الرجل عن الأمر: أي جبن عنه وأحجم) ولم يتقدم على المباهلة، فقال له "السيد": الى أين تذهب؟ قال: إنّي لأرى وجوهاً لو سألوا الله أن يزيل جبلاً من مكانه لأزاله، فلا تبتهلوا فتهلكوا فلا يبقى على وجه الأرض نصراني الى يوم القيامة.ثم جاء "أبو حارثة" الى النبي (ص) فقال: يا أبا القاسم انّا لا نباهلك ولكن نصالحك فصالحنا على ما ننهض له ، وأن نقرّك على دينك ، ونثبت على ديننا . قال (ص) :" فإِذَا أبَيْتُم المباهلة فأسلِموا ، يَكُن لكم ما للمسلمين ، وعلىكم ما علىهم، فأبوا ، فقال (ص) :" فإنِّي أناجزكم" ، فقالوا : ما لنا بحرب العرب طاقة ، ولكن نصالحك ، فصالحنا على أن لا تغزونا ولا تخيفنا ، ولا تردّنا عن ديننا ، على أن نؤدّي الىك في كل عام ألفي حلّة ، ألف في صفر وألف في رجب قيمة كل حلّة أربعون درهماً ، وعلى عارية ثلاثين درعاً وثلاثين رمحاً وثلاثين فارساً ان كان حربٌ فكتب لهم بذلك كتاباً فانصرفوا راجعين إلى بلادهم.فصالحهم الرسول (ص) وقال :"والذي نَفسِي بِيَده ، إنّ الهلاك قد تَدَلَّى على أهل نجران ، ولو لاعنوا لَمُسِخوا قِرَدة وخنازير ، ولأضطَرَم علىهم الوادي ناراً ، ولأستأْصَلَ الله نجران وأهله حتّى الطير على رؤوس الشجر ، ولما حال الحول على النصارى كلُّهم حتّى يهلكوا"(إقبال الأعمال 2 / 350) .فلمّا رجع وفد نجران لم يلبث "السيد" و"العاقب" إلاّ يسيراً حتى رجعا إلى النبي (ص) فأسلما.*أصحاب المباهلة في كتب أهل السنةروى صاحب الكشاف وجمع من العامة في صحاحهم عن عائشة انّ رسول الله (ص) خرج وعلىه مرط كساء مرحّل من شعر أسود فجاء الحسن فأدخله ثم جاء الحسين فأدخله ثم فاطمة ثم على ثم قال:"إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً"ـ سورة الأحزاب الآية 33.وقال الزمخشري: ما كان دعاؤه إلى المباهلة إلاّ ليتبيّن الكاذب منه ومن خصمه، وذلك أمر يختص به وبمن يكاذبه، فما معنى ضمّ الأبناء والنساء؟ .. ذلك تأكد على ثقته بحاله، واستيقانه بصدقه، حيث استجرأ على تعريض أعزّته وأفلاذ كبده وأحبّ الناس الىه لذلك ولم يقتصر على تعريض نفسه له، وعلى ثقته بكذب خصمه حتى يهلك خصمه مع أحبّته وأعزّته هلاك الاستئصال ان تمّت المباهلة، وخصّ الابناء والنساء لأنّهم أعزّ الأهل الصقهم بالقلوب، وربما فداهم الرجل بنفسه وحارب دونهم حتى يقتل، ومن ثمّت كانوا يسوقون مع انفسهم الظعائن في الحروب لتمنعهم من الهرب.وقدّمهم في الذكر على الأنفس لينبّه على لطف مكانهم وقرب منزلتهم، وليؤذن بأنهم مقدّمون على الانفس مفدون بها، وفيه دليل لا شيء أقوى منه على فضل أصحاب الكساء علىهم السلام (الكشاف: ج1: ص369).* دلالة آية المباهلة على عصمة وأفضلية الامام على وأهل بيته (ع)استدل العلماء بكلمة :" وأنفسنا "، على عصمة وأفضلية الامام على أمير المؤمنين (ع) ، ولعل أوّل من استدل بهذه الآية المباركة هو نفس الامام على (ع) ، عندما احتج في الشورى على الحاضرين بجملة من فضائله ومناقبه ، فكان من ذلك احتجاجه بآية المباهلة ، وكلّهم أقرّوا بما قال وصدّقوه فيه. وسأل المأمون العباسي الامام الرضا (ع) : هل لك من دليل من القرآن الكريم على أفضلية على ؟ فذكر له الامام (ع) آية المباهلة واستدل بكلمتها، لأنّ النبي (ص) عندما أُمر أن يُخرج معه نساءه، فأخرج فاطمة (ع) فقط، وأبناءه فأخرج الحسن والحسين (ع) فقط، وأمر بأن يخرج معه نفسه، ولم يخرج إلاّ على ( ع)، فكان على (ع) نفس رسول الله (ص)، إلاّ أنّ كون ذلك بالمعنى الحقيقي غير ممكن، فيكون المعنى المجازي هو المراد، وهو أن يكون على (ع) مساوياً لرسول الله (ص) في جميع الخصائص والمزايا إلاّ النبوّة لخروجها بالاجماع . وبما أن العصمة من خصوصيات رسول الله (ص)، فآية المباهلة تدل على عصمة على (ع) أيضاً. و أنّه أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فعلى أولى بالمؤمنين من أنفسهم أيضاً، وأنّه أفضل جميع الخلائق وأشرفهم فكذلك على (ع)، وإذا ثبت أنّه (ع) أفضل البشر، وجب أن يليه بالأمر من بعده دون فصل. وقول الرسول (ص) لبريدة: لا تبغض علىاً فإنّه منّي وأنا منه، وإنّ الناس خلقوا من شجر شتّى وخلقت أنا وعلى من شجرة واحدة. وقوله صلى الله علىه وآله بأحد وقد ظهر من نكايته في المشركين ووقايته إيّاه بنفسه حتّى قال جبرئيل: يا محمد إنّ هذه لهي المواساة، فقال: يا جبرئيل إنّه لمنّي وأنا منه، فقال جبرئيل: وأنا منكما (تفسير مجمع البيان / المجلد الأول / للشيخ الطبرسي قدس سره، وبحار الأنوار / المجلد 21 / للعلامة المجلسي قدس سره).* يوم التصدق بالخاتم أيضاًوفي هذا الىوم ايضاً تصدق الامام على بن أبي طالب أمير المؤمنين علىه السلام بخاتمه للسائل أثناء الركوع فنزلت الآية:"إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ" سورة المائدة الآية 55.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك